د. صلاح سلام - كامل الشناوي.. "لا تكذبي"

لاتكذبي .... كان هذا هو الديوان الوحيد الذي جادت به قريحة مصطفى كامل الشناوي وهذا هو اسمه الاصلي واشتهر بكامل الشناوي فقد سماه والده القاضي الشرعي على اسم الزعيم مصطفى كامل حيث ولد بعد وفاته مباشرة وقد مكث خمس سنوات في الأزهر قبل أن يخرج للتعليم العام حيث كان عمه محمد مأمون الشناوي شيخ الازهر ...وقد كان صحفيا بارزا وقد دخل الصحافة من بوابة الشعر فهكذا كان يحلو له أن يقدم نفسه ...وقد أثارت قصيدته لاتكذبي جدلا امتد لعقود..فقد أثير على لسان بعض الصحفيين ومنهم مصطفى امين أن كامل الشناوي كتبها للفنانة نجاة حيث احبها حبا ربما يكون افلاطونيا وانه رأها مع غريمه وقيل انه احد الصحفيين في جلسة غرامية..فكتب هذه الكلمات التي تقطر حزنا من هول ما صوره انه خيانة..وان كان كمال الملاخ ويوسف إدريس كذبوا هذه الرواية ولاتفوت مناسبة الا ويكذب فيها الناقد الفني طارق الشناوي هذه الرواية...وان كانت منطقية الأشياء تقول انه كان يكبر السيدة نجاة بحوالي ثلاثون عاما وقد كتب قصيدته ١٩٦٢... وقد طلبت السيدة نجاة الصغيرة من الموسيقار عبد الوهاب أن تغنيها بعد أن لحنها وغناها بنفسه في إذاعة لندن على العود في سهرة غنائية كان يحضرها كامل الشناوي ..وليس منطقيا أن تغنيها وتكون هي المقصودة...وقد غنتها في فيلم الشموع السوداء قبل أن تغنيها على المسرح وقد حدث خلاف بينها وبين عبد الوهاب فاعطى الاغنية لعبد الحليم حافظ فغناها بعد أن غير الموسيقار علي اسماعيل طريقة التوزيع في اواخر الاغنية ...وبعيدا أن قصة الاغنية فإن كامل الشناوي كان صحفيا ناجحا فقد أجرى اول حديث بعد الثورة مع جمال عبد الناصر وقد كان يظن البعض انه محسوب على الانظمة السابقة...ولكنه كان من أبرز من جسدوا التجربة الناصرية في كتاباته الوطنية ولعل اغنية "انا الشعب" ١٩٦٤..على باب مصر تدق الاكف ويعلو ويعلو الضجيج..رياح تثور..جبال تدور..بحار تهيج وكل تساءل في دهشة..وكل تساءل في لهفة......الى.... وتمضي المواكب بالقادمين من كل لون وكل مجال...ومن عهد مينا لعهد جمال..وبرغم قصائده الحزينة والتي يبدو أنها كانت تعبر عن خلجات قلب محروم يرى الحب ويتأمله ويعيشه مع من حوله ولكن حظه كان فيه قليلا فتجربته الشعرية التي تمخضت عن ..لست قلبي وحبيبها لحليم..ولاوعينيك..وعدت يايوم مولدي لفريد.. كل هذه القصائد التي تغنى بها كبار المطربين تشي بما يجيش بقلب وعقل الشاعر المعذب والذي عاش ٥٧ عاما ولم يتزوج. برغم أن أنيس منصور وصفه باستاذ النكتة والقفشة والشياكة وصاحب تعبيرات مبتكرة يطلقها ليلا فتسري في الصباح على كل لسان فقد كان الشناوي كائن ليلي...أما رجاء النقاش فقد قال أن كل الأوسط الصحفية كانت تعرف قصة حبه المليئة بالعذاب للفنانة نجاة وان هذا الحب هو الذي اضناه وابكاه وحرمه حيث أعطى حبيبته المجد والشهرة والشعر ولم تعطه شيئا فقد احبها فهجرته واخلص لها فخدعته..وظل يكتب عن عذاباته وهو ينزف من جراح الحب الذي عاش مخلصا له حتى فاضت روحه.....ويستدل الناقد الكبير رجاء النقاش على ذلك ..بأن الشاعر والصحفي والكاتب الكبير كامل الشناوي الذي تدرج حتى أصبح رئيس تحرير الجمهورية وهي الصحيفة التي كانت تتحدث بلسان الثورة..كان دائم الضحك والاضحاك..فتحول الى هائم يعيش ليله بين دفاتره ..فيكتب ماذا أقول لادمع سفحتها أشواقي إليك.. ماذا أقول لاضلع مزقتها خوفا عليكي...اقول هانت ..اقول خانت..اقولها لو قلتها اشفي غليلي...ياويلتي لا لن أقول أنا فقولي...وادعى يوسف إدريس انه كان غريمه في هذا الحب وكتب إحسان عبد القدوس قصة وعاشت بين اصابعه مستوحاه من قصة حب كامل الشناوي ونجاة... ولكن الناقد طارق الشناوي مرة أخرى يرد أن فرط الصدق الذي كتب به عمه هذه القصيدة جعل خيال الكتاب يهيم لينسج قصصا عن صاحبها ومن هي النصف الاخر التي كتبت لها؟ ويذكر أنه لم يكتب بالعامية وكان يرى أن الشعر يعيش اكثر ...وفعلا عاش كامل الشناوي شعرا وادبا وصحافة وغناءا بل وجدلا قائما ترى لمن كتب اغنيتة الخالدة"لاتكذبي"والتي عاشت بين المحبين تقطع نياط قلوبهم ...وهناك من الناس من يرى الحب بشكل مختلف ..يراه في ذلك الرجل العجوز الذي كان يتحرى الحلال في الجائزة المالية ويتسائل.."حلال ديياولد عمي"...ومن يرى الحب في ام تحتضن صغيرها وتجر الاخر وتحمل مستلزمات بيتها عائدة من عملها .. او اب يتنقل من عمل إلى آخر ليعود اخر ليلته بما يستر بيته.. وفي جندي يقف في درجة التجمد في كمين او يحرس منشأة او رابضا على الحدود.. فالحب أشكال تراها وقد لاتحسها الا عندما تخلو إلى ذاتك فلا يمكن أن تنسى رجل في مركبه بمجداف وزوجته بمجداف اخر والمركب هي السكن والرزق والفسحة والمقام والمنام... وفي الختام سيظل بيننا الحب هو احلى الكلام

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى