أ. د. عادل الأسطة - التضامن مع أسرانا

كان الجو اليوم في ساعات الظهيرة مشمسا ، وكانت الحياة تجري كالمعتاد .
في وسط المدينة وعلى دوارها متعدد الأسماء حسب المراحل الزمنية التي شهدها الشعب الفلسطيني منذ بداية خمسينيات القرن العشرين ( الدوار / دوار الحسين على اسم المرحوم الملك حسين أيام حكمه الضفة الغربية حتى ١٩٦٧ / دوار تل الزعتر منذ سقط مخيم تل الزعتر في آب ١٩٧٦ / دوار الشهداء منذ تكاثر الشهداء ) ، في وسط المدينة وعلى دوارها كان ثمة جمع يتضامن مع أسرانا في سجون أبناء العمومة .
" رأيت مظاهرة فسرت نحوها " وقراء محمود درويش يعرفون قصيدته عن الشخص الغريب التي يقول " رأيت جنازة فمشيت " ، وأخذت أصغي إلى الكلمات تلقى ، ولا أقول " لا أعرف الشخص الغريب " " لا أعرف الأسرى أو الأسير " فهو وهم أبناء هذا الشعب المغلوب على أمره منذ مائة عام ، بل وأكثر .
سارت المظاهرة ودارت حول الدوار تعلو فيها الهتافات المؤيدة لحقوق أسرانا والمتضامنة معهم وسرت معها صامتا أصغي دون أن أردد الشعارات ، فمن سيسمع صوتي ؟
بضع عشرات أو بضع مئات يرفعون الأعلام الوطنية ، والحمد لله ، يستجيبون لنداء اللجنة الوطنية عل صوتهم يصل إلى الأسرى فيشد أزرهم ليواصلوا صمودهم . عل ..
عندما انفضت المسيرة التي قادها بضع شخوص بسيارة حمراء شيوعية من نوع " باص صغير " أو " كابينة مغلقة " ، عندما انفضت المسيرة سرت باتجاه باب الساحة لكي أجلس على مقعد أكتسب فيتامين D لعله يطرد الرطوبة ويقوي العظام التي وهنت تساءلت :
- ماذا قدمت لهذا البلد المنكوب ؟
وعندما جلست على المقعد أصغيت ثانية إلى الأغنية نفسها " كل ده كان ليه ، لو شفتم عينيه " وقلت :
- يبدو أن صاحب المحل مثلي يحب تكرار الإصغاء إلى الأغنية نفسها ، فكثيرة هي المرات التي أصغي فيها إلى " رباعيات الخيام " بصوت أم كلثوم أو بصوت محمد عبد الوهاب أو صوت غيرهما .
عندما رن الهاتف رددت على صديقي الذي سأل عن مكان وجودي ، وعندما حضر ذهبنا معا إلى مقهى الشيخ قاسم / آسم ( بالنابلسي ) لنحتسي معا ، بصحبة صديق ثان ، القهوة المرة / السادة .
في المقهى أخذتنا الذكريات بعيدا إلى أيام دراستنا الجامعية في الجامعة الأردنية .
في سنوات التقاعد نحن إلى الماضي ، ألكي نتذكر شبابنا أم لحنينا إليه أمام وجع الشيخوخة ؟
" كل ده كان ليه ؟ لو شفتم عينيه ، حلوين أد إيه " .
الشمس التي كانت تسطع حجبتها الغيوم ، وشبابنا الغارب حجبته السنون .
عادل الاسطة
مساء الخير
خربشات
٢٨ كانون الأول ٢٠٢١ .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى