أ. د. عادل الأسطة - إلياس خوري وبنيامين تموز أولاد الغيتو ومنافسة سباحة

[HEADING=1]هل رواية إلياس خوري «أولاد الغيتو: اسمي آدم» هي فسيفساء من نصوص الآخرين؟ لما تسلم محمود درويش جائزة من هولندا، وأجريت معه مقابلة سُئل فيها عن أشعاره، قال: إن أشعاري هي فسيفساء من نصوص الآخرين»، وأظن أن هذا الرأي ينطبق على أشعاره منذ «لماذا تركت الحصان وحيداً؟» (1995)، إلى حد ما. خوري هو توأم درويش، أو توأم روحه، وأظن أن التعبير لدرويش نفسه، وأجزم أن هناك تقاطعات كبيرة جداً بين الاثنين، تبرز أكثر ما تبرز في الرواية الأخيرة لإلياس. ثمة (موتيفات) تتكرر: الضحية/ الجلاد، الذاكرة، كتابة الحكاية، النص المتكون من نصوص. هناك عبارات دالة جداً في رواية إلياس سأقتبس بعضها. في ص127 ترد فقرة مهمة جداً: «وضعت الميراث في حقيبتي ومضيت، وعندما قرأته في الغرفة الضيقة، حيث أقمت داخل كراج الخواجة غبريال أحسست لأول مرة أنني أشبه شخصية في رواية، ولست إنساناً حقيقياً»، وهو ما لاحظناه في رواية «العاشق» لـ (أ. ب. يهوشع). وفي ص151 يقول آدم: «فأنا كاتب ممتلئ» بالنصوص التي قرأتها، وأتعامل معها بوصفها حقيقية، موظفاً خيال الآخرين، من أجل خدمة خيالي.» وأظن أن التعبير هذا ينطبق 100% على إلياس في روايته هذه، وإن لم يكن كلام آدم هذا كلام إلياس نفسه، حيث ينطبق على حالته، فكلام من سيكون؟ محمود درويش، فوزي الأسمر، أنطون شماس مثلاً؟ إن التقاطعات بين آدم بطل الرواية وشخصيتها المحورية وإلياس خوري كاتب الرواية كثيرة جداً، والتطابق بينهما أكثر من الاختلاف. والقول السابق من التطابقات بينهما. وفي ص 152 يتابع آدم «قررت أن أتوقف عن الكتابة عبر تحويل الكتابة إلى لغة شخصية من خلال هذا النص الذي أشعر وأنا أكتبه بأنني أعيد كتابة جميع الروايات التي أحببتها.» هل تختلف عبارة آدم هذه عن إشارات إلياس خوري في ص421 التي أوردتها في مقالات سابقة، ومنها: «وفي النهاية فإن هذه الرواية لم تكن ممكنة لولا قراءتي،.... ونصوص من الأدبين الفلسطيني والعبري»؟ أجزم أنها لا تختلف إطلاقاً. يكتب آدم في ص125 «حفظت شعر بياليك وقرأت روايات يزهار، وسحرني آغنون، وأدهشني بنيامين تموز...». وإذا كان آدم قرأ هذه الكتابات باللغة العبرية، حيث درس الأدب العبري، فإن قارئ مقالي قد يسألني: هل يعرف إلياس خوري العبرية ويجيدها لتطابق بين آدم وإلياس؟ يقر إلياس بعنصر الخيال في الرواية، وبممارسة آدم اللعب، وهو ما يمارسه إلياس، وهذا ضرب من اللعب الروائي، والدليل أن إلياس لم يلتفت جيداً إلى الجامعة التي درس فيها بطله الأدب العبري، فهي تارة حيفا، وهي طوراً تل أبيب. وإلياس يجيد غير لغة: الإنجليزية وأظن الفرنسية، ومن خلال هاتين قرأ الأدب العبري المترجم إليهما، بل والمترجم إلى العربية. يقر آدم بأن (بنيامين تموز) أدهشه، فهل كان لقصص هذا حضور في رواية «أولاد الغيتو»؟ وأنا اقرأ عن مأساة الفلسطيني مفيد شحادة (ص241 وما بعدها) تذكرت قصة (تموز) «منافسة سباحة». مفيد شحادة مواطن فلسطيني كان والده يقيم علاقات مع يهود من خلال بيع الخضار، وكان يعرف أستاذاً يهودياً بنى مستعمرة للتعايش بين اليهود والفلسطينيين هو (سيغفريد ليهمان)، وعلّم هذا (شموئيل كوهين) الذي نفذ الطرد الجماعي لسكان مدينة الخضر، وارتكب فيها أكبر مذبحة حصلت في حرب النكبة العام 1948. وكان (ليهمان) أعطى والد مفيد ورقة قال له فيها أن يعطيها لـ (شموئيل) إذا ما ساءت الظروف، وقد تذكر مفيد هذه الورقة في أثناء حصار اللد وطرد سكانها وحصار من تبقى من السكان فيها، وقد أمل أن يساعده (شموئيل كوهين)، ولكن دون جدوى، فقد أطلقت النيران على مفيد وقتل دون أن يحرك (شموئيل) ساكنا. قصة مفيد شحادة لا تختلف عن قصة عبد الكريم في قصة (تموز). كانت ثمة علاقات صداقة تربط بين أسرتي عبد الكريم وأسرة سارد قصة «منافسة سباحة»، ولم يفعل السارد شيئاً ليحول دون قتل عبد الكريم في الحرب، ما يذكر بما قاله جد مفيد له: «تحقيق مهمش لليهود هيدول بلا شرف». وأعتقد أن الأمر يحتاج إلى أكثر من هذا.[/HEADING]


[HEADING=1]أ. د. عادل الأسطة[/HEADING]
2016-04-17

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى