محمد عباس محمد عرابي - (كتاب الإشارات الإلهية لأبي حيان التوحيدي دراسة أسلوبية) للباحثة نسرين الساعدي

(كتاب الإشارات الإلهية لأبي حيان التوحيدي دراسة أسلوبية) ،رسالة علمية تقدمت بها الباحثة نسرين ستار جبار الساعدي لنيل درجة الماجستير من جامعة بغداد بإشراف الأستاذ الدكتور /طه فائز عمر عام 2001م
مقدمة :
بينت الباحثة في مقدمة الدراسة أن أبو حيان التوحيدي يعد من كبار أدباء القرن الرابع وأوائل القرن الخامس الهجري ، إذ تميز بثقافة موسوعية وبمزاج خاص أكسب مؤلفاته طابعا خاصا ، وقد عني الكثير من الباحثين بدراسة التوحيدي حياته ومصنفاته ، فهو شخصية تغري الباحث لما فيها من عمق ولما تمتلكه من قوة أسلوب وتمكن في الكتابة، كما أن كتاب الإشارات الإلهية يتميز بثراء الأساليب وتعددها، وقد سبق الباحثة في دراسة أدب التوحيدي الدكتور فائز طه عمر في رسالته للماجستير التي هي بعنوان (النثر الفني عند أبي حيان التوحيدي) وفيها تناول النثر الصوفي عند التوحيدي في أحد فصولها بدراسة موضوعية وفنية عامة .
أهداف الدراسة :
هدفت هذه الدراسة إلى الكشف عن خصائص أسلوب التوحيدي في كتاب الإشارات الإلهية من خلال تسليط الضوء على القيم الإبداعية والملامح الجمالية في رسائله وما اتسمت به من مظاهر أسلوبية تعكس أسلوب .
منهج الدراسة :
أخذت الباحثة في هذه الدراسة بالأسلوبية منهجا ، فهي تعنى بدراسة أسلوب الأديب من خلال دراسة العناصر التي يستعملها ليفرض على القارئ طريقة تفكيره ، فالأسلوب يكمن في الاختيار الواعي لأدوات التعبير التي تميزه عن غيره ، والأسلوبية هي (( دراسة للتعبير اللساني)) من خلال دراسة عناصره وأدواته كاشفة عن منابع التأثير والتميز والجمال لأسلوب أديب معين وهي تساعدنا على تنظيم خصائص الأثر الأدبي بعيدا عن الأحكام الذاتية الوصفية
مصادر الدراسة :
اعتمدت الباحثة في دراستها كتاب الإشارات الإلهية بتحقيق الدكتورة وداد القاضي لاحتوائه على رسائل غير موجودة في طبعة عبد الرحمن بدوي ، كما أفادت الباحثة من مصنفات التوحيدي المحققة ، ومن المصادر التي تحدثت عن التوحيدي وهي كثيرة ، ومن المصادر والمراجع التي عنيت بدراسة التصوف ، فضلا عن مصادر ومراجع البلاغة العربية والمصادر الأسلوبية الحديثة .
مكونات الدراسة :
تكونت الدراسة من تمهيد وثلاثة فصول وخاتمة .
التمهيد :
حاولت الباحثة في التمهيد تسليط الضوء على حياة التوحيدي على نحو موجز ، ثم قامت الباحثة ببيان موقفه من التصوف وحقيقة تصوفه ، كما تناولت وصف كتاب الإشارات الإلهية متعرضة لبنائه ولعنوانه وبناء رسائله عامة .
الفصل الأول:(المستوى الصوتي):
وتوزع على ثلاثة مباحث هي (التكرار والسجع والجناس) ، تناولنا فيه دراسة الأنساق الصوتية البارزة التي خلقت إيقاعا مؤثرا ذا دلالة مقصودة في نصوص التوحيدي الفصل الثاني (المستوى التركيبي):
تناولت الباحثة فيه البناء التركيبي لجمل الرسائل.
وقد توزع على ثلاثة مباحث هي (الخبر والإنشاء والظواهر التركيبية) .
الفصل الثالث (المستوى الدلالي) وقد ارتكزت الدراسة فيه على وسائل حقيق الدلالة ، في أربع مباحث هي (التشبيه والمجاز والكناية والطباق والمقابلة)
ثم جاءت الخاتمة بأهم النتائج التي توصلت إليها الباحثة .
نتائج الدراسة :
توصلت الباحثة لعدة نتائج ذكرتها بنصها على النحو التالي :
  • يوظف التوحيدي المستوى الصوتي عبر ثلاثة أنساق هي : التكرار والسجع والجناس لإحداث إيقاع خارجي للنصوص .
  • حقق التكرار قدرا كبيرا من الإيقاع في نمطين :تكرار اللفظ ، وتكرار التركيب.
  • يوظف التوحيدي تكرار اللفظ لتقليب المعنى واستيفائه من جوانبه العديدة .
  • يولد التوحيدي من تكرار اللفظ معاني جديدة مثل الحث والتعظيم وغيرها ، ويفيد في تكرار التركيب إبراز الفكرة والدوران حولها مما أسهم في خلق الأجواء الموحية بالمشاعر الذاتية للتوحيدي ، من خلال تكرار التركيب ، وهذا النمط من التكرار أكثر توظيفا من النمط الآخر في الرسائل .
  • يكثر التوحيدي من السجع في رسائل الإشارات الإلهية على نحو غير مألوف في مصنفاته السابقة ، وذلك سعيا منه لإحداث التلاؤم والانسجام مع موضوع الرسائل ولتحقيق الأثر المطلوب .
  • تلون السجع لدى التوحيدي بين المتوازن والمتوازي والمطرف ، عزز إيقاع النصوص وجذب الانتباه إليها وأسهم في تحقيق دلالة مقصودة .
  • مثل الجناس ملمحا أسلوبيا واضحا في الرسائل ، وقد كان على أنواع عديدة أفادت في تقليب اللفظة نفسها لمنحنا معاني جديدة .
  • حفل كتاب الإشارات الإلهية بتراكيب متنوعة وعديدة خبرية وإنشائية ، فضلا عن الظواهر التركيبية الواضحة التي حققت دلالات مؤثرة في النصوص .
  • استعمل التوحيدي الجمل الخبرية خارجا بدلالتها الأصلية لأداء دلالات جديدة ، توسعا منه بالاستعمال وتعميقا لتلك المعاني وتأكيدا لها .
  • تغلب الجمل الفعلية على الجمل الاسمية في سياق الخبر ، مما يعبر عن ميل التوحيدي إلى الحركة والتغيير ، فالصوفي في حركة دائمة في ذاته واضطراب مستمر .
  • للأساليب الإنشائية حيز بارز ، فنجد الطلبية مثل الأمر والنهي ، فهو يكثر منهما بصيغهما الصريحة ويستعمل إلى جانب ذلك صيغا أخرى لإعطائنا معنى الأمر والنهي . وكثيرا ما يخرج بدلالة الأمر والنهي لأداء دلالات مجازية تكون أكثر تأثيرا في السياق الذي ترد فيه .
  • أما الاستفهام فنجد له حضورا واضحا في رسائل الإشارات لما يمتلكه من قدرة على جذب الانتباه عبر السؤال كما أنه يحظى بتواتر واضح ومميز في الرسائل ويتلون بأدواته المتعددة داخل الرسالة الواحدة ، بل نجده داخل الفقرة الواحدة أيضا
  • يخرج التوحيدي بدلالة الاستفهام وهي طلب الفهم ، فيعبر به عن دلالات مجازية أخرى لأنه من وسائل التعبير عن انفعالات النفس وحالاتها .
  • يمثل النداء أسلوبا واضحا في رسائل الإشارات ، فهو يستهل به أكثر فقره في الخطاب والمناجاة والدعاء ، فيجذب انتباه المتلقي إليه .
  • يكثر نداءه بالحرف ياء ويخرج بالنداء لمعان مجازية .
  • التمني من الأساليب المهمة في الرسائل ، وكثر التعبير عنه بالحرف (ليت) ، كما أن التوحيدي استعمل إلى جانبه صيغا أخرى .
  • أما الأساليب الإنشائية غير الطلبية ،فمن أكثرها استعمالا أسلوبا القسم والتعجب.
  • القسم من الأساليب المؤثرة لذا يوظفه التوحيدي للتأثير في المتلقي وحمله على الاستجابة ، وقد أقسم التوحيدي بلفظ الجلالة الصريح أو كنى عنه كما انه استعمل ألفاظا أخرى للدلالة على القسم .
  • من الأساليب التي تعبر عن انفعال النفس ، التعجب فيوظفه التوحيدي في الرسائل ويكثر من استعمال الصيغة القياسية (ما أفعل) ويستعمل ألفاظا وأساليب عديدة للدلالة على التعجب ، وهو يخرج بدلالة التعجب لمعان مجازية .
  • تعددت الظواهر التركيبية في رسائل الإشارات ، منها التقديم والتأخير ، والفصل والوصل ، والحذف ، والتضمين والاقتباس ، وقد عمقت هذه الظواهر الدلالة في رسائل الإشارات .
  • يمثل التضمين والاقتباس إحدى الظواهر الأسلوبية المهمة التي عبرت عن ثقافة التوحيدي وتمكنه من تراثه الديني والأدبي ، فيقتبس من القرآن الكريم ومن الحديث الشريف وأقوال الخلفاء ويضمن رسائله الشعر والأمثال .
  • كشفت رسائل الإشارات عن تأثر واضح بالقرآن الكريم اقتباسا وأسلوبا إذ يوظف الأساليب القرآنية في الاستفهام والمجاز وغيرها .
  • أما على المستوى الدلالي ، فنلاحظ استعماله للتشبيه على نحو واضح ويكثر لديه تشبيه العقلي بالحسي ، وتشبيهاته مستقاة من عالمه المادي ، ونجد لديه تشبيها خياليا انسجاما مع مقام الكلام .
  • أما المجاز فهو أكثر الأساليب البيانية ظهورا في الرسائل ، والاستعارة بوصفها أحد أركان المجاز نجد لها توظيفا واسعا وخاصا لأنها تدمج الأشياء وتركب صورا جديدة تعكس رؤية الصوفي للأشياء حوله .
  • أما الكناية فقد عبر التوحيدي من خلالها عن معان عديدة .
  • الطباق والمقابلة يمثلان ملمحا أسلوبيا واضح الظهور في رسائل الإشارات فهما يعكسان حالة الصوفي في ذاته ، ويصوران أفكاره ، وقد كان الطباق لدى التوحيدي منقسما إلى لغوي وسياقي ، وقد وظفه للتعبير عن المعاني المتضادة والمقابلة بينها

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى