تميم بن مقبل - طرقتك زينب بعدما طال الكرى

طَرَقَتْكَ زَيْنَبُ بَعْدَمَا طَالَ الْكَرَى
دُونَ الْمَدِينَةِ غَيْرَ ذِي أَصْحَابِ
إِلاَّ عِلاَفِيّا وَسَيْفاً مُلْطَفاً
وضِبِرَّةً وَجْنَاءَ ذَاتَ هِبَابِ
طَرَقَتْ وَقَدْ شَحَطَ الفُؤادُ عَنِ الصِّبَا
وَأَتَى المَشِيبُ فَحَالَ دُونَ شَبَابِي
طَرَقَتْ بِرَيَّا رَوْضَة وَسمِيَّة
غَرِدٍ بِذَابِلِهَا غِنَاءُ ذَبابِ
بِقَرَارَةٍ مُتَرَاكِبٍ خَطْمِيُّهَا
وَالمِسْكُ خَالَطَهَا ذَكِيُّ مَلاَبِ
خَوْدٌ مُنَعَّمَةٌ كَأنَّ خِلاَفَها
وَهْناً إذَا فُرِرَتْ إلَى الجِلْبَابِ
دِعْصَا نَقاَ رَفَدَ العَجَاجُ تُرَابَهُ
حُرٍّ صَبِيحَةَ دِيمَةٍ وذِهَابِ
قَفْرٍ أَحَاطَ بِهِ غَوَارِبُ رَمْلَةٍ
تَثْنِي النِّعَاجَ فُرُوعُهُنَّ صِعَابِ
وَلَقَدْ أَرَانَا لاَ يَشِيعُ حَدِيثُنَا
في الأقْربِينَ وَلاَ إلَى الأَجْنَابِ
ولقد نعيش وماشيانا بيننا
صلفان وهي غريزة الاتراب
إِذْ نَحْنُ مُحْتَفِظَانِ عَيْنَ عَدُوِّنَا
في رَيِّقٍ مِنْ غِرَّةٍ وَشَبَابِ
تَبْدُو لِغِرَّتنَا وَيَخْفَى شَخْصُهَا
كَطُلُوعِ قَرْنِ الشَّمْسِ بَعْدَ ضَبَابِ
تَبْدُو إذَا غَفَلَ الرَّقِيبُ وَزَايَلَتْ
عَيْنُ الْمُحِبِّ دُونَ كُلِّ حِجَابِ
لَفَظَتْ كُبَيْشَةُ قَوْلَ شَكٍّ كَاذِبٍ
مِنْهَا وَبعْضُ القَوْلِ غَيْرُ صَوَابِ
قَوْمِي فَهَلاَّ تَسْأَلِينَ بِعِزِّهِمْ
إذْ كَانَ قَوْمُكِ مَوْضِعَ الأَذْنَابِ
مُضَرُ الَّتي لاَ يُسْتَبَاحُ حَرِيمُهَا
وَالآخِذُونَ نَوَافِلَ الأَنْهَابِ
وَالحَائِطُونَ فَلاَ يُرَامُ ذِمَارُهُمْ
وَالحَافِظُونَ مَعَاقِدَ الأَحْسَابِ
مَا بَيْنَ حِمْصَ وَحضْرَمَوْتَ نَحُوطُهُ
بِسُيُوفِنَا مِنْ مَنْهَلٍ وَتُرَابِ
في كُلِّ ذلِكَ يا كُبَيْشَ بُيُوتُنَا
حِلَقُ الحُلُولِ ثَوَابِتَ الأَطْنَابِ
آطامُ طِينٍ شَيَّدَتْهَا فَارِسٌ
عِنْدَ السُّيُوحِ رَوَافِدٍ وقِبَابِ
نَرْمي النَّوابِحَ كُلَّمَا ظَهَرَتْ لَنَا
وَالحَقُّ يَعْرِفُهُ ذَوُو الأَلْبَابِ
بِكتَائِبٍ رُدُحٍ تَخَالُ زُهَاءَهَا
كَالشِّعْبِ أَصْبَحَ حَاجِراً بِضَنَابِ
وَالزَّاعِبِيَّةِ رُذَّماً أَطْرَافُهَا
وَالخَيْل قَدْ طُوِيَتْ إلَى الأَصْلاَبِ
مُتَسَرْبِلاَتٍ في الحَدِيدِ تَكُفُّهَا
شَقِّيَّةٌ يُقْرَعْنَ بِالأَنْيَابِ
مُتَفَضِّخَاتٍ بِالحَمِيمِ كَأّنَّما
نُضِحَتْ لُبُودُ سُرُوجِهَا بِذِنَابِ
حُوٍّ وَشُقْرٍ قرَّحٍ مَلْبُونَةٍ
جُلُحٍ مُبَرِّزَةِ النِّجَارِ عِرَابِ
مِنْ كُلِّ شَوْحَطَةٍ رَفِيعٍ صَدْرُهَا
شَقَّاءَ تَسْبِقُ رَجْعَةَ الكَلاَّبِ
وَكُلِّ أَقْوَدَ أَعْوَجِيٍّ سَابِحٍ
عَبْلِ المُقَلَّدِ لاَحِقِ الأَقْرَابِ
يَقِصُ الذُّبَابَ بِطَرْفِهِ وَنثِيرِهِ
وَيُثِيرُ نَقْعاً في ذُرَى الأَظْرَابِ
وَسُلاَحِ كُلِّ أَشَمَّ شَهْمٍ رَابِطٍ
عِنْدَ الحِفَاظِ مُقْلِّصِ الأَثْوَابِ
بالمُشْرَفيِّة كُلَّما صالوا بها
قَطَعَتْ عِظامَ سَواعِدٍ ورِقابِ
أعلى