حاتم السيد مصيلحي - هل للعدالة وجوه كثيرة؟

سؤال ليس غريبا على مسامعنا، ونحن نرى كل واحد يحمل مظلمة لآخرـ حتى بين أفراد الأسرة الواحدةـ أمام ساحات المحاكم، أو المجالس الرسمية أو العرفية، ويتفننون في إيجاد دوافع الإدانة، ووضع الصياغات القانونية التي تدعم ذلك وتؤيده، بغرض تحقيق العدالة التي يراها من وجهة نظره، وفي المقابل يأتي الدفاع ليهدم تلك الدوافع ؛ واجدا مبرراته، مستغلا لبعض الثغرات أو الإجراءات التي شابها عور أو خطأ في التطبيق..

وتتكاثر الأوراق، وتتعدد المستندات، وتتبادل الطعون، وتنعقد الجلسات وتنفض الجلسة تلو الجلسة، في ظل التأجيل المتكرر، ربما لعدم استيفاء الأدلة أو المستندات، أو لالتباس الحقائق وطلبا للشهود سواء أكانوا للإثبات أو للنفي، بغض النظر من معه الحق، فالكل يري أن الحق معه، والعدالة في صفه، ربما دون وعي كامل بأبعاد القضية، وفقه التعامل فيها، استنادا على إرث أو عرف ربما لا يتوافق مع الشرع أو القانون كقضايا الميراث، والأحوال الشخصية، والمعاملات اليومية... الخ، هذا من وجه، والوجه الآخر هو من معه الحق فعلا بما يوافق الشرع والقانون، ولكنه لا يملك زمام أمره، فيتفلت الحق من تحت يده.

والمحرك الأساس في إظهار الحق، وبيان القصد، ووضوح الرؤية رجال القانون من ممثلي الادعاء، والمحامين، والقضاة، وهي مهمة ثقيلة جدا لا ريب تحتاج لذكاء وحصافة، وإلمام بكل ملابسات تلك القضايا، وفوق ذلك الخبرة وطول المراس.. وربما يأتي من هو ألحن بحجته من الآخر فيُعطى الحق لمن لا يستحق، وقد حدثنا عن ذلك رسول الله ﷺ قائلا: " إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إليّ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له بنحو ماأسمع، فمن قضيت له بحق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار ".. وهم من دونه كذلك.
ويبقى السؤال: هل للعدالة وجوه كثيرة؟ أم للعدالة وجه واحد لا يتغير ولا يتبدل؟

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى