د. محمد عباس محمد عرابي - الحديث عن الليل عند الشعراء القدامى

الليل والشعر، وما أدراك ما الليل عند الشعراء !!إن الليل له من الدلالات ما له عند الشعراء، وهو ما كشف عنه شعرهم منذ الجاهلية مرورا بعصور الأدب، وفي هذا المقال بيان لوصف الليل عند الشعراء القدامى، وهو ما يتم عرضه على النحو التالي:
المحور الأول: وصف عنترة بن شداد لليل:
وصف عنترة بن شداد لليل، فبين أن الليل مُحتَبِكِ، مُعْتَكِرُ وجه عبلة المشرق يعيدَ اللَّيلَ صُبحاً مُسفِراً، وفيما يلي عرض لما قاله عنترة في ذلك:

عنترة يطلق فرسه على مَوكِبٍ كَاللَيلِ مُحتَبِكِ
بين عنترة أنه يطلق فرسه على مَوكِبٍ كَاللَيلِ مُحتَبِكِ
حيث يقول (من البسيط):
يا عَبْلَ إِنْ كانَ ظِلُّ القَسْطَلِ الحَلِكِ
أَخْفَى عَلَيْكِ قِتالي يَوْمَ مُعْتَرِكي
فَسائِلي فَرَسي هَل كُنتُ أُطلِقُهُ
إِلّا عَلى مَوكِبٍ كَاللَيلِ مُحتَبِكِ
وَسائِلي السَيفَ عَنّي هَل ضَرَبتُ بِهِ
يَومَ الكَريهَةِ إِلّا هامَةَ المَلِكِ
وَسائِلي الرُمحَ عَنّي هَل طَعَنتُ بِهِ
إِلّا المُدَرَّعَ بَينَ النَحرِ وَالحَنَكِ
أَسقي الحُسامَ وَأَسقي الرُمحَ نَهلَتَهُ
وَأَتبَعُ القِرنَ لا أَخشى مِنَ الدَرَكِ
كَم ضَربَةٍ لي بِحَدِّ السَيفِ قاطِعَةٍ
وَطَعنَةٍ شَكَّتِ القَربوسَ بِالكَرِكِ
لَولا الَّذي تَرهَبُ الأَملاكُ قُدرَتُهُ
جَعَلتُ مَتنَ جَوادي قُبَّةَ الفَلَكِ
عنترة بن شداد يطوي فَيافي الفَلا وَاللَّيْلُ مُعْتَكِرُ:
بين عنترة بن شداد أنه يطوي فَيافي الفَلا وَاللَّيْلُ مُعْتَكِرُ حيث يقول من البسيط:
أَطْوي فَيافي الفَلا وَاللَّيْلُ مُعْتَكِرُ
وَأَقْطَعُ البِيدَ وَالرَّمْضاءُ تَسْتَعِرُ
وَلا أَرى مُؤنِساً غَيرَ الحُسامِ وَإِن
قَلَّ الأَعادي غَداةَ الرَوعِ أَو كَثِروا
فَحاذِري يا سِباعَ البَرِّ مِن رَجُلٍ
إِذا اِنتَضى سَيفَهُ لا يَنفَعُ الحَذَرُ
وَرافِقيني تَري هاماً مُفَلَّقَةً
وَالطَيرَ عاكِفَةً تُمسي وَتَبتَكِرُ
ما خالِدٌ بَعدَما قَد سِرتُ طالِبَهُ
بِخالِدٍ لا وَلا الجَيداءُ تَفتَخِرُ
وَلا دِيارُهُمُ بِالأَهلِ آنِسَةٌ
يَأوي الغُرابُ بِها وَالذِئبُ وَالنَمِرُ
يا عَبلَ يُهنِئُكِ ما يَأتيكِ مِن نَعمٍ
إِذا رَماني عَلى أَعدائِكِ القَدَرُ

وجه عبلة المشرق يعيدَ اللَّيلَ صُبحاً مُسفِراً
بين عنترة أن وجه عبلة المشرق يعيدَ اللَّيلَ صُبحاً مُسفِراً، حيث يقول (من الكامل):
زارَ الخيالُ خيالُ عَبْلَةَ في الكَرَى
لِمُتّيَّمٍ نَشْوانَ مَحْلولِ العُرَى
فنهضتُ أشكُو ما لقيتُ لبعدها
فتنفَّسَتْ مِسكاً يخالطُ عَنْبَرا
فضَممتُها كيما أقبِّلَ ثغرَها
والدَّمعُ منْ جَفنيَّ قد بلَّ الثرى
وكشفتُ برقعها فأشرقَ وجهها
حتى أعادَ اللَّيلَ صُبحاً مُسفِراً
عربية ٌ يهتزُّ لين قوامها
فيخالُه العشَّاقُ رُمحاً أسمرا
محجوبة ٌ بصوارمٍ وذوابل
سمرٌ ودونَ خبائها أسدُ الشرى
يا عَبلَ إنَّ هَواكِ قد جازَ المَدى
وأنا المعنى فيكِ من دون الورى
يا عَبلَ حبُّكِ في عِظامي مَعَ دَمي
لمَّا جرت روحي بجسمي قدْ جرَى
وَلقد عَلِقْتُ بذَيلِ مَنْ فَخُرتْ به
عبسٌ وسيفُ أبيهِ أفنى حميرا
يا شأْسُ جرْني منْ غرامٍ قاتلٍ
أبداً أزيدُ به غراماً مسعرا
يا ساشُ لولا أنْ سلطانَ الهوى
ماضي العزيمة ِ ما تملكَ عنترا

المحور الثاني: الليل عند زهير بن أبي سلمى:
جَنوح اللَيلِ:
تحدث زهير بن أبي سلمى وهو يمدح هرم بن سنان (من الطويل) عن جَنوح اللَيلِ حيث قال:
غَشيتُ دِيارًا بِالبَقيعِ فَثَهْمَدِ
دَوارِسَ قَدْ أَقْوَينَ مِنْ أُمِّ مَعْبَدِ
أَرَبَّت بِها الأَرواحُ كُلَّ عَشِيَّةٍ
فَلَم يَبقَ إِلّا آلُ خَيمٍ مُنَضَّدِ
وَغَيرُ ثَلاثٍ كَالحَمامِ خَوالِدٍ
وَهابٍ مُحيلٍ هامِدٍ مُتَلَبِّدِ
فَلَمّا رَأَيتُ أَنَّها لا تُجيبُني
نَهَضتُ إِلى وَجناءَ كَالفَحلِ جَلعَدِ
جُمالِيَّةٌ لَم يُبقِ سَيري وَرِحلَتي
عَلى ظَهرِها مِن نَيِّها غَيرَ مَحفِدِ
مَتى ما تُكَلِّفها مَآبَةَ مَنهَلٍ
فَتُستَعفَ أَو تُنهَك إِلَيهِ فَتَجهَدِ
تَرِدهُ وَلَمّا يُخرِجِ السَوطُ شَأوَها
مَروحاً جَنوحَ اللَيلِ ناجِيَةَ الغَدِ
كَهَمِّكَ إِن تَجهَد تَجِدها نَجيحَةً
صَبوراً وَإِن تَستَرخِ عَنها تَزَيَّدِ

المحور الثالث: طول الليل عند امرئ القيس
يقول امرؤ القيس عن طول الليل في معلقته:
ولَيْلٍ كَمَوْجِ البَحْرِ أَرْخَى سُدُوْلَــهُ
عَلَيَّ بِأَنْـوَاعِ الهُـمُوْمِ لِيَبْتَلِــي
فَقُلْـتُ لَهُ لَمَّا تَمَطَّـى بِصُلْبِــهِ
وأَرْدَفَ أَعْجَـازاً وَنَاءَ بِكَلْكَــلِ
ألاَ أَيُّهَا اللَّيْلُ الطَّوِيْلُ ألاَ انْجَلِــي
بِصُبْحٍ وَمَا الإصْبَاحُ منِكَ بِأَمْثَــلِ
فَيَــا لَكَ مَنْ لَيْلٍ كَأنَّ نُجُومَـهُ
بِـأَمْرَاسِ كَتَّانٍ إِلَى صُمِّ جَنْــدَلِ
وقِـرْبَةِ أَقْـوَامٍ جَعَلْتُ عِصَامَهَــا
عَلَى كَاهِـلٍ مِنِّي ذَلُوْلٍ مُرَحَّــلِ
وَوَادٍ كَجَـوْفِ العَيْرِ قَفْرٍ قَطَعْتُــهُ
بِـهِ الذِّئْبُ يَعْوِي كَالخَلِيْعِ المُعَيَّــلِ

المحور الرابع: الليل عند الأعشى
تحدث الأعشى عن الليل فبين أن هريرة: للجنِّ بالليلِ في حافاتها زجلُ حيث يقول:
قالت هريرةُ لمّا جئتُ زائرها
ويلي عليكَ وويلي منكَ يا رجلُ
إمّا ترينا حفاةً لا نعالَ لنا
إنّا كذلكَ ما نحفى وننتعلُ
وبلدةً مثلِ ظهرِ الترسِ موحشةٍ
للجنِّ بالليلِ في حافاتها زجلُ
جاوزنها بطليحٍ جسرةٍ سرحٍ
في مرفقيها إذا استعضتها فتَلُ
بل هل ترى عارضاً قد بتُّ أرمقهُ
كأنما البرقُ في حافاتهِ شعلُ
لهُ ردافٌ وجوزٌ مفأَمٌ عملٌ
منطَّقٌ بسجالِ الماءِ متصلُ

المحور الخامس: الليل عند الخنساء:
تحدثت الخنساء حيث تصف صخرا بقولها:
جَهمُ المُحَيّا تُضيءُ اللَيلَ صورَتُهُ
وقولها:
أَلا يَمنَعُ القَومَ إِن سالوهُ خُلعَتَهُ
وَلا يُجاوِزُهُ بِاللَيلِ مُرّارُ
حيث تقول:
مِثلَ الرُدَينِيِّ لَم تَنفَذ شَبيبَتُهُ
كَأَنَّهُ تَحتَ طَيِّ البُردِ أُسوارُ
جَهمُ المُحَيّا تُضيءُ اللَيلَ صورَتُهُ
آباؤُهُ مِن طِوالِ السَمكِ أَحرارُ
مُوَرَّثُ المَجدِ مَيمونٌ نَقيبَتُهُ
ضَخمُ الدَسيعَةِ في العَزّاءِ مِغوارُ
فَرعٌ لِفَرعٍ كَريمٍ غَيرِ مُؤتَشَبٍ
جَلدُ المَريرَةِ عِندَ الجَمعِ فَخّارُ
في جَوفِ لَحدٍ مُقيمٌ قَد تَضَمَّنَهُ
في رَمسِهِ مُقمَطِرّاتٌ وَأَحجارُ
طَلقُ اليَدَينِ لِفِعلِ الخَيرِ ذو فَجرٍ
ضَخمُ الدَسيعَةِ بِالخَيراتِ أَمّارُ
لَيَبكِهِ مُقتِرٌ أَفنى حَريبَتَهُ
دَهرٌ وَحالَفَهُ بُؤسٌ وَإِقتارُ
وَرِفقَةٌ حارَ حاديهِم بِمُهلِكَةٍ
كَأَنَّ ظُلمَتَها في الطِخيَةِ القارُ
أَلا يَمنَعُ القَومَ إِن سالوهُ خُلعَتَهُ
وَلا يُجاوِزُهُ بِاللَيلِ مُرّارُ


المحور السادس الليل عند الطغرائي:
جاء في (لامية العجم) للطغرائي قوله:
والليلُ أغرَى سوامَ النومِ بالمُقَلِ
وقوله:
تنام عيني وعينُ النجمِ ساهرةٌ
وتستحيلُ وصِبغُ الليلِ لم يَحُلِ
وقوله:
فسِرْ بنا في ذِمامِ الليلِ مُهتدياً
بنفحةِ الطِيب تَهدِينَا إِلى الحِلَلِ
حيث يقول الطغرائي في لاميته:
أصالةُ الرأي صانتْنِي عن الخَطَلِ
وحِليةُ الفضلِ زانتني لدَى العَطَلِ
مجدي أخيراً ومجدِي أوّلاً شَرَعٌ
والشمسُ رأْدَ الضُحَى كالشمسِ في الطَفَلِ
فيمَ الإقامُة بالزوراءِ لا سَكَني
بها ولا ناقتي فيها ولا جَملي
نَاءٍ عن الأهلِ صِفْرُ الكفِّ منفردٌ
كالسيفِ عُرِّيَ متناهُ من الخَللِ
فلا صديقَ إليه مشتكَى حزَنِي
ولا أنيسَ إليه منتَهى جذلي
طالَ اغترابيَ حتى حنَّ راحلتي
ورحُلها وقرَى العَسَّالةِ الذُّبلِ
وضَجَّ من لَغَبٍ نضوي وعجَّ لما
يلقَى رِكابي ولجَّ الركبُ في عَذَلي
أُريدُ بسطةَ كَفٍ أستعينُ بها
على قضاءِ حُقوقٍ للعُلَى قِبَلي
والدهرُ يعكِسُ آمالِي ويُقْنعُني
من الغنيمةِ بعد الكَدِّ بالقَفَلِ
وذِي شِطاطٍ كصدرِ الرُّمْحِ معتقلٍ
لمثلهِ غيرَ هيَّابٍ ولا وَكِلِ
حلوُ الفُكاهِةِ مُرُّ الجِدِّ قد مُزِجتْ
بقسوةِ البأسِ فيه رِقَّةُ الغَزَلِ
طردتُ سرحَ الكرى عن وِرْدِ مُقْلتِه
والليلُ أغرَى سوامَ النومِ بالمُقَلِ
والركبُ مِيلٌ على الأكوارِ من طَرِبٍ
صاحٍ وآخرَ من خمر الهوى ثَمِلِ
فقلتُ أدعوكَ للجُلَّى لتنصُرَنِي
وأنت تخذِلُني في الحادثِ الجَلَلِ
تنام عيني وعينُ النجمِ ساهرةٌ
وتستحيلُ وصِبغُ الليلِ لم يَحُلِ
فهل تُعِيُن على غَيٍّ هممتُ بهِ
والغيُّ يزجُرُ أحياناً عن الفَشَلِ
إني أُريدُ طروقَ الحَيِّ من إضَمٍ
وقد رَماهُ رُماةٌ من بني ثُعَلِ
يحمونَ بالبِيض والسُّمْرِ اللدانِ بهمْ
سودَ الغدائرِ حُمْرَ الحَلْي والحُلَلِ
فسِرْ بنا في ذِمامِ الليلِ مُهتدياً
بنفحةِ الطِيب تَهدِينَا إِلى الحِلَلِ
فالحبُّ حيثُ العِدَى والأُسدُ رابضَةٌ
نِصالُها بمياه الغَنْجِ والكَحَلِ
قد زادَ طيبَ أحاديثِ الكرامِ بها
ما بالكرائمِ من جُبنٍ ومن بُخُلِ
تبيتُ نارُ الهَوى منهنَّ في كَبِدٍ
حرَّى ونار القِرى منهم على القُلَلِ
يقتُلنَ أنضاءَ حبٍّ لا حَراكَ بها
وينحرونَ كرامَ الخيلِ والإِبِلِ

المحور السابع: الخيلُ والليلُ والبيداءُ تعرف الشاعر المتنبي: *
بين الشاعر المتنبي أنه شجاع مغوار يعرفه الخيلُ والليلُ والبيداءُ حيث يقول:
الخيلُ والليلُ والبيداءُ تَعْرِفُني
والسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقَلمُ
صَحِبتُ في الفلواتِ الوحشَ مُنفرِداً
حتى تعجَّبَ مني القُورُ والأكَمُ
يا مَن يَعِزُّ علينا أن نُفارقهم
وِجْدانُنا كل شيءٍ بعْدَكُم عَدَمُ
ما كان أخلقنا منكم بتَكرمَةٍ
لو أنَّ أمرَكُمُ مِن أمرِنا أمَمُ
إن كانَ سرَّكمُ ما قال حاسدُنا
فما لجُرح إذا أرضاكُمُ ألَمُ
وبيننا لَو رعيتُم ذاك مَعرفةٌ
إن المعارِفَ في أهلِ النُّهى ذِمَمُ
كَم تَطلُبونَ لنا عيباً فَيُعجِزُكُم
وَيَكرَهُ اللهُ ما تأتونَ والكَرَمُ
ما أبعدَ العيبَ وَالنقصانَ عن شَرَفي
أنا الثُّريا وذانِ الشيبُ والهَرَمُ
*المحور الثامن: الليل على الشاعر أبو فراس الحمداني:
الليل داج:
يصف أبو فراس الحمداني الليل أنه داج حيث:
فَــلَولا أَنـتِ مـا قَـلِقَـت رِكـابـي
وَلا هَــبَّـت إِلى نَــجــدٍ رِيـاحـي
وَمِــن جَـرّاكِ أوطِـنـتُ الفَـيـافـي
وَفــيــكِ غُـذيـتُ أَلبـانَ اللِقـاحِ
رَمَـتـكِ مِـنَ الشَـآمِ بِـنـا مَطايا
قِـصـارُ الخَـطـوِ دامِـيَـةُ الصِفاحِ
تَـجـولُ نُـسـوعُهـا وَتَـبـيـتُ تَسري
إِلى غَــــرّاءَ جـــائِلَةِ الوِشـــاحِ
إِذا لَم تُـشـفَ بِـالغَـدَواتِ نَفسي
وَصَـــلتُ لَهـــا غُــدُوّي بِــالرَواحِ
يَــقـولُ صَـحـابَـتـي وَاللَيـلُ داجٍ
وَقَــد هَـبَّت لَنـا ريـحُ الصَـبـاحِ
لَقَـد أَخَـذَ السُـرى وَاللَيـلُ مِنّا
فَهَــل لَكَ أَن تُــريــحَ بِـجَـوِّ راحِ
فَـقُـلتُ لَهُـم عَـلى كُـرهٍ أَريـحوا
فَـفـي الذَمَلانِ رَوحي وَاِرتِياحي
إِرادَةَ أَن يُــقــالَ أَبــو فِــراسٍ
عَـلى الأَصـحـابِ مَـأمونُ الجِماحِ

طول الليل على الشاعر:
عن طول الليل على الشاعر أبو فراس الحمداني في قصيدة وُقوفُكَ في الدِّيارِ عَلَيْكَ عارُ:
وُقوفُكَ في الدِّيارِ عَلَيْكَ عارُ
وَقَد رُدَّ الشَبابُ المُستَعارُ
أَبَعدَ الأَربَعينَ مُجَرَّماتٌ
تَمادٍ في الصَبابَةِ وَاِغتِرارُ
نَزَعتُ عَنِ الصِبا إِلّا بَقايا
يُحَفِّدُها عَلى الشَيبِ العُقارُ
وَقالَ الغانِياتُ سَلا غُلاماً
فَكَيفَ بِهِ وَقَد شابَ العِذارُ
وَما أَنسى الزِيارَةَ مِنكِ وَهناً
وَمَوعِدُنا مَعانٌ وَالحِيارُ
وَطالَ اللَيلُ بي وَلَرُبَّ دَهرٍ
نَعِمتُ بِهِ لَياليهِ قِصارُ

عشِق عَوارِي اللَيالي
تحدث الشاعر أبو فراس الحمداني في قصيدة وُقوفُكَ في الدِّيارِ عَلَيْكَ عارُ عن عشِق عَوارِي اللَيالي حيث يقول:
عَشِقتُ بِها عَوارِيَّ اللَيالي
أَحَقَّ الخَيلَ بِالرَكضِ المِعارُ
وَنَدماني السَريعُ إِلى لِقائي
عَلى عَجَلٍ وَأَقداحي الكِبارُ
وَكَم مِن لَيلَةٍ لَم أُروَ مِنها
حَنَنتُ لَها وَأَرَّقَني اِدِّكارُ
قَضاني الدَينَ ماطِلُهُ وَوافى
إِلَيَّ بِها الفُؤادُ المُستَطارُ
فَبِتُّ أُعَلُّ خَمراً مِن رُضابٍ
لَها سُكرٌ وَلَيسَ لَها خُمارُ
إِلى أَن رَقَّ ثَوبُ اللَيلِ عَنّا
وَقالَت قُم فَقَد بَرَدَ السُوارُ
وَوَلَّت تَسرُقُ اللَحَظاتِ نَحوي
عَلى فَرَقٍ كَما اِلتَفَتَ الصُوارُ
دَنا ذاكَ الصَباحُ فَلَستُ أَدري
أَشَوقٌ كانَ مِنهُ أَم ضِرارُ

*المحور التاسع: الليل عند البحتري:
المُدام تَظُنُّها وَهيَ نَجمٌ ضَوَّأَ اللَيلَ أَو مُجاجَةُ شَمسِ
بين البحتري أن المُدام تَظُنُّها وَهيَ نَجمٌ ضَوَّأَ اللَيلَ أَو مُجاجَةُ شَمسِ
حيث يقول في قصيدة صُنْتُ نَفْسي عَمّا يُدَنِّسُ نَفْسي:
https://youtu.be/Q2ydgyK5LxA
صُنْتُ نَفْسي عَمّا يُدَنِّسُ نَفْسي *** وَتَرَفَّعتُ عَنْ جَدا كُلِّ جِبْسِ
تَصِفُ العَينُ أَنَّهُم جِدُّ أَحيا *** ءَ لَهُم بَينَهُم إِشارَةُ خُرسِ
يَغتَلي فيهِم ارتِابي حَتّى *** تَتَقَرّاهُمُ يَدايَ بِلَمسِ
قَد سَقاني وَلَم يُصَرِّد أَبو الغَو *** ثِ عَلى العَسكَرَينِ شَربَةَ خُلسِ
مِن مُدامٍ تَظُنُّها وَهيَ نَجمٌ *** ضَوَّأَ اللَيلَ أَو مُجاجَةُ شَمسِ
وَتَراها إِذا أَجَدَّت سُرورًا *** وَارتِياحًا لِلشارِبِ المُتَحَسّي
أُفرِغَت في الزُجاجِ مِن كُلِّ قَلبٍ *** فَهيَ مَحبوبَةٌ إِلى كُلِّ نَفسِ
وَتَوَهَّمتُ أَنَّ كِسرى أَبَرويـ *** ـزَ مُعاطِيَّ وَالبَلَهبَذَ أُنسي
حُلُمٌ مُطبِقٌ عَلى الشَكِّ عَيني *** أَم أَمانٍ غَيَّرنَ ظَنّي وَحَدسي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى