ناصر فولي - الشاعر الذي رثى نفسه

مالك ابن الريب ، ولد في عام 21 ه‍ ، من بني مازن بني عمرو بني تميم ، كنيته أبوعقبه كان شاعرا نشأ في نجد وهو من فرسان قبيلة مازن ، وكان شابا شجاعاً لا ينام الليل إلا متوشحا بسيفه ، ولكنه استغل قوته وفروسيته في قطع الطرق ، وكان معه ثلاثة من أصحابه ولازم شظاظا الضبي الذي قالت عنه العرب ماوجد العرب الص من شظاظا ، عاش في نجد والبحرين واليمامة توفي عام 7ه ه‍
الصعاليك
جمع عددا من الصعاليك أكثر من 30 صعلوكا ، وعلي رأسهم شظاظا الضبي وحردبة المازني وغويث ابن كعب لقطع الطرق ، وذلك كان في خلافة معاوية ابن أبي سفيان وكانوا يقومون بالإغارة والسلب والنهب والسطو ليلا ونهارا علي المسافرين في كل الطرق، وكانوا ينهبون القوافل التجارية في بعض الطرق، هو واتباعه وقال البعض أنه
كان يطعم الفقراء والمساكين والمحتاجين. وكانت هذه هي حياة الصعاليك وما بها من سطو وهجوم وكر وفر
كانت من الأعمال التي تستحق حد الحرابة في الإسلام ، لأن الإسلام حرم هذه الأفعال ومنع قطع الطرق والإغارة علي الآمنين من المسافرين والمارة في الطريق أو حتي إشاعة الفوضى في الطريق وعدم الأمان في الليل والنهار ، حتي وإن كان قطع الطريق من أجل العيش لا يقره الإسلام ، ونهي عن الإغارة وقطع الطرق ، وقد شاع خبرهم في الدولة الأموية ، وتناقل الناس اخبارهم وتجنبوا السير فى الطريق التي كانوا يقطعونها ، وقيل فيهم أشعار منها ...
الله نجاك من القصيم وبطن فلج وبني تميم
ومن أبي حردبة الأثيم. ومالك وسيفه المسوم
ومن شظاظا الأحمر الزنيم.ومن غويث فاتح العكوم
جهاده
عندما تولي سعيد بن عثمان بن عفان خرسان عام 56 ، لقي سعيد بن عثمان مالك ابن الريب وهو خارج من المدينة فأقنعه واستتابه ثم صحبه معه إلي الجهاد وجعل له راتبا قدره خمسمائة دينارا في كل شهر ، وكانت مدة تولي سعيد لخراسان عامين تخللها عدد من المعارك فرجع عنها ومعه مالك ابن الريب ، وفي طريق عودتهم الي المدينة مرض مالك وأشرف علي الموت وقيل لسعته أفعي وسري السم في عروقه فقال قصيدته المشهورة ، التي رثي فيها نفسه ، التي تعرف ببكائية مالك ابن الريب عندما علم بقرب أجله وقال فيها ...
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بجنب الغضا أزجي القلاص النواجيا
فليت الغضا لم يقطع الركب عرضه وليت الغضا ماشي الركاب لياليا
وليت الغضا يوم ارتحلنا تقاصرت بطول الغضا حتي أري ورائيا

لقد كان في أهل الغضا لو دنا الغضا مزار ولكن الغضا ليس دانيا
ألم ترني بعت الضلالة بالهدى وأصبحت في جيش ابن عفان غازيا
وأصبحت في أرض الأعادي بعدما أراني عن أرض الأعادي قاسيا
دعاني الهوي من أهل ودي وصحبتي بذي الطبسين فالتفت ورائيا
أجبت الهوي لم دعاني بزفرة تقنعت منها أن ألام ردائيا
أقول وقد حالت قري الكرد بيننا جزي الله عمرا خيرا ما كان جازيا
إن الله يرجعني من الغزو لا أري وإن قل مالي طالبا ماورائيا
وأكمل قصيدته يقول ...
تذكرت من يبكي علي فلم أجد سوي السيف والرمح الرديني باكيا
وأشقر محبوكا يجر عنانة الي الماء لم يترك له الدهر ساقيا
ولكن بأطراف السمينة نسوة عزيز عليهن العشية مابيا
صريع علي أيدي الرجال بقفزة يسوون لحدي حيث حما قضائيا
ولما تراءت عند مرو منيتي وخلّٓ بها جسمي وحانت وفاتيا
أقول لأصحابي ارفعوني فأنه يقر بعيني أن سهيل بدا ليا
فيا صاحبي رحلي دنا الموت فانزلا برابيه أن مقيم لياليا
وقال في آخر القصيدة
فمنهن أمي وابنتاي وخالتي وباكية اخرى تهيج البواكيا
وكان عهد الرمل عندي وأهله ذميما ولاودعت بالرمل قاليا .
معاني الكلمات
الغضا شجر لا تنطفئ ناره
القلاص الإبل الفتية
أما في قول ألم ترني بعت الضلالة أشار الشاعر هنا إلي أنه ترك الضلال وانضم الي الحق وشبه الضلال بالشيء الذي يباع استعارة مكنية وهناك طباق في الضلال والهدي وقال اصبحت في أرض الاعادي
لأن الإغارة تكون في الصباح ثم بداء يتحدث عن من يتذكره أو يهمه أمره اذا مات فكان علي مشارف الموت فبداء يرثي نفسه ويتحصر علي حاله وأنه سوف يموت وحيدا وغريبا بعيدا عن بلده واهلة حتي أن لا يوجد من يبكي عليه أويهتم لأمرة وهذا حدث بعد ان لسعته الأفعى هو في طريق العودة من الحرب
وفي البيت الذي يقول فيه سوي السيف والرمح الرديني باكيا هنا اسلوب قصر فقد اقتصر البيت علي ثلاثة أشياء
فقط هما السيف والرمح الرديني واشقر محبوك اي فرسه
وهنا استعاره مكنية شبه السيف والرمح بالإنسان الذي يبكي معه
مع انهما جوامد لا حس لهما واشقر محبوكا وهنا الفرس يحس ويشعر بصاحبه
ويتألم للألم صاحبه ويشاركه أحزانه وهنا عبر عن أن فرسه ليس
له من يسقيه فهو أيضا يرثي نفسه ويرثي حال فرسه بصورة شعرية
تجعل بالقارئ يتعاطف معه ومع فرسه
وفي قوله أطراف السمينة نسوه ذكر النسوة دون الرجال فأنهن
يشعرن بالفقد أكثر من الرجال
وقوله العشية هي اخر الليل واختاره لأنه زمن الذي يخلو فيه الإنسان الي نفسه
ويذكر ما حدث له طول اليوم وفيه يتراكم عليه الهموم والأحزان
أما قوله صريع علي ايدي الرجال
شبه نفسه بالرجل الصريع وماصرعه هو الموت
وقوله يا صاحبي اختار الرابيه لأنها مكان مرتفع
وهي افضل مكان وبه خضره وكأنه سوف يمكث فيه
وقوله فمنهن أمي وابنتاي وخالتي وهنا يؤكد أن الزوجة
هي من تهيج وهي أكثرهن
تأثرا بموته فهي تكون أكثر حزنا وألما لفقدان ا
فحياته بعد الجهاد والتوبة رجع الي الله وتاب توبة نصوحة ولم يعد الي
ما كان عليه وما عاش في بداية حياته من سلب ونهب وقطع الطريق
وصلح حاله وأصبح من المقاتلين في سبيل الله وابلي بلاء حسن
بقلم ناصر فولي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى