عبدالجليل الحافظ - لوحة

استلقى على ظهره في ذلك السهل الواسع حيث لا شيء معه إلا ضوء القمر وقليل من النجوم الخافتة الوادعة، رسم حوله تلك الدائرة السحرية لتمنع عنه أذى الليل وما يهيم فيه من مخلوقات. جسده مخبوء فيها، لكن خياله امتطى جناحين وانطلق خلف آفاق أكثر رحابة واتساعًا من أي سهل رآه، نحو سماء أخرى. لم ينس في هذه الرحلة شيئًا قد يحتاج إليه، فقد أخذ معه ألوانه وريشته، بدأ يرسم سماءً مختلفة عن تلك التي نعرفها وشمسًا دافئة جميلة لا ترسل لهيبًا، بل ترسل أنغامًا وموسيقا تحيل المكان إلى بهجة مغايرة عن البهجة الجميلة التي يرسلها ضوء القمر، كان ما يزال يرسم حفلة راقصة يحضرها جميع سكان ذلك السهل الخيالي، لا يوجد بينهم أمير أو فقير يدس تفاحة في جيبه.
بدأت أنغام الحفل تزداد نورًا وبهاءً حيث تستمد جمالها من امتدادات الشمس الدافئة على لوحة السماء التي يبدع رسمها، ورقصات الجميلات تزداد إيقاعات خطواتهن حيث ما زلن يتوافدن على ساحة الجمال.
يحلقن متماسكات الأيدي في إيقاع جميل وخشوع كأنها صلوات تتلى في حرم ذلك المكان.
حين أكمل الرسمة اتجه إليهن ليراقصهن، لكن حية انتهكت حرم الدائرة السحرية ونهشت -بسمها الناقع في أنيابها-فخذه ليفارق الحياة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى