يعقوب المحرقي - نجار الضواحي

يعرف بنجار الضواحي ،
المسجد قرب المنجرة ،
مهرولا يصلي ومهرولا يعود .
جاءته بذلة باذخة
تلبس رجلا اصغر من مقاسها ،
النجار لم يندهش،
تعلم من المسجد " لله في خلقه شؤون "
فرك يديه عل البذلة تكون بشارة ،
ساد صمت ربما الداخل اخرسا
بسبب حجمها.
النجار قاسها ببصره كما تقاس الأخشاب ،
خمن حجمها ، لن يصل لمن بداخلها .
فجأة انزلق من طرف ذراعها اليمنى بطاقة
لم يعرف ما يفعل بها ،
خرج صوت من داخل البذلة :
مستشار الديكور الداخلي لشؤون
مجلسي الوزراء والنواب.
فرح وخاف النجار ، الخوف من مصادرة المنجرة . الفرح ربما ستساعده الحكومة بطريقة ما ،
شرح الزائر المطلوب في ثلاثة جمل ،
ملخصها : الانجاز السريع لمئتي مقعد ،
اربعة منها فاخرة بامتياز
والباقي فاخرة فقط . الدفع تتولاه الدولة.
بعد اسابيع ، النجار يغني وصبيه يرقص ، الكراسي مصقولة من اغلى الأخشاب
محشية بقيم وثمين الريش والإسفنج المعطر ، مغطاة بمخمل غال ،
مركبات مخازن الجيش نقلتها مغلفة بناعم الحرير ،
خوفا من فسادها في النقل .
شهران وافلس النجار ،
هرع للمستشار لم يجده ،
دار في دوامة البحث ،
نائب حقق عن حياته الخاصة
منذ الطفولة المبكرة حتى انتقاله الى الضواحي .
نقل النائب متحمسا الملف إلى مجلسه ،
يرأس " لجنة حقوق المواطن "
بعد شهرين ، قررت اللجنة انصاف النجار .
النجار غير عاشر الأحذيه ،
نام في المستشفى لعلاج ركبه .
اللجنة قررت رفع اقتراح برغبة
لمجلس الوزراء لإحقاق الحق ،
يمنح شهادة تقدير في عيد العمال ،
و وسامين برونزيين احدهما من النواب ،
والآخر من الوزراء ،
إعطاءه هبة عن كل كرسي دينارا
تصرف بعد ثلاثة اشهر .
الوزراء اقروه بالاجماع ،
واعلنوا في وكالات الانباء الخبر السعيد
هدية للشعب .
النجار لم يفهم شيئا من اللعبة ،
صوت للنائب ألذي ساعده ،
اخبره : في حالة الفوز سيسرع
الصرف .
سقط النائب .
النجار ياتيه الى بيته ،
اختفى النائب ، ولم يجد له سبيلا.
دارت القضية على اربعة مجالس ،
اغلق النجار منجرته ،
وانتهكت المقاعد صارت تشكوا مؤخرات السياسيين الذين ينامون بشخيرهم عليها ،
شكل المجلس لجنة لمتابعة القضية .
النجار رفع دعوى ،
نصحه القاضي الانتظار :
من انتظر دهرا ينتظر عمرا ،
العملة إلى الحضيض ،
إنهارت وتدهور الاقتصاد ،
مذكرة من البنك الى النجار
على عنوان المنجرة .
وجدوها مقفلة نهائيا ،
سألوا جاره البقال عن عنوانه الجديد ،
قال : رقم خمسون الف وواحد ،
ساحة الشهداء ،
شارع الفردوس ،
مقبرة السعادة للفقراء .
عاد المبلغ إلى خزانة الدولة
بعد ان حصد النائب والوزير
كل اتعابه وضريبته خارج القانون .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى