محمد عباس محمد عرابي - الجواب في القرآن الكريم

أصناف الخطابات والجوابات في القرآن هي الفصل السابع
من كتاب جامع علوم القرآن بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروزآبادى، حيث تحدث هذا الفصل عن أصناف الخطابات والجوابات التي يشتمل عليها القرآن، فلهذا الفصل طرفان: الأول في فنون المخاطبات. والثاني في الابتداءات والجوابات.
وقد أشرنا إلى المخاطبات في فصل سابق عبر شبكة الأنطولوجيا ، وفي هذا المقال نذكر نص ما ذكره الفيروزآبادى في الطرف الثانى من هذا الفصل في الابتداءات والجوابات. ويسمى تراجع الخطاب.
والجواب يكون انتهاء، والسؤال يكون ابتداء. والسؤال يكون ذكرا، والجواب يكون أنثى، فإذا اجتمع الذكر والأنثى يكون منه نتائج وتولدات.
وترد أنواع الجوابات في نص القرآن على أربعة عشر وجها:
*الجواب الأول: جواب موصول بابتداء:
جواب موصول بابتداء، جواب مفصول عنه، (جواب) مضمر فيه، (جواب) مجرد عن ذكر ابتداء، جوابان لابتداء واحد، جواب واحد لابتداءين، جواب محذوف، جواب إلى فصل غير متصل به، جواب في ضمن كلام، (جواب في نهاية كلام)، جواب مداخل في كلام؛ جواب موقوف على وقت، جواب بفاء، جواب الأمر والنهى وغيرهما، جواب شرط، جواب قسم.
*نماذج الجواب الموصول بابتداء:
أما الجواب الموصول بابتداء:
فقوله تعالى: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي} الإسراء /آية 85
وقوله تعالى: {ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير} البقرة /آية 220
وقوله تعالى: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير} البقرة /آية 217
وقوله تعالى: {ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو} البقرة /آية 219
وقوله تعالى: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهمآ إثم كبير} البقرة /آية 219
وقوله تعالى: {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى}. البقرة /آية 222
*الجواب الثاني :
وأما الجواب المفصول عن الابتداء فنوعان:
الأول :
أن يكون الابتداء والجواب في سورة واحدة:
كقوله في الفرقان /آية 7{وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام} جوابه فيها: {ومآ أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام} الفرقان /آية20
وكقوله في البقرة: {كتب عليكم الصيام} البقرة /آية 183
جوابه فيها {فمن شهد منكم الشهر فليصمه}. البقرة /آية 185
والثانى:
أن يكون الابتداء في سورة، والجواب في سورة أخرى، كقوله في الفرقان: {قالوا وما الرحمن} الفرقان /آية 60
جوابه {الرحمن * علم القرءان}الرحمن /آية 1،2
وفى الأنفال، {لو نشآء لقلنا مثل هذا} جوابه في بنى إسرائيل {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا} الآية، وفى سورة القمر {نحن جميع منتصر} جوابه في الصافات {مالكم لا تناصرون}.
*الجواب الثالث : الجواب المضمر في الابتداء :
وأما الجواب المضمر ففى سورة الرعد {ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى} جوابه مضمر فيه أى (لكان هذا القرآن).
*الجواب الرابع : الجواب المضمر عن ذكر الابتداء :
وأما الجواب المجرد عن ذكر الابتداء فكما في سورة المائدة: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح} فإنه في جواب الصحابة: فكيف من شرب الخمر قبل تحريمها ومات. وفى سورة البقرة {وما كان الله ليضيع إيمانكم}في جواب أناس قالوا كيف: بمن صلى إلى بيت المقدس قبل تحويل القبلة.
*الجواب الخامس : جوابان لسؤال واحد:
وأما جوابان لسؤال واحد كقوله في الزخرف {لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} فله جوابان: أحدهما {أهم يقسمون رحمت ربك نحن قسمنا}
والثانى في سورة القصص: {وربك يخلق ما يشاء ويختار}، ونحو قوله {ويقول الذين كفروا لست مرسلا} أحد جوابيه {يس * والقرآن الحكيم * إنك لمن المرسلين} وثانيهما {ياأيها النبي إنآ أرسلناك شاهدا} وفى سورة الفتح {محمد رسول الله}، وكقوله: {وقالوا معلم مجنون} جوابه في السورة {وما صاحبكم بمجنون} وجواب ثان في سورة ن {مآ أنت بنعمة ربك بمجنون} وجواب ثالث في سورة الأعراف: {أولم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة}.
*الجواب السادس : جواب واحد لاتبداءين:
وأما جواب واحد لاتبداءين فكقوله في سورة النور {ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رءوف رحيم} وابتداء هذين الجوابين حديث الإفك. ونظير هذا في سورة الفتح "لولا رجال مؤمنون" إلى قوله "لو تزيلوا" وابتداؤه صد الكفار المسلمين عن المسجد الحرام.
*الجواب السابع : جواب واحد لاتبداءين:
وأما الجواب المحذوف فكقوله في سورة البقرة {ولما جآءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم} جوابه {كفروا به} وهو محذوف ومثل قوله: {أفمن كان على بينة من ربه} جوابه محذوف أي حال هذا الرجل كحال من يريد زينة الحياة الدنيا.
الجواب الثامن : الجواب الذى يكون راجعا إلى فصل غير متصل بالجواب:
وأما الجواب الذي يكون راجعا إلى فصل غير متصل بالجواب فكقوله في سورة العنكبوت {وإبراهيم إذ قال لقومه} جوابه {فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه} وهذا في يس: {وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم} جوابه {ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين} وعلى هذا القياس مناظرة موسى وفرعون في سورة الشعراء في قوله: {قال فرعون وما رب العالمين}.
الجواب التاسع الجواب الذي يكون في ضمن كلام:
وأما الجواب الذى يكون في ضمن كلام فكما في سورة (ص) لما زعم الكفار أن محمدا غير رسول بالحق نزلت الآية مؤكدة بالقسم لتأكيد رسالته {ص والقرآن ذي الذكر} إلى قوله {وعجبوا} وكذا قال {ق والقرآن المجيد} إلى قوله {إن هذا شيء عجيب} وهكذا في سورة الملك {أمن هذا الذي يرزقكم} جوابه في ضمن هذه الآية {قل هو الرحمان آمنا به} وأما الجواب الذى يكون في نهاية الكلام فكقوله {إن الذين كفروا بالذكر لما جآءهم}
الجواب العاشر الجواب الذي يكون في منتهى الفصل:
جوابه في منتهى الفصل {أولائك ينادون من مكان بعيد} وفى سورة الحج {إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله} جوابه {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} وفى سورة الكهف {سيقولون ثلاثة} جوابه {قل ربي أعلم بعدتهم} وفى سورة الأنعام {وما قدروا الله حق قدره} إلى قوله {من أنزل الكتاب الذي جآء به موسى} جوابه {قل الله ثم ذرهم}.
الجواب الحادي عشر الجواب المداخل:
وأما الجواب المداخل ففى سورة يوسف {ماذا تفقدون * قالوا نفقد صواع الملك} وفى قصة إبراهيم {إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون}.
الجواب الثاني عشر الجواب الموقوف على وقف الوقت:
وأما الجواب الموقوف على وقف الوقت فكقوله {ادعوني أستجب لكم} فقالت الصحابة: متى وقت إجابة الدعاء؟ فنزلت {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب} وأيضا لما نزلت {استغفروا ربكم إنه كان غفارا} قالوا: متى وقت الاستغفار؟ فنزلت: {والمستغفرين بالأسحار}.
الجواب الثالث عشر : جواب الشرط والجزاء
وأما جواب الشرط والجزاء بغير فاء فمجزوم كقوله {ومن يؤمن بالله يهد قلبه}، من يغز يغنم، من يكظم غيظا يأجره الله.
وأما جواب الشرط بالفاء فمرفوع {ومن عاد فينتقم الله منه} {فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا}.
وأما جواب الأمر والنهى والدعاء والتمنى والاستفهام والعرض بغير فاء فمجزوم، وبالفاء منصوب. والأمر كقوله {أرسله معنا غدا يرتع ويلعب} لا تضربنى أشتمك، اللهم أعطنى أشكرك وكذافي غيره.
وأما بفاء فكقولك زرنى فأكرمك، {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض}، {ياليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما} وكذافي غيرها لا جواب النفى، فإنه إذا كان بلا فاء فمرفوع كقوله {ما كان حديثا يفترى}.
الجواب الرابع عشر : جواب القسم :

وأما جواب القسم فأقسام القرآن ثلاثة (أنواع: إما قسم بأسماء) الله تعالى، كقوله: {فوربك} وإما بمفعولاته كقوله: {والفجر}، {و الشمس}، {والعصر}. وإما بأفعاله كقوله: {والسمآء وما بناها * والأرض وما طحاها}.
ولا بد للقسم من جواب إما بإثبات أو بنفى. وتأكيد الإثبات يكون بإن وباللام أو بهما. أما بإن فكقوله {والعصر * إن الإنسان لفى خسر} وقوله: {والفجر} إلى قوله {إن ربك لبالمرصاد}. وأما بهما فكقوله {فورب السمآء والأرض إنه لحق}.
هذه فنون الجوابات، وأنواع الخطابات التى نطق بها القرآن.
المرجع :
  1. مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى (المتوفى: 817هـ) ، بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز ،المحقق: محمد علي النجار الناشر: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية - لجنة إحياء التراث الإسلامي، القاهرة عدد الأجزاء: 6 [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] عام النشر: جـ 1، 2، 3: 1416 هـ - 1996 م جـ 4، 5: 1412 هـ - 1992 م جـ 6: 1393 هـ
2- زيد الرماني ، من كنوز القرآن الكريم ، الرياض ،دار طويق ،1424هـ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى