"كان ابن موت".. كلمة الأديب سفيان صلاح هلال في محبة الراحل العزيز محمد عبد المنعم زهران

حين يخطف الموتُ مُتميِّزًّا إنسانيًّا، متفردًا في العطاء وهو في سن صغير؛ لماّنزل ننتظر منه عطاء مستقبليا؛ غالبًا ما نعزي أنفسنا بالمقولة الشائعة: "ابن موت"، ربما لأنه في يقيننا جميعًا أن الحياة عبارة عن حلبة مصارعة كبيرة يملأ أبناءها الطمعُ في اقتناص ما يمكن اقتناصه منها،لا مكان فيها لشخص قرر العطاء ولم يلتفت إلى الأخذ، و"محمد عبد المنعم زهران" واحد من الذين قرروا المنح والسلام في هذه الحياة. كان مبدعًا وإنسانًا وفاعلًا في الوسط الثقافي والحياة الإنسانية. فعلى مستوى الإبداع محمد زهران هو من اجمعت كل الجوائز العربية على استحقاقه لها، فتقريبًا كل أعماله توجت بالمراكز المتقدمة في كبرى الجوائز؛ فحصل على:المركز الأول في مسابقة مجلة القافلة الذهبية – آرامكو السعودية 2004، المركز الأول في جائزة الشارقة للإبداع العربى – القصة القصيرة –2002، المركز الأول في مسابقة د. سعاد الصباح – نص مسرحى – 2001، كما حصل على المركز الثاني عن مجموعته هندسة العالم من المجلس الأعلى للثقافة بمصر 2021، فضلا عن مراكز متقدمة وقوائم طويلة وقصيرة على مدار رحلته الإبداعية القصيرة نسبيًّا، كالمركز الثالث في المسابقة المركزية لهيئة قصور الثقافة 1999/2000، والمركز الرابع في مسابقة أخبار الأدب للقصة – 1999 وغيرهم. محمد عبد المنعم زهران كاتب مجتهد، يتضح من كتاباته المتنوعة في المسرح والقصة وأدب الأطفال والنقد أنه كان واسع الإطلاع على التقنيات الحديثة، ولكنه كان يوظف معارفه بوعي عميق يصنع تكاملًا بين الشكل والمضمون؛ مما يثري العمل ويجعله أكثر قبولًا، يتضح هذا من تنوع إنتاجه في أشكال مختلفة، ويتضح أكثر في النوع الواحد ، فقصصه القصيرة وهي فنه الذي كان أكثر تميزًا فيه، لا تقف عند أسلوب لغوي واحد أو تقنية إبداعية جامدة، وقد تناولتُ هذا التجدد بالتفصيل في دراسة عنه نشرت بكتاب المؤتمر الأدبي لإقليم وسط الصعيد 2021، وكما أنه كان فاعلًا وحالمًا وإنسانيًا؛ كانت مواضيع قصصه تمتاز بالكفاح من أجل تحقيق الأحلام وتختار اللقطات المكثفة، وكما كان محمد يحلم للأخرين في قصصه، كان في حياته يعمل على تحقيق أحلام الغير ما استطاع، أذكر له حين سعى وكوكبة من المبدعين لإنشاء جائزة المنيا للإبداع في 2013 أنه كان على تواصل دائم بالفائزين ومراجعي اللغة والمنسقين ومختاري الأغلفة، وقد لمست هذا بنفسي حيث كنت الحاصل على المركز الأول في هذه المسابقة عن ديواني آثار جانبية، وقد أبلغني صديقي المبدع "علاء سيد عمر" أنه فضلًا عن هذا التواصل كان يأتي من سمالوط إلى ملوي حيث مقر طباعة الأغلفة مسافة تزيد عن 70 كيومتر يوميا ويظل ساهرا حتى الثانية مساء للإشراف على الاختيار والتنسيق والإخراج. وحين تعثرت هذه الجائزة لم يركن محمد للخذلان، ثم ابتكر جائزة ثانية هي جائزة ابن خصيب للإبداع، وتعاون مع دار نشر خاصة لخدمة الجائزة والإبداع وخاصة أدب الطفل. هكذا ظل محمد شعلة ينصحنا دائما بالتفرغ من الصراعات الجانبية لننكب ونخلص لإبداعنا مرددًا دائما لن يبقى من الكاتب غير كلمته، وكما استطاع أن يجعلنا نفرخ له حين حصوله على كل جائزة؛ استطاع في هذا الصباح 29 مارس 2022 أن يجعلنا نبكي مفجوعين من رحيله في وقت كنا ننتظر فيه عطاء جديدا متميزا منه، لكن مهندس العالم يبدو أنه أحزنته الجوائح المصنعة والحروب الآثمة فقرر الرحيل مثلما قرر من قبل التعالي عن الصراعات القاتلة للحلم والإبداع ومشاعر الحب، استطاع الموت أن ينصب له الشباك ليفلح في اصطياد صائد الجوائز، لكن عزاءنا أن الكلمات التي كان يؤمن ببقائها لمّا تزل باقية، فقد ترك لنا أربع مجموعات قصصية من أحسن القصص الحديث والمعاصر هي: حيرة الكائن دائرة الثقافة والإعلام – الشارقة – 2002، بجوارك بينما تمطر - دار الأدهم 2013، سبع عربات مسافرة - قصص - دار النسيم للنشر والتوزيع 2017، هندسة العالم -- مجموعة قصصية دار المتوسط 2020. كما أصدر مسرحيات أشياء الليل – مسرحية – دار سعاد الصباح – الكويت –2001، وعبده الكتب المركز الأدبى – أسيوط
وزيارة عائلية – مسرحية - المركز الأدبى – أسيوط – 2013، كما أصدر للأطفال
سلسلة قصص دار أصالة للنشر والتوزيع - بيروت 2017.الدجاجة الصغيرة / الأرنب والببغاء/ أسرة سعاد السعيدة. ونشر الكثير من الراسات الأدبية وغير هذا .. رحل محمد عبد المنعم زهران، لكن العالم هل ينسى هذا المبدع الذي عاش يعطي له ومات كمدا عليه؟




1648834622970.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى