نعمات البحيري - أوراق قليلة عند المنحنى

2928-27a7ebcdc83b98a5a182cf02ed8f0b74.jpg

(أخذني عائد ـ الزوج ـ من يدي وشدني خلفه وأوقفني أمام صفيحة القمامة وراح يخرج تلك الكتلة المؤلفة من أوراق وفوارغ وتفل وقهوة وورق (كلينكس) وبقايا تنظيف
خضراوات وفاكهة كانت ورقة الجريدة التي مسحت بها زجاج نافذة الصالة مبلولة ومطوية وداخلة ضمن نسيج الكتلة وماذا في ذلك إن أمسح زجاج البيت بورق الجرائد ..كانت نظراته تنتفض بشرر لا تطفئه إجاباتي اللامبالية كما تبدو له وكنت لا أزال أحتفظ ببعض من وداعتي في استقبال هوس الآخرين وولعهم بتفاصيل غريبة.. أخبرني بصوت مبحوح أن صورة السيد الرئيس تتصدر صفحة الجريدة .
ـ لم أقصد شيئا مما تخشاه..
مسح الزجاج بالجرائد طريقة أكثر شيوعا بين الناس في بلدي، وبلاد أخرى. بدا عائد وكأن حشدا من كوابيس اليقظة يداهمه.. صفوف من الخوف والرعب والفزع، فراح يفرد لي الصفحة لأرى صورة السيد الرئيس المبلولة والمخدوشة مثل وجه مكرمش ومشوه.. وفي لحظة وكأنه تذكر شيئا، جرى كموسوس إلى باب البيت، يفتحه وينظر يمينا ويسارا، ثم إلى النافذة ليفتح ضلفتيها ويتبصص في كل اتجاه ثم يرفع سماعة التلفون يحدق فيها ويضعها، حدث هذا أكثر من مرة وكأنه يرغب في التأكد من شيء ما. بدا الخوف نابحا فوق ملامح وجه عائد وحركته المشدودة إلى كل أرجاء البيت لم أكن بحاجة إلى أن أستعطفه إن يهدأ ويرتد عن مخاوفه وكوابيسه هذه مكتفيا بإلقاء الورقة في سلة قمامتنا أو سلة قمامة الشارع وليختتم هذا العرض الكابوسي من مهزلة قاتمة. وفي لحظة رأيته يسخر من فِطنتي مؤكدا أن هناك الكثيرين ممن يسيرون في الشوارع، يلتقطون للناس أسبابا لسحقهم كنت أرى رعبة يكاد يطفر من عينيه وينزل على الأرض ليصير كائنات وحشية تضحك كثيرا..).

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى