حمزة بلحاج صالح - في تيار الإستئصال والكل أمني وتربوي وثقافي في الجزائر

هل باتت مفردة و كلمة استئصال متجاوزة على الأقل منذ الحراك الذي حدث في الجزائر الى اليوم

وهل الحديث عن هذا التيار هو ظاهرة من ظواهر التخلف تصدر عن عقل تصنيفي مؤدلج او قوموي و اسلاموي غير حداثي بل غير حداثوي

هل تعيش الجزائر اليوم صراع هوية ولغة ومدرسة ام هو أيضا صراع وهمي تصطنعه جماعات وجهات مؤدلجة تجاوزها الزمن وتقتات منه جهات معينة لمارب أخرى

و هل الحداثة عمر وجيل يلعن من سبقه و يعدم عطاءه و ينكر جهوده كليا لا نسبيا ولا يفرق بين الأشخاص و يشيطنه و يخونه جملة

والعمر ليس الا رقما أم ان الحديث الغائب هو عن الأجيال المعرفية والثقافية و حتى الدينية و الحضارية بمعنى فهمها و تمثلاتها الدينية

وهل الحداثة قصة شعر وشكل هندام ونوعية عطر ورشاقة جسدية وصيحة موضة وصرخة انتفاضة في الشارع أو شهادة جامعية ولو كان العقل فارغا و صاحبه ثرثارا يزعم انه أتى بالجديد

رغم ان الاولين الذين صرخوا قبع منهم من قبع في السجون و قتل من قتل فأصبحوا في خانات النسيان بل ينعتون بدون فرز وانتقاء بالإرهاب فقط لأن لديهم مسحة دينية وثقافية لا ترضي أصواتا نشازا هي من وضعت مقاييس و معايير الأخونة و التمجيد و مقاييس التقدم و التخلف

وهل الحداثة والتنوير واحد أم متعدد له سياقاته وهل الأنسنة والكونية والعالمية والعولمة واحدة ام متعددة حداثات وأنوار وكونيات وعولمات

ليس هذا تخندقا أيديولوجيا ولا تحيزا معرفيا وثقافيا وانغلاقا هوياتيا او "هوويا" يدفعنا لكتابة هذه الكلمة الموجزة بنبرة صارمة وواضحة وواقعية لا وهمية

لكن امتداد هذا التيار الى بلدان شقيقة وخطورته على البلاد المغاربية خاصة إستدعى منا أن نكتب ولو كلمة موجزة نعود إليها بأكثر تفصيل إنها الإسلامفوبيا و العربفوبيا المسيرة من بعيد و من خارج أسوار أوطاننا وأعني هنا بعض من في الريادة من المستلبين لا الأتباع و المريدين

هنالك منظران مهمان و كبيران لتيار الاستئصال في الجزائر و تليهما أسماء بدرجة ثانوية

اولا: إن من أهم المنظرين ومرجع هذا التيار مفكر وقامة معروفة من القامات العلمية والأكاديمية حتى في فرنسا بين المؤسسات الشهيرة للنخب المفكرة والباحثة الموسومة ”كوليج دي فرانس” وهو ”مصطفى الأشرف” رحمه الله و الذي قمت بالرد عليه في سلسلة مقالات بعنوان ” النص الأشرفي الخطاب الإستعلائي و المتطرف الرؤية العجائبية و الغرائبية..دراسة تحليلية نقدية للنص الأشرفي ” ونشر كاملا في صحيفة المجاهد الأسبوعي ومبتورا في يومية الخبر حيث حذف اخره و قيل بسبب طوله

ثانيا: ويلي مصطفى الاشرف رضا مالك في كتابه ” التقاليد و الثورة رهانات الحداثة في الجزائر و الإسلام” – نشر في منشورات سندباد سنة 1993 شرعت في الرد عليه هو و الهاشمي شريف في احد كتبه و لم اقم بنشر نقدي الفكري وهو موجود غير مبيض ضمن اوراقي

ثالثا: وبنزعة غير ليبرالية بل ماركسية تتقاطع مع تيار الاستئصال و تنهج نهجه كما فعل الهاشمي شريف من حزب ” الباغس” سابقا و هو جد استئصالي يختلف عن الصادق هجرس الاكثر مرونة و اعتدالا منه و كذلك البروفيسور ” جيلالي اليابس” الماركسي النزعة رحمهم الله

رابعا: محفوظ بنون الانثربولوجي-السوسيلوجي المهتم بموضوع الهوية و مشروع المجتمع و كانت لي معه اتصالات و دعوته الى بسكرة لأحد الملتقيات لما كنت على راس دار الثقافة ببسكرة لكن ظروفه لم تسمح رغم اختلافي الجذري معه و مع خطه

تأتي تباعا كتابات الطبيب في الأمراض العقلية بوسبسي صاحب نظرية ”ظاهرة داغما” في الأمراض العقلية وهو يدرس الجماعات الاسلامية والظاهرة الدينية كحالة نفسية مرضية وأيضا بوخبزة وبعض المساهمات الباهتىة التي تركز اكثر على الاختراق و العمل الميداني تاركة لغيرها دور التنظير

وهي تهتم أكثر بالتواجد داخل دواليب صنع القرار والسلطة والمؤسسات الرسمية بصفتها لوبي ضاغط ومنهم عبد اللطيف رحال وزير التربية زمن الرئيس هواري بومدين و بلقايد وزير الثقافة و المناضل الملتزم بخط الإستئصال

و رضا مالك الوزير الأول الأسبق او رئيس الحكومة والذي ذكرناه والمتواجد في الحالتين اي بصفته من النخبة و منظر و كسياسي و رجل سلطة و هو صاحب فكرة نقل الرعب و ليس الخوف فقط بل العنف والموت الى الطرف والضفة الاخرى” وهي مقولة يحاسب عليها هو و من حموه من مؤسسات رسمية و تورطوا في الدماء وقابلوا ظاهرة الإرهاب ليس بدولة القانون لكن كخارجين عن القانون باستئصال كل ما له صلة بالظاهرة الاسلامية الا من هرول يناصرهم على مكافحة الإرهاب كما يرونه هم

ونحن نعلم ان التنظيم المسلح المدعو ” الجيا ” كان تنظيما مخترقا تسيره اجهزة و اجنحة رسمية بررت به القتل والمجازر فهل تتحقق عدالة التاريخ و تقول دولة القانون التي ننتظرها لتقول كلمتها في مجازر “تيبحراين” والرايس حميدو و باش جراح…الخ…

لعل من الادوات التنفيذية الهامة بعض الجنرالات و الاسماء التي تختفي حينا ثم تعود ومنها من رحل ليلقى الله و منهم من لا يزال يؤثر ويحول دون بلوغ الجزائر شأوا في الحرية و الديمقراطية و السلم و الاصالة و التطور

فكرت في كتابة و تأليف قراءة نقدية لمنظومة او تحديدا لعصبة الاستئصال في الجزائر و أوسعها إلى الحالة المغاربية ومنها اخر أحداث تونس دون تحيز أو تغطية للقصور الذي ظهر عند الإسلاميين

والتي لاتزال اثارها تعمل في المجتمع بل و لا يزال نفوذها ومشاريعها أو أجزاء من مشاريعها تعتمل داخل بعض اجهزة صنع القرار وخلاياها النائمة تستيقظ كلما دعت الضرورة لذلك لتوظف ظاهرة الارهاب عالميا وادعاء نقل خبرتهم للعالم و اي خبرة ان هي الا خبرة الموت و الدم المؤلمة عبر مكافحة الارهاب كغطاء والذي ألبس برنوس و مسحة الدين من مخابر الغرب و وكلاءه من العرب و المسلمين في أوطانهم ما بين أصحاب نفوذ و قرار ولوبيات ضغط و أصحاب مال وممن يسمون نخبا

لكن ما هدأت نفس تشتغل بلقمة العيش لتكتب بعمق في كل هذا لظروف عصيبة تهان فيها رجالات الفكر و العلم و المعرفة من الوطنيين و تهمش فيها النخب القديرة

رحم الله كل من لقي ربه فتوفي وفاة عادية وكل من تم اغتياله والجميع عند ربهم يحاسبون نكتب هذا ونحن نستنكر بشدة ونرفض الرعب والقمع من أي جهة و طرف كان

حفظ الله الجزائر وكل بلاد العرب والمسلمين من كل اضطراب وعدم استقرار و استبداد و فساد متجاوزة جراحها مستخلصة منها دروسا و عبرا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى