علجية عيش - كاليغرافيتي... للخطاط الجزائري عبد الحفيظ قادري

انعدام الرقابة والتملص من المسؤوليات تجاه المعالم المعمارية وراء تهميش فن الكاليغرافيا

دعا الفنان التشكيلي الجزائري عبد الحفيظ قادري المهتمين بالمجال الكاليغرافي إلى إعادة قراءة هذ النوع من الفنون كظاهرة برزت بشكل ملفت للانتباه على المباني الدينية والتاريخية في بعض البلدان العربية ، و التعرف أكثر على هذا النوع من الفنون وروح الامكنة حتى ترفع عنها بعض الشبهات التي الصقها بها أعداء الفن الذين اعتبروها من الزندقة الفنية ولكن بكل ترفق يقول عبد الحفيظ قادري نتخيل انها موجة مكتسحة من الاهمال الرسمي وحالة من اللاوعي البصري والفكري لدى الفنان، و الخطاط عبد الحفيظ قادري خريج المدرسة العليا للفنون الجميلة بالجزائر، له مشاركات في معارض وطنية و دولية و كانت له لقاءات مع خطاطين عالميين كبار، حظي بتكريم خاص من طرف هيئات رسمية داخل و خارج الجزائر

342068119_750643013518338_5143506375684114220_n.png
قال عبد الحفيظ قادري أن الكاليغرافيا عبارة عن تجسيدات حروفية على كل سطح أملس وغير أملس وعلى مختلف الواجهات المعمارية، ينجزها شباب لا يحمل همًّا سوى المغامرة البصرية والظهور المتأسي بنماذج لامعة منتشرة هنا وهناك تمثل موجة الفن الحروفي المعاصر و على حد قوله فإن فنون الكاليغرافيتي والغرافيتي منجزات دون ادنى مراعات او تركيز او فهم لأهمية ذلك وحرمة الامكنة والابنية حسبه هو هي حالة من الجهل المغلف بفكر يدعي الاستئناس بعناصر الهوية البصرية العربية وتعزيز مكانة الحرف كمكون بصري مهم في التشكيل الانتمائي ، و قد بلغ الاسفاف في مثل هذه التوظيفات حدود لا يمكن ان تصدق، الغريب كما قال أنها لا تراعي المعايير الجمالية والفنية المعروفة في تناولاتها لدرجة انها اصبحت مجرد تشويهات الغت قيمة البساطة والخلو من كل مظاهر الاسفاف التي تخلصت منها الذائقة البصرية المغاربية في وقت مبكر من ذاكرة الفنون الخطية والزخرفية انه الهبل والخبل وانعدام الرقابة والتملص من المسؤوليات تجاه المعالم المعمارية خصوصا تلك التي لها حرمة دينية وتاريخية .. لو الامر متروك للاختصاص والتمكن فلا مانع من مثل هذه التوظيفات في اطار الكثافة المعرفية والدراية بالمعنى والقيمة والضرورة ..

و عبّر عبد الحفيظ قادري عن أسفه و حرقته لضياع هذا النوع من الفنون خاصة و إهماله من قبل اهله و كذلك السلطات عندما قال و بحرقة : " نحن ضيعنا البوصلة منذ زمن طويل .. أقول هذا بكل مرارة وانا واقع تحت تأثير ما أراه وما أسمعه وما نشهده كل يوم من تطاول داخلي وخارجي على التاريخ وعلى مجد وطن عظيم صنعه الرجال، و كان الشهداء الأحرص على مصلحته منا نحن المدعين، حتى تبين لنا أننا مجرد متقمصين لأدوار الوطنية .. نقف أمام رايته الطاهرة وقلوبنا عامرة بالتفاهات وباللهاث وراء قتامة نفوسنا وسوء أفعالنا وعلى ما يبدو فإن حرقة هذا الفنان على إهمال هذا الفن و وضعه في زوايا لنسيان إلى أن غطاه الغبار دفعته إلى أن يُحَمِّلُ الجامعة الجزائرية و مدرسة الفنون أيضا جزءًا من المسؤولية فيما تطرحه من اشكالية وواقع الجامعة ومخابر البحث والتاريخ وما تنتجه

السؤال الذي وجهه هذا الفنان للجمهور إن كانت هناك حقيقة تطوير ومواكبة وحفر معمق في مثل هذه المسائل بعيدا عن املاءات الأدلجة الغبية ؟ و هل هناك من يرافع عن الجزائر في مثل هذه المسائل ويثلج الصدر بمصداقية ويقدم صورة مشرقة جلية بلا غبش ولا لبس للأجيال القادمة؟ ثم أين دور المؤسسات الثقافية المختصة التي وظيفتها المنافحة عن الموروث الثقافي والفني للبلاد ونحن نراه يتعرض للنهب و السرقة كل يوم و لا مانع ولا رادع ...؟ كل هؤلاء أمام ما يحدث معنا هذه الأيام من تشوه، حتى أصبح الأراذل يتهجمون على تاريخ بلد عظيم بحجم الجزائر ولا أحد يملك المبادرة ولا البينة ممن يفترض أنهم في الصفوف الأولى يلقون عصيهم كي تلقف ما يأفك المدعون وصرنا نستأنس بجهود غير مختصة أحيانا تعيد لنا بعض ما ضاع منا من هيبة وبقية اعتبار ؟ المسألة حسبه هو معقدة وتحتاج للمزيد من التوضيح و المساءلة ومراجعة الذات وتحتاج أيضا للمزيد من حرص الجهات الرسمية كي تتحمل مسؤولياتها أمام هذا الذي يحدث ، فمن كانوا من قبل مع قلة الحيلة وانعدام الوسيلة أنتجوا علما وفكرا وثقافة ومكانة نحن نفتخر بها اليوم بين الأمم .. أين نحن وأين نتاجنا وأين ما يمكن أن نقدمه للأجيال القادمة غصة و حنق ووجع في القلب.

كانت هذه تساؤلات فنان تشكيلي قلبه ينزف دما عن فن ملتزم أصبح نسيا منسيا و قد رفعه فنانون غربيون الى مرتبة الألوهية و سجلوا بصمات من وضعوه في سجلات من ذهب ، و قد حان الوقت لترويج هذا الفن و مناقشته في ندوات و ملتقيات يحضرها المختصون للتعريف به أكثر و أبعاده الفنية على العمارة العرببة و الإسلامية، تجدر الإشارة و حسب الكتابات فإن الكاليغرافيا تعني في اللغة اليونانية "الخط الحسن" وهي فن كتابة الأحرف بشكل جمالي على الورق أو الورق المقوى أو ما إلى ذلك وفق قواعد محددة باستخدام القلم أو الفرشاة. يطلق على الفنان الذي يمارس هذا الفن اسم "كاليغراف"، و ترجع أولى نماذج الكاليغرافيا إلى 3000 عام قبل الميلاد وعثر عليها في مصر كما عثر في ثقافات مختلفة على استخدامات جمالية و وظيفية لأنواع متعددة من الخطوط. يُراعى في الخط الوظيفي أن يكون سهل القراءة والكتابة، أما في الخط الفني فتُراعى الناحية الجمالية.

وقد تطورت فنون الكتابة وتعددت في الغرب خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر وكانت تستخدم لأغراض تزيينية و وظيفية وفي القرن التاسع عشر شهد فن الكتابة الجمالية انتعاشا ملحوظا في الغرب. أما في الشرق الأقصى فتعتبر الكاليغرافيا بمثابة لب فن الرسم، أما في الجزائر تشير مصادر أن هذا النوع من الفنون ظهر منذ القديم في المدارس القرآنية والزوايا التي كان لها الفضل في المحافظة على هذا الموروث خاصة في زمن الاستعمار، من أبرز الخطاطين الذين عرفوا في الجزائر تذكر الكتابات الخطاط محمد بن القاسم القندوسي و هو من الخطاطين الصوفيين وهو من أعلام القرن الثالث عشر الهجري ، تعلم القندوسي في منطقة الشاذلية وتوفي فيها وقد ترك العديد من مؤلفاته وقد نسخ العديد من المصاحف بيده في اثنتي عشر مجلداً بخط مغربي والذي أبدع فيها، و الأخوين عمر و محمد راسم اللذان تركا رصيداً من الدراسات القيمة عن الرسم الموسيقى و كذلك الخط .

علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى