ديوان الغائبين ديوان الغائبين : حسن عزت - السودان - 1930 - 1967 م

ولد حسن بن محمد عزت في الخرطوم بحري، وفيها توفي.
عاش في السودان، وقضى زمنًا من حياته بالمملكة العربية السعودية.
تلقى تعليمه الابتدائي بمدارس الخرطوم بحري، وتعليمه الثانوي بمدرسة خور طقَّت.
عمل لفترة قصيرة بشركة بترول، ثم التحق مذيعًا بالإذاعة السودانية، ثم سافر إلى السعودية حيث عمل مترجمًا بشركة أرامكو بالظهران، وشارك في نشاط التلفزيون السعودي.
كانت له صلات أدبية مقدرة مع أدباء عصره مثل الشاعر أحمد زكي أبوشادي زمن هجرته إلى أمريكا، والشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان.

الإنتاج الشعري:
- له ثلاثة دواوين هي : «دموع وأشواق» - بيروت 1951، و«ألحان ثائر» - مطبعة مصر - الخرطوم 1956، و«ليالي الضياع» - مخطوط وهو بحوزة أسرته، كما نشرت بعض قصائده في: صوت السودان - والرأي العام - وبعض الصحف السعودية.
له مسرحية شعرية بعنوان «صراع» عن الثورة المهدية في السودان - سلمت لإدارة المسرح القومي بأم درمان 1968، وتشير أوراقه إلى وجود قصائد ومسرحيات أخرى مخطوطة، لم يعثر عليها.

الأعمال الأخرى:
- له مجموعة قصصية بعنوان:«جثة على الرصيف» - القاهرة 1952، ودراسة بعنوان: «محمد علي جناح - المثل الأعلى» بيروت 1952.
من شعراء الوجدان في منحاه الصوفي ونزعته التأملية، التزم بأوزان الخليل وإن جارى التجديد في تنوع القوافي، ولكن التجديد الحقيقي عنده كان في موضوع
القصيدة ووحدتها (الروحية) فإذا ربطت بعض الدراسات بين فنه الشعري وفن الشابِّي فإنَّ لهذا قدراً كبيراً من الصواب. امتاز شعره بجودة السبك وحسن اختيار الألفاظ وبساطة التعبير. وإذا تجاوز مدى الشابي بإسهامه في المسرح الشعري فإن النزعة الدرامية عنده متحققة في قصيدته العمودية، وفي هذا يلتقي مع شعر الشابي أيضا.

مصادر الدراسة:
1 - صلاح الدين المليك: شعراء الوطنية في السودان - جامعة الخرطوم 1957.
2 - عبده بدوي: الشعر الحديث في السودان - المجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية - القاهرة 1964.



[SIZE=6]لوعة صوفي
[/SIZE]
نَضَبَ الكأسُ يـا نديـمـي فدَعْنــــــــــــي
أتـمـلَّى فـي عـالَمـي مـن جـديــــــــــدِ
أتـمـلّى فـي عـالـمـي ثـمَّ أفــــــــــنَى
بـيـن أحنـائِه بروحـي الجـديـــــــــــد
وإذا شئتَ أن تـرانـي تجـدْنـــــــــــــي
فـي نِطـاقِ الندى وعطرِ الــــــــــــورود
فـي افتـرارِ الثغور فــــــــي هَدْأَةِ الغُدْ
رانِ فـي غُنَّةِ الكـمـانِ السعـيـــــــــــد
فـي خرير الأمـواج فـي هـزة الأغْــــــــ
ـصـانِ فـي أنَّةِ الصريعِ العـمـيــــــــــد
فـي بكـاء الـمحـزون فـي أنّة الـمـجْـــــ
ـروحِ فـي زفْرةِ الطريـدِ الشـريــــــــــد
فـي الأغانـي السكرَى يبـدِّدُهـــــــا الغا
بُ، فَتفـنى عـلى ظلالِ الـــــــــــــبُرود
صـورةٌ مـن غـيـاهـب الألـم الـــــــــدّا
وِي ومـن بـهجةِ السـرور العـمـيـــــــــد
أنـا فـي هـذه الـحـيـاة نشـيــــــــــدٌ
مُحْكَمُ الـوقْعِ، سـاحـرُ الـتـرديــــــــــد
أنـا تسبـيحةٌ مـــــــــــــن الخُلْدِ سكرَى
قـد تلاشـتْ فـي رقَّةِ الـمعبــــــــــــود
أنـا فـيضٌ مـن العفــــــــــــــاف تجلّى
طـاهـرَ النّور فـي ظلامِ الـوجــــــــــود
وضـيـاءٌ مـن الـحـيـاة تَهــــــــــــادَى
فـي فـؤاد الزّمـان حـلْوَ النشـيـــــــــد
هـيّنٌ تستخـفّه بسمةُ الطِّفْـــــــــــــــــ
ـلِ، وتُبكـيـه ذابـلاتُ الــــــــــــورود
طـامحٌ، ثـائر الـحفـيظة جـــــــــــــبّا
رٌ قـويٌّ عـلى الصّراع الشديــــــــــــــد
فـنـيـتْ نفسـيَ الغريبةُ فـي الـحُسْــــــــ
ـنِ وفـي السِّحـر، والهـوى، والسجـــــــود
وَمضَتْ تسأل الغـيـوبَ عـــــــــــــن الكَوْ
نِ، وسـرّ الـوجـود فـي ذا الـوجـــــــود!
مـا مدى العـمـر؟ أفْتِنـي، أيـن يـمضــــي
زورقُ العـمـر فـي الخِضَمِّ العـنـيـــــــد؟
مـاضـيًا فـي سُراه يكتب فـوق الــــــــــ
ـمـوجِ سطرًا مـن السطـــــــــــور السُّود!
أنـا مـن فـوقه يـهدّدنــــــــــــي الرَّوْ
عُ، ويُلقـي عـلـيَّ شـرَّ الـوعـيـــــــــــد
تحتـيَ الصخرُ نـاتئُ القـرْنِ، حـولــــــــي
صَرَخـاتُ الرّيـاح إثْرَ الرّعــــــــــــــود
فـي خضمِّ الـحـيـاةِ مزّقَتِ الرّيــــــــــــ
ـحُ شـراعـي وبـدَّدتْ لـي جهــــــــــــودي
وأتـاهَتْ فـي ظُلْمةِ الـحَلَكِ الـــــــــــدّا
جـي شعـاعـي، وشـرَّدتْ لـي رقــــــــــودي
واستبـدّت بـزورقـي الـذّاهلِ الـحَيْــــــــ
ـرانِ فـي لُجَّةِ الخضمِّ العـنـيــــــــــــد
أنـا فـي ذلك الـوعـيـدِ ونفســـــــــــي
نسخَتْ فـي القـرون عهدَ ثـمـــــــــــــود
رجَعتْ للزّمـان حـيرى مـن الخَطْــــــــــــ
ـبِ تـرجّي الزّمـــــــــــــان بعضَ الردود
كلُّ مـا فـي الـوجـود يُطْوى إلى النَّشْــــــ
ـرِ، ولكـن متى انطـواءُ الـوجـــــــــود؟
نحن نمشـي مع الرّكـاب عــــــــــلى الأَرْ
ضِ إلى ظُلـمةِ الـمـنـايـــــــــــا السُّود
نحن نجـري مع الـحـيـاة إلى الـمـــــــو
تِ إلى الشـاطئ القـريب الـبعـيـــــــــد
متِّعِ النفس بـالـحـيـاة ولا تَبْـــــــــــ
ـكِ ديـارًا ولا تقفْ بصعـيـــــــــــــــد
ودَعِ الـحـزن للضعـاف الـحـيــــــــــارى
وَدَعِ الهـمَّ للشقـيّ العـنـيــــــــــــــد
واغتـنمْ لـذةَ الـحـيـــــــــــــاة وغرّدْ
فـي ذرى السِّحـر أعذبَ الـتغريـــــــــــد
مـا خُلقنـا إلى القـيــــــــــــود فحتّا
مَ نُضـيع الـحـيـاةَ بـيـن القـيـــــــود!
كـسِّرِ القـيـد، واطلقِ النفسَ تسعـــــــــدْ
مِنْ إسـار الخَنـا وذلِّ العبـيــــــــــــد


***


[SIZE=6] من قصيدة: المعذَّب
[/SIZE]
إلى روح الشاعر التجاني بشير
لا تُثِرْهُ ولا تُثِرْ بـيَ دائـــــــــــــــي
فكلانـا يـا لائِمـي فـي شقــــــــــــاءِ
برَّح الشكُّ بـالفؤاد فـمـا يَنْـــــــــــــ
ـطقُ إلاّ فـي ريبةٍ أو ريـــــــــــــــاء
وطغتْ ظلـمة الشكـوك فـمـا يُبْــــــــــــ
ـصِرُ إلاّ فـي الظلـمة الســــــــــــوداء
صـورةٌ عذبةُ الـمـنـازع تَسْتَهـــــــــــــ
ـوي الفؤادَ الـمهـيض بـــــــــــالإغراء
لفَّهـا فـي حـلَى الشكـوكِ فبـــــــــــاتَتْ
مـلءَ عـيـنـيـه مــــــــــــن سنًا ورُواء
وأشـاحت بنـاظريـه، فـمـا يَنْــــــــــــ
ـظُرُ إلاّ فـي حسنِهـــــــــــــا اللألاء!
ويحَ قـلـبـي الغريرِ! يـمعـن فـــــي الشَّكْ
ـكِ، ولا يرتضـي بصـوت السمـــــــــــاء!
قـاده الفكر فـي مـجـاهلَ جَدْبـــــــــــا
ءَ، فأودَى فـي ظلـمةٍ جـدْبـــــــــــــاء!
شـاحِذُ الفكر، ثـــــــــــــــائرُ الآراء
بـات مـثلَ الخـيـالِ نِضْوَ عـيــــــــــاء!
أخلص الآهةَ العـمـيـقةَ مـن قَلْـــــــــــ
بٍ نـبـيلٍ مـن سَيْكبِ الأضـــــــــــــواء
وانثنَى يُرسلُ الشَّكـاةَ لهــــــــــــــيفًا
ذاهلَ الفكر، سـاهـــــــــــــــمَ الآراء
لجَّ فـي الشكـوِ واللَّيـاع، فلـــــــــــمّا
أدرك الـيأسَ لجَّ فـي الإغفـــــــــــــاء
نهلـتْ مـن دمـائه حسـرةُ الخَيْــــــــــــ
ـبةِ عـن دفعِهِ لأهل الريـــــــــــــــاء
فَهْو عـودٌ مـن الخلال يـواريـــــــــــــ
ـهِ عـن النـاس كـاذبُ الأزيــــــــــــاء
قـلـت: مـاذا عـن روحه؟ قـال: شهـــــــمٌ
صِيغَ مـن عـنصر الرِّضـا والضـيــــــــــاء
قـلـت: زِدنـي فقـال: أنـبـلُ مـن أنــــــ
ـفـاسِ طفلٍ فـي سـاعة الإغفــــــــــــاء





حسن عزت.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى