روشان صفا - حقيبة ظهر

حملتُ كل أحلامي، ورتبتها بدقةٍ متناهيةٍ، فهي مُتراصة بشكل دائريّ، حتى لا تأخذ حيزًا من الحقيبة.
بدأت بالأهم فالمهم، حتى وصلت للضروري، هل هناك حُلم ضروري وحلم مؤجل؟
نعم يوجد.. يوجد حلم عاجل، هو حلم سعادة القلب الذي لا يتحقق إلا بوجود من نحب بجوارنا، أيًا كان مَن نحب، حتى وإن كان عصفورنا الذي نألف صوته. فما بالك بحبيب غائب عن جوار قلبك، ولكن هذا الحُلم أصبح في قاع الحقيبة، فالأحلام الأخرى أصبحت طافية على وجه الحقيبة، وأزاحت هذا الحلم للقاع، ثم يعود صراع الأحلام بالحقيبة لتصل إلى سطح عقلك، وتستحوذ على اهتمامك وجهدك وتركيزك وعملك، حتى تتحقق وتشعر بسعادةٍ مؤقتةٍ. كانت الجيوب الكثيرة بالحقيبة مملوءة بالأحلام الصغيرة. تلك التي علقت بذهني وأنا أسير مُسرعة لتحقيق الحلم المنتظر، وهناك من هُم سعداء الحظ الذين يحقق لهم الآخرون أحلامهم، وهم جالسون بلا تعب ولا جهد. تبًّا لهذه الدائرة الشيطانية التي نعيش فيها، وتنحدر أحلامنا شيئًا فشيئًا حتى تصل إلى قطعة خبز صغيرة وكوب شاي لسد جوعنا، وجورب غير متطابق يتخفى داخل حذاء بعنق طويل ترتديه على عَجَل؛ لتلحق بمقعدٍ فارغ بطائرة أحلامك، لتصل بك لسراب حلم تكافح من أجل أن تحققه. إنها دواماتُ الحياة التي ندور فيها مثل بئر مصقولة الجدار، نرتفع مع الماء حتى نصلَ لفوهة البئر عالقين بأمل كاذب أن تقذفنا البئر لليابسة، وإذا بضغط الدوار يذهب بنا للقاع، وهكذا بين قاع وسطح الحياة.


روشان صفا/ مصر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى