ياسر أنور - السين والشين بين العربية والهيروغليفية والعبرية.

ذكر القرآن في الحوار بين الله تعالى وموسى عليه السلام ، ذكر عبارات وألفاظا مشتركة بين العربية والمصرية القديمة ، كدليل توثيقي يشير إلى الخلفية الثقافية واللغوية لأحداث تلك القصة المهيبة ، وهو الأمر الذي ليس له نظير في التوراة. التي استعملت ألفاظا عادية لا تحمل البصمة الثقافية لنبي الله موسى الذي تربي في مصر ، واقام في مدين عشر سنين. وقد كان تركيز التوراة في سرد أحداث قصة موسى على فكرة اضطهاد فرعون لبني إسرائيل، ورغبة موسى في الخروج بهم إلى الأرض التي تفيض عسلا ولبنا (أرض الكنعانيين)، دون توجيه دعوة إلى فرعون ليكف عن جبروته وغطرسته وادعائه الألوهية. أما القرآن ، فقد تناول القصة بمفهوم أوسع بكثير يليق برسالة الأنبياء، وهي الدعوة إلى التوحيد ،وعبادة الله الواحد، والإيمان بالقيامة والبعث، وإقامة الصلاة والكف عن الظلم، وغير ذلك من القضايا الإيمانية الكبرى التي لم تلق التوراة لها بالا. تقول التوراة في سفر الخروج ، الإصحاح الثالث :" إني قد رأيت مذلة شعبي الذي في مصر ، وسمعت صراخهم من أجل مسخريهم. إني علمت أوجاعهم فنزلت لأنقذهم .... وأصعدهم من تلك الأرض إلى أرض جيدة وواسعة إلى أرض تفيض لبنا وعسلا. وقد استعمل القرآن لفظة السلام في قوله تعالى لموسى عليه السلام عند مخاطبة فرعون ، وذلك في قوله تعالى :" والسلام على من اتبع الهدى". وكلمة السلام كلمة شهيرة في العبرية أيضا ، ونحن نرددها على سبيل الدعابة في كثير من الأحيان في قولنا شالوم. وإذا كانت العبرية التي هي خليط من المصرية القديمة والكنعانية ، قد حافظت على كلمة شالوم، فهل هذه الكلمة (شالوم) لها نظير مصري قديم؟ إذا رجعنا إلى المراجع الهيروغليفية، فإننا نجد أن كلمة سلام بالمصرية القديمة هي شلم أو شلام بحرف الشين أيضا. وقد كان حرفا السين والشين في المصرية القديمة تبادليين مع العربية ، فمثلا كلمة سمسم تنطق بالمصرية القديمة شمشم، وكلمة قدس تنطق قدش أو قادش، وهناك معركة شهيرة بين رمسيس الثاني والحيثيين تسمى معركة قادش ، وهي بالعربية معركة القدس. إننا نستطيع أن نصل إلى قناعة تامة بأن العبرية تأثرت بالمصرية القديمة في كثير من الظواهر اللغوية، منها تبادل نطق حرفي السين والشين، كما أننا نستطيع أن نصل إلى قناعة أخرى أشد رسوخا، وهي فكرة أن القرآن استعمل الألفاظ في قصة يوسف وموسى والأنبياء جميعا، وهو يراعي الخلفية الثقافية للمفردة اللغوية، ليؤكد أنه تنزيل رب العالمين.

الصورتان المرفقتان شمشم المصرية وشلام المصرية أيضا في مقابل سمسم وسلام العربيتين.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى