ناصـر فــولى - هند فى التراث

هند، اسم عربي له معان كثيرة، أول معنى له اسم للمائة ناقة، وأيضا معناه اسم من أسماء السيف، ومعان أخـرى، وورد اسم هند كثيرا في التراث العربي، في الجاهليـة وفي الإســلام وفي الشعر، وسوف نحكي لكـم عن هنـد بنت النعمـان بن المنـذر، كان ملك الحيــرة باليمن وكانت ڤائقة الجمــال وشاعرة، وبعـد أن قام كسـرى ملك الفرس بسجن أبيها، حزنت حـزنــا شديدا، واعتزلت الدنيــا ودخلت الدير، فسُميَّ بدير هند، حتي جــاء خالد بن الوليـد وعرض عليها الإسلام، وأمـر لها بعطــاء، فرفضت وظلت على دينهـا، وكان هنــاك أيضــا هنـــد بنت الحــارث بن عمر، تزوجها المنذر ابن مـاء السماء، من ملوك الحيرة من المناذرة، وأنجب منها ثلاثة، منهم عمرو بن هند وقصته الشهيرة مع عمرو بن كلثــوم ، حينما قال فيمــا قال: مَنْ منكم يرى أن هناك من العرب من ترفض خدمة أمي، فقال له الجمع: ليس هناك ندٌ لها إلا أم عمرو بن كلثـوم ، فهي ليلي بنت عــدي بن ربيعـــة الزير سالــم، وعمها كليب بن ربيعة عمها وزوجهــا ملك، فأراد عمرو بن هنــد أن يذل عمـرو بن كلثوم وأمه ليلى، فجمع أكابر العرب وأشرافهم للمائدة التى أقامها، ليشهدوا ما نوي أن يفعله بليلى بنت الزير سالم، وأنها سوف تخدم أمه هند، وبالفعل طلب من عمـرو بن كلثوم وأمه أن ينزلا ضيفين عنده، وأثناء الضيافــة طلبت هند من ليلى أن تناولها إنــاء، فأيقنت ليلى أن هنــد تريــد إذلالهــا فرفضت وقالت : صاحبة البيت أولى بخدمة نفسها، وكررت هنــد طلبها مـرة أخرى من ليلى فصاحت وقالت : واذُلّاه ، ففهم عمرو ابنها المكيــدة التي دبرهــا ابن هند لــه ولأمــه، فاستـلَّ سيفــه وقتله !!
وقال في هذا الأبيات التالية :
أبا هند فلا تعجل علينا وأنظرنا نخبرك اليقينا
تهددنا دوما وتوعدنا فمتي كنا لأمك مقتوينا
أي متى كنا لأمك خادمينا، وقتله !!
وإليكم بهند أخــرى، إنها هند بنت عتبة بن ربيعة، هي من هي، كانت متزوجــة برجل قبل الإسلام اسمه فاكه، وكان رجــلا ثريا، وذات يوم كان هناك رجل نام في مضيفته، فرأي هند بجوار الرجل، فرماها بالزنا، وأرسلها إلي أبيها عتبة، فدار حوار مع أبيها وقالت له: يا أبي أوتزني الحــرة ؟، فقال لها: لا تحزني، سوف أرسل الكاهن ليوضح الأمــر، فقالت لــه: يا أبتِ ربما أخطأ الكاهن، قال: هذا الأمر لن يفوتني أن أختبره ، وبالفعل قــام أبوها بوضع خبيئة بر في دبــر مهـر الحصـان في رحلتـه للكاهن وسأله : يا كاهن ماذا أخبئ ، فقال له خبيئة بـر في دبر مهر؛ أي حصــان ، فعرف أنه من الحازقين البارعين في علم النجــوم ، فأخبره بما حدث لهند ، فحدد يوما لهند أمام الناس جميعا، وبدأ يمسك رأس كل سيدة حتى وصل إلى هند، فقال غير رسحاء ولا زانية ، وستلدين ملكا اسمه معاويـة، فثبتت براءتها، ورفضت أن ترجع إلى فاكه، وقالت :طمعت أن تكون أبا الملك !!
وإليكم هند أخـرى، هى هند بنت المهلب بن أبي صفره، كان أبوها ڨائد جيوش المسلمين في بلاد السنــد والهنـد ، وكان أولاده أكثــر من ثلاثة مائة، وتزوجت الحجــاج بن يوسف الثقفي وبعد أن تزوجها، وكان قد سجن أخاها زيـدًا، وكانت تحب أن تساعد إخوتها وتفعـل كل شيء من أجلهم، هذه شخصية هند الجميلة الذكية، التي ضحت من أجل أهلها !!
وإليكم بهند أخــرى، هي هند بنت النعمـان الأنصــاري وكانت زوجــة للحجاج أيضــا، وكانت شديدة الجمـال، وكانت تختـال بنفسها أمام المــرآة ذات يـوم، وقالت: انما أنا مهرة سليلة أفراس تحللها بغــل ، فإن أنجبت مهرا فلله دره ، وإن أنجبت بغـلا فأتي به البغــل؛ معنى هذه العبارة أنها إذا أنجبت طفلا جميلا ، فهي من أنجبتــه، وإن أنجبت طفلا غير جميل، فإنه قد أتي به أبــوه الحجاج، فسمعها الحجــاج فأرسل إليها خادمه عبدالله بن طاهر، وقال: أعطهـا صـداقها مائتي ألف درهم، وقل لهــا كلمتين؛ أي طلقها في كلمتين، كنتِ فبنت؛ أي أنتِ طالق !!
فقالت: كنـا فما ندمنا، وردت عليــه الصداق، وبعـد أن طلقها الحجـاج سمع بخبرها عبد الملك بن مروان، فأرسل يخطبها فوافقت، وطلبت أن يجـر زمام جملها، حتي تصل إلى قصر عبد الملك حتي تذل الحجاج، وبالفعل تم هــذا، وفي الطريــق رمت على الأرض دينــارا وقالت : يا هذا سقط مني درهم، فقال لها بل دينار ، فقالت له بل درهم ، فقال لها بل دينار ، فقالت الحمد لله الذي بدل الدرهم بدينــار، وكذلك ذكر الكثير هند في شعرهم ، في العصر الأمــوي ، وفى كثير من الأزمنة ، وفي كل العصور كان اسم هند ملهما للشعراء !!
قصيدة هند بنت عتبة في غزوة أحد ...
نحن بنات طارق
نمشي على النمارق
ومن أبي نفارق
إن تقبلوا نعانق
وإن تدبروا نفارق
فراق غير وابق
والمسك في المفارق
والدر في المخانق
وهناك شعراء كثيرون ذكروا هند في شعرهم، وأحد هؤلاء بشار بن بُرد ، قال فيها ...
طال في هند عتابي واشتياقي وطلابي
واختلافي كل يوم بمواعيد كذاب
كلما جئت لوعد كان ممسي في تباب
اختلفت حين أريدت مثل اخلاف السراب
لامني فيها يزيد وجفا دون صحابي
قلت للائم فيها غص منها بالشراب
لا تطاع الدهر فيما قد عناني بقراب
ليت من لام محبا ورماه باعتياب
أرهقت هند حياتى، ما لهند من مآب
ناله الله بسقم شاغل أو بعذاب !!
وقال أمير الشعراء أحمد شوقي في هند :
قد لامني يا هند في الحب لائم
محب إذا غدا الصحاب حبيبي
فما هو بالواشي على مذهب الهوى
ولا هوى في شرع الغرام مريب
وصفت له من أنت ثم جرى لنا
حديث يهم العاشقين عجيب !!
وهناك شعراء كثيرون ذكـروا هند في مواقع مختلفة، وفي أزمنة مختلفـة، فهنـاك شعراء في العصر العباسي ، وفي العصر الأمــوي وفي العصر الحديث ، فهنــد اسم لــه تاريخ في التراث العربي والشعر، وكل شاعر تناول الاسم بطريقته، خاصة في الحب والغزل .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى