محمد عبدالعزيز أحمد (محمد ود عزوز) - أتذكر جيداً قبل أيام قليلة

اتذكر جيداً
قبل أيام قليلة
كُنت اكتب الشعر
شعرا يشبههم ، يشبه من يجلس في مقهى هادئ
يضع يده على رأسه ممسكاً سيجارة
وضعية الواقع في فخ نفسه
شعر يشبه افكار هيدغر حول الكينونة
وتنظيرات هيغل في الجدل
يشبه الرقصة الاباحية في سفينة الحمقى التي غازلها فوكو
يشبه مخبول نيتشة الذي يتحول بحثاً عن الرب الذي توفى
ولكنني ظللت
اتساءل هل كُنت حقاً اكتب الشعر ؟
ام افتح حنفية الوقت ، لأترك الاباحة النائمة في الوجوه
تسيل
ثم فكرت في الشعر ، ليس في تلك الحنفية المفتوحة على اجساد الغير
فكرت في الشعر الحقيقي
في حمالة صدرك المنقطة بالأسود ، الشامة على العنق
الوركين الناعمين ، ببثورهما التي تبدو
وكأن يد الرب ارتجفت ، في لحظة ما من الفخذ
فتدفقت
افكر في يدك على صدري ، تتمشى كفتاة باريسية شقراء ، تُنزه كلبتها في صباح ممطر
افكر في كلبتك ، تأكل العشب
قبل ايام قليلة كُنت اكتب الشعر
امسك سكينا اجرح يدي ، ثم اصرخ ، هكذا نزفتني البلاد
جرحا مُتعمدا
ثم اصف لون الدم احمر ، ارجواني، قرمزي ، مائل الى الشعر قليلاً
ثم اصف الموت ، كهف ضخم ، يبتلع الخارج ببطء
ثم اصف العدم ، ظلا ينتصر على الضوء
ثم اتساءل هل كنت حقاً اكتب الشعر ؟
ثم اتذكر الشعر الحقيقي
مشهدك
تقفين امام المرآة
عارية تماماً
اراكِ من السرير ، انتِ وانعكاسك ، كم تشبهين انعكاسك
واندهش
اليس هذا هو الشعر
ان تقبليني
فاشعر بأنكِ تقبليني حقا
اليس الشعر حيث الاشياء تعود الى نفسها بصدق
قبل أيام كنت اكتب الشعر ؟
اتذكرني وحيداً
ابكي
ثم اكتب
كنت املك اما ، ذات وجه يشبه السلام ، ولها تجاعيد تحفظ جسدي عن ظهر حليب ، لكنها لم تمد يدها لتستوقفني وانا اقذف بي عن الجسر
بل
صرخت قبل الارتطام ، لا تنس الخبز
ابكي
وانا اكتب انه كان لي حيا ، ذاكرة غباش ، قُبلة اولى ، عمود انارة ،
عراكا على جسد فتاة بلغت الميدان لتوها
اتذكر ان لي حيا ، منحته ذاكرة
حين اصيبت رجلي
سحب عني الطريق
اكتب ، كان لي وطن ، ، تحولت لأجله لدودة قز، اخرج من مؤخرتي خيوطا خضراء وحمراء وبيضاء وحتى سوداء ، حين اكتمل مخاضي ، وحين اكملت العلم
مزق الخيوط صانعاً حبلا
وشنقني
اتساءل هل كنت حقاً اكتب الشعر ؟
اين الشعر في أن اترك الحدائق واتغزل في الكنبة الفارغة
أين الشعر في أن ابكي الغابة ليس حزناً على العصافير
بل افتقادا للتابوت
لكنني اتذكركِ
اتذكر الشعرية في المشهد
وانتِ تنزعينني كخرقة بالية ، تقذفينني نحو الواحدة فقداً
تنسلين من البيت
لينسل البيت ، لينسل الحي ، لينسل الطريق
لأنسل انا
ولا يبقى سوى ظل احمق لا يمد لنا بحنين
يُحاول ان يتذكر
الايام القليلة التي كان يكتب فيها الشعر

عزوز

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى