أمل الكردفاني - تعليق على مقال امجد شلال حول زواج الفلاسفة

أورد أمجد شلال مقالاً حول عدم زواج الكثير من الفلاسفة. وهو مقال قرأته قبل سنوات بعيدة، ربما إثر صدور كتاب عن علاقات الفلاسفة بالمرأة. وتساءل مقال أمجد عن اضطراب علاقة الفلاسفة بالمرأة، وعدم زواج الكثير منهم أمثال كانط وشوبنهاور ونيتشه..الخ.
الحقيقة؛ ما أراه هو أن فكرة الزواج نفسها فكرة سخيفة وهي احتكار علاقة جنسية وعاطفية حتى الموت.. يبدو ذلك مرعباً وغير مبرر إلا في العصور القديمة حينما كان الغرض من الزواج والانجاب أمني واقتصادي أي لإيجاد أيدي عاملة في الزراعة وقوة تحمي عبر الأولاد وتشكيل العشيرة فترث الملكية الخاصة وتعززها وتدافع عنها.. أما اليوم فلا.. إذ من المفترض أن الانسان قد نقل غاياته تلك إلى الدولة بمفهومها الحديث والتي عليها بدورها أن تحقق ذلك الأمن الاقتصادي والأمن من الجريمة وحماية ملكيته الخاصة عبر وسائل الدولة المستندة إلى قوة القانون وحق الإكراه. وعليه فإن العلاقة بين الرجل يجب أن تنتقل من فكرة الالتزام لفكرة التبرع. بحيث يكون بقاء أي منهما لزمن طويل مع الآخر غير منمط وموثق داخل عقد. بل هو تواجد اختياري محض.
غير أنه ورغم ما قلنا لا نستطيع أن ننفي أن الشكل الكلاسيكي للزواج لا زال يملك حضوره القوي في المجتمعات الإنسانية جراء آلاف السنين من التطبيق العملي، ولكنه مع ذلك لن يستمر طويلاً، ونرى بوادر هذه النهاية لفكرة الزواج الكلاسيكي بتحوله من زواج غير عاطفي إلى زواج علاقات ثم الآن في ارتفاع حالات الطلاق في العالم خاصة من النساء صغيرات السن من الأجيال الجديدة، حيث زاد اعتماد المرأة على نفسها بسبب التعليم والعمل فتساوت مع الرجل، وبالتالي تخلصت من تلك القيود التي كانت تجبرها على البقاء مع رجل واحد في سجن مؤبد حتى موتها.
تعليم المرأة حطم الفكرة التقليدية للأسرة مع القوانين التي أصبحت تميل لحرية المرأة ومساواتها بالرجل، ومنحها حقوقاً أكبر مما كانت عليه في السابق.
وأتوقع أن الزواج في وضعية قلقة جداً في واقعه الراهن مما سيستدعي إما مزيداً من القيود التعاقدية بين الطرفين ليضمن كل منهما أقل الخسائر أو يكون الخيار الثاني هو التخلي عن الزواج أو كما نقول بالدارجي (يجلي الفكرة) ويبحث عن نمط تشاركي جديد متحرر.
مائة عام أخرى أو أقل وسيصبح الزواج من بقايا الماضي كالعبودية تماماً.
-


****


مقال أمجد شلال تالياً:
الزواج في الفلسفة :

لعلك تعلم أن أغلب الفلاسفة كانوا عزابا : بداية من هيراقليطس مرورا بأفلاطون وصولا لديكارت و سبينوزا و نيتشه و شوبنهاور و لايبنتز و ڤولتير و باسكال و جون جاك روسو و غيرهم الكثير . هؤلاء الفلاسفة جعلوا من أولوياتهم البحث و العمل على مشاريع فكرية لفهم العالم و الإنسان ، فالبرغم ان كل هؤلاء مروا بتجارب عاطفية تكللت معظمها بالفشل الذريع ، فديكارت كانت له علاقة مع خادمته و مع عشيقات أخرى كان يلذذ بيها شهوة عينه و عزل عنها عقله المفكر ، و جون جاك روسو الملهوف فقد عاش طيلة حياته مع امرأة لا يحبها وأحب امرأة لم يعش معها يوما واحدا ، و أما كانط فلم يكن في أي علاقة ؛ ربما كان قد عشق إحدى الفتيات لكنه فضل الانغماس في بحثه الفلسفي عوض الخوض في العلاقة المنتهية قبل أن تبدأ ، أما المسكين نيتشه فقد خاض تجربة خادعة مع معشوقته سالومي التي خطف قلبها فرويد ، و أما سبينوزا فقد أحب فتاة فلما تقدم لها بعرض الزواج رفضته عائلتها و زوجوها لشخص آخر ... و قصص أخرى لا تبحث فيها عن النهاية السعيدة ... و من هنا كرس هؤلاء الفلاسفة حياتهم للمعرفة و العلم و تناسوا ما مروا به من تجارب جعلت منهم ساذجين .
لقد رأى الفلاسفة في الزواج مسؤولية عظمى قد تصرفهم عن التفكير و ذلك ينبعث من المشاكل المرافقة للزواج و الأولاد و المصاريف و الضجيج الخ لذلك ابتعدوا عن هذه الأمور و تفرغوا للمسؤولية الفكرية و التي تنضوي تحت مهمة الارتقاء بالبشرية و إعطاء إضاءات علمية كفيلة بأن تنقدنا من ظلمات الجهل ، و بالفعل توفقوا في ذلك . قال كارل ماركس ( و هو متزوج ) : من يريد أن يتصدى للقضايا العامة ويتحمل مسؤولية جسيمة لا ينبغي عليه أن يتزوج وينجب. و قال نيتشه :إن الفيلسوف الحقيقي يرفض الزواج ويتهرب منه بكل هلع ورعب. لماذا؟ لأن الزواج يقف في طريقه كعقبة كأداء بل ومهلكة تمنعه من التوصل إلى القمة: قمة الفكر والإبداع .
ان الفلاسفة ليسوا كالشعراء صحيح انهم أحبوا و عشقوا لكنهم لم يندموا لأنهم فشلوا في العلاقات العاطفية و تقبلوا الأمر ببرودة دم . لماذا ؟ لأن الشعراء يرجحون العاطفة على العقل ، و الفلاسفة ينتصرون للعقل عوض العاطفة

لماذا في رأيك لم يتزوج الفلاسفة؟

#امجدشلال
#سريالي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى