سهام ذهنى - بأيام البرد

تبعث البرودة بغموض الظلال . توحى بالانسحاب وبأوان الوحدة .
تبعث البرودة بأنغام مستوحاة من صوت الناى ، تبعث بحنين لشئ مضى ، لأناس أبعدتهم أحمال السنين .
تبعث البرودة بصوت كأنه يردد أشعارا أعجمية ، وأحيانا يترنم بألغاز فلكلورية حول طالع لشجرة ، تلاحقه نداءات بأن يأتى معه ببقرة ، وأن ما يعقب ذلك سيتضمن أن يتولى أمرا آخرا هو أن يحلب البقرة ويقدم الحليب لمن يريد أن يشرب ، فى إيقاظ من البردان للأفكار العبثية .
تدفعنا البرودة إلى الانكماش ، تدفعنا للدخول إلى الذات ، نحكى لها وتحاكينا . فتحرك البرودة ما فينا من شجن ، تحرك ما نخفى من آهات ، تحرك ما به نهمس ، وما كنا به نهذى ، وما كنا حوله لانبوح .
وحين يزداد شعورنا بالبرودة نلجأ إلى المدفأة ، والبحث عن طعام يوفر لنا ما نحتاجه من سعرات حرارية .
تبعث البرودة بالرغبة فى الإغفاء ، أو الاحتماء بغطاء . فنطالب البرودة بألا تطالبنا بأن نتحرك تحت دعوى أن الحركة تبعث فينا بالدفء . لأننا نحن الذين نريد أن نطالبها بأن تصحب معها إلينا بما يدفئنا من أناس ، وأنفاس .

نطالبها بأحبة يشبهون الشمس فى الحنان ، يشبهون ذراعى الأم فيما تمنحه من أمان ، يشبهون صوت عبد الحليم حافظ ، وأشعار أحمد رامى ، ويمسحون على جباهنا بلطف كموسيقى الرحبانية .

نبحث عنهم أو لا نبحث ، ستعبث البرودة بما تبعث ، فلا تعبس .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى