رئوبين - أنشودة النصر

أحاط بنا الأعداء ، ألبوا علينا المدينة والقرية ، وفتحت الصحراء فاها خرج الفلاحون من أوكارهم ، من دير ياسين مأوى الذئاب ، من المالحة التي تبني بأموال اليهود،من قالونيا ، من شعفاط من بيت صفافة ، ومن صور باهر مكمن اللصوص ، تجمعوا من منازلهم ، وجاءوا بالعصي بتظاهرون ، وكان السلاح الناري ، مخبوءاً تحت عباءاتهم .

تقاطروا من أنحاء البلاد : أشرار يافا نفاية البحر العكر ، وجاء وحوش الصحراء للبلد من جبال : اليهودية ومن سهول أريحا ، جاءوا للتنكيل والتدمير والسلب.

حاربنا أعداءنا على أبواب القدس ، وماجت الجموع في مسجد عمر ، حتى كأن المسجد مغارة قطاع طريق ، أو بيت معد لعشرات الألوف من قاذورات سكان فلسطين .
حرضهم المحرضون فأجابوهم بما في مناطقهم من خناجر:

"هيا بنا الى منازل اليهود ، منازل اليهود الغنية التي لا حماة فيها.

تعالوا نضرب اليهود . نقتلهم . نذبحهم . نرث أموالهم كلها.

وانقسموا الى قسمين رئيسيين ، اتجه أحدهما الى باب العامود ، الى دار الحكومة ، وهناك وقفوا بالباب وتلقوا النصائح ثم عبروا الميدان والشارع ذاهبين الى ميشوريم.

أفسح البوليس العربي المجال ، واندفع فارس الصحراء الى الشارع ومدّ خرطومه في حلق الشارع اليهودي . بدو سود تتدلى شعورهم. رجال حرب منذ الطفولة ، وخلفهم الفلاحون يموجون بمن فيهم من التماسيح.

المعتدين ، وأبناء الارستقراطية الخبثاء المداورين.

حينئذ خرج رجال إسرائيل ، نزلت بقية الشعب العظيم . نزلوا وسلاحهم مسدد الى وجوه الأعداء وأيديهم مستعدة للعمل.

شقت القذائف النارية قلب الصفوف الأمامية . وشق الرعب قلوب الألوف فولوا الأدبار يعلوهم الخجل. أبناء القرى وأبناء الصحراء معاً، والشرطة أيضاً ، وكان الارستقراطيون أسرع في الفرار. ناجين بالأرواح.

وأما القسم الثاني فولى وجهه شطر طريق يافا وجبارين هنوس وعين موشة (أحياء يهودية في القدس). هاجوا وماجوا واندفعوا الى البيوت يقتلون وينهبون. وحينئذ ارتفع يمين موشة فجزت رقاب أبناء إسماعيل الذين هلعت قلوبهم وذابت. من سبعة طرق هربوا من البلد يتزاحمون مكتوفي الرؤوس رجمهم شبابنا بالأحجار ، وبصقت نساؤنا في وجوههم. كيف فر أبطال العرب؟ كيف صاروا خفاف الأرجل في الهزيمة.

ووقف الهاربون بعيداً في الجبال فنظروا هزيمتهم وعدوا جرحاهم ، وكان الجرحى أكثر من الخجل. وبعد ذلك أرسلوا وفودهم للمدن والقرى يقولون "امنحونا إعانات".

جاءوا من أنحاء البلاد . ملأوا التلال كالجراد . عسكروا في مدينة داود.

أحاطوا بها من كل فج. وكانت بنادقهم بنادق جنود معدة للقتل ونطاقاتهم مثقفة الرصاص.

وظلوا يتواردون ، ويتوارد عليهم السلاح الناري بالسيارات من مستودعات القدس ومن المستودع الضخم الذي أعد بدراهمنا في شرق الأردن.

ثبتت أقدام المدافعين فلم يتقهقروا ، وامتدت أيديهم فلم ترجع فارغة.

فما أكثر قتلاكم يا أبنا هاجر؟

تقهقر العدو يعلوه الخجل: فر كالكلب المضروب ذنبه مدلى الى الأرض.

وقام حراس صهيون فحافظوا على الطرق وهناك سيارة مسرعة فلحقوا بها وأوقفوها وقسموا بينهم ما كان فيها من أسلحة جيدة منتخبة.

وأطل "ملز" العميد من الشباك متسائلاً:

لماذا تقهقر الجيش العربي ؟ لماذا تزعزعت أقدام أفراده العديدين؟ وقد رد عليه موظفوه الأذكياء ، قائلين: ها هم يضربون ويدمرون ، ها هم يقطعون نسل إسرائيل . وها هم يذلون عزة اليهود. واجتمع المشايخ والموظفون ورؤساء العائلات يتشاورون في جحورهم. اجتمعوا في المدينة القديمة لا يجرأون على الخروج منها . أرسلوا المناشير فوزعت في أنحاء فلسطين: صرخة مرة وغليان ثعبان قد داسته الأقدام.

وجاء في المنشورات : "الله لنا. فاز أعداؤنا في القدس. استولوا على المسجد ذبحوا أبناء عمنا. نحن وحدنا الذين نجونا . تعالوا أنقذونا!

ولكن من ينقذكم يا مختلقي الأكاذيب ، يا زعماء العائلات النبيلة. يا شجعاناً في ذبح العزل من السلاح ، وفي شق بطون الحاملات وفي سحق جماجم الأطفال.

على من تتكلمون وجموعكم ذابت، ورموش الصحراء قذفهم الهواء الى حيث كانوا. ووحوش القرى تفرقوا كالغنم بغير راع بل كالقطيع الخائف المنزعج ، قلوبهم كقلوب الأرانب ، أو كقلوبكم أنتم تماماً. يا أبناء صهيون الشجعان ، يا من كرستم أنفسكم للتضحية ، وأنتن يا بنات صهيون المخلصات ، وأنتم يا أبناء الشعب الذي لا يخضع.

اخرجوا جميعاً راقصين على نغمات الطبول . أنه يوم عيد لنا في القدس عيد النصر للأجيال القادمة وأنتم اسمعوا يا من في الخارج.

لقد كانت الحرب في سبيل صهيون المقدس ، في سبيل مدينة داود الجديدة. المدينة التي حزمت وسطها واستعدت ، وخرجت مقابلة أعداءها جميعاً ثم هزمتهم وفرقتهم بسيفها ونبالها.

اسمعوا هذا يا من في الخارج . تعالوا إلينا عشرات الآلاف. تعالوا لنتقوى ونفوز. حينئذ تهمد فلسطين ونعيش مطمئنين




* نظمها الشاعر اليهودي رئوبين
(معربة عن جريدة دوارها يوم)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى