د. آمنة بلعلى - راسخ في الهباء

كيفَ لي أن أرسمه ؟
جُمَلٌ بكماءُ، ونُصوصٌ دون معنى،
وأنْصافُ موهوبين، ومدائحُ غارقة في الزيف،
والدراويش في الساحات يهتفون: يحيا ...يحيا
يقبل باهتا بلا خطو ولا دليل
مثاقل الحرف مكسور الكلام
في كفّيه جمر
وفي صدره رمل وتراب
يقبل كالغبار
لا ندى في عينيه ولا ظلال
يجرّ وهْمَه
وينحت آتيهِ على جفن السّراب
حائر بلا لون
قاحل، وأجرد، ويابس، وطاعن في الزيف
وصاخب بلا أثر
حتى إذا ظننتُ تأويلَه
قلت : راسخٌ في الهباء
يختفي خلف ظلّه
أجوفا بلا معنى
مفرغا من دون سرّ
هكذا أرسمه:
متن بلا ذاكرة، وحكاية بلا خيال،
كائن ولا كينونة له
كآبة حطّت على الجدار
وآفة تخلط الليل بالنهار
وهاوية ليس لها قرار
هكذا أرسمه :
شمس عمياء
ورياح عابرة
وغيوم كاذبة بلا مطر
أيتها السنوات المريرات
يا وجعا أثقل ظهر الأيام
وتوغّل في العمر بلا أوان
يا خطئي
وخطيئتي وغربتي ومنفاي
النصّ متن حارق
وظلّه في الماء ريبة وتيه
وهذا النهر بيننا
أسئلة مشقوقة مشلولة بلا خيار
كان...
(وهل كان حقا؟)
ليته لم يكن.
ليس شكلا، ولا صورة، ليس معنى
ليس صوتا، ولا نغمة، ليس فحوى
ليس نفيا ، ليس إثباتا،
ليس إلا....
هكذا أرسمُهُ،
ليتني أمحوه،
فلا يبقى على المتن أثر.

آمنة بلعلى

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى