كاظم حسن سعيد - البريكان: مجهر على الاسرار وجذور الريادة ج4

ج4

((جلسة الاشباح : تثلج المشاعر والشعور باللاجدوى ))

(( لماذا ؟قالت البغاء مال القفص الاخضر اذ اهتزت تلاشت ذبذات القفص الاخضر وقالت مرة اخرى لماذا؟
اطبق الصمت
تلاشى هو في مقعده بين المجلات وضاعت هي في مرآتها قالت <لقد فات على ما يظهر الوقت وقال لنفسه <اظنه فات وسوف يفوت يوميا> وبعد هنيهة قالت :
الا تخرج للحفلة <وانت؟><انا سابقى بعد ان افرغ من شعري اظن احوك شيئا ما>...
(في مطلع السبعينات كرهت الحياة...بعد سنوات عدت حريصا عليها م)..هذا التصريح يسلط الضوء على الطقس النفسي الذي كتبت فيه قصيدة <جلسة الاشباح>..تحاول الزوجة ان توفر لبعلها ما يسعده ولكنهما يعيشان في طقسين نفسيين مختلفين ومستويين فكريين متغايرين.انه ينسى المألوفات فتذكره بالضيوف..لكنه مشغول بالزمن الرتيب المتعاقب وليس في غد واحد.. لا تستقطبه الاخبار كما اقترحت ..ولا السيرك لانه سيقع في قبضة الشفقة من الحزن المعمق في عيون الفيل الذي غادر حريته وتحولت غابته الى قفص: ربما كان قائد قطيع او انثى فقدت ذكرها..لم تثه المعرقلات في الغابة الشاسعة وقد فرضت اليأس عليه قساوة الحديد.
ما تقترحه الزوجة له,ما يراه الناس منبعا للترفيه سيقوده الى تأمل المصائر:
سيتابع الشاعر هذه المصائر لاحقا ويشبعها بحثا(جواد السباق الفريد سينتهي مشدودا الى عربة, ويتذكر باسف بالغ زهوه وهم يصفقون, والسفينة التي تنتهي الى مطعم عائم والاسد في قفصه يتناول ذات اللحوم فاقدا لذة الافتراس.)..كنت ارى البريكان مهتما بالسيرك..يتابعه من الشاسة البيضاء..وقد خيم سرك في البصرة لمرة واحدة اواخر الستينيات او مقتبل السبعينيات من القرن الماضي..(السرك الذي سرق لصوص بعض جياده )في الحقبة التي كتبت فيها <جلسة الاشباح>..الزوجة تتناسى حيويتها وروح الطفلة فيها وتتمكن منها الرتابة ويتثلج الحماس.يقبض عليها الصمت ويتثلج فيها الحماس..يعتقلها الصمت وتشغلها الحياكة : عائلة ساكنة ..غادرها التجدد وتوقع المفاجئات.ان الببغاء في القصيدة ليست جسدا غريبا فيها فتلك ال <لماذا>هو الاستفسار الصارخ بفضاء الانجماد العائلي وجرس تنبيه (الببغاء في القصيدة بمثابة جرس م)..لكن الببغاء رغم جمالها وطرافتها وقوة سؤالها لا تحرك السكون في عائلة هبطت بالتدريج الى مناخ الرتابة الذي اصبح سمة الجو العائلي.عبثا حاول الزوج ان يكون لطيفا معها فلقد فات الاوان ...وعبثا حاولت ان تخفف من حزنه فلم تنجح ..أمرأته تقترح عليه ان يمضي الى الحفلة او المسرح او اليهم وهو لا يستجيب انه يجزع من السائرين في النوم ..الذين يصعب فهمهم الا بعد قراءة قصيدته <اسطورة السائر في نومه >.(يمر بالناس الكثيرين وبالاشجار فلا يرى شيئا, وقد يبتاع في الطريق جريدة يقرأ فيها اخر الاخبار.. وهو غريق بعد في سباته العميق .......)..اخيرا يختار الرجل المتعقل الذي حاول احداث التغيير في المزاج الاسري خاسرا حاول ان يختار المغامرة وقرر المضي الى واقع مجهول لعل فيه الخلاص. ستتكرر في شعره لاحقا مثل هذه الخيارات (هناك حل .. ان نرمي بانفسنا الى المحيطات م)اغلب المزعجات يستطيع ان يغادرها الانسان الا المنزل ..فهو مأواه الابدي ومركز استقراره..فاذا عصفت به الهزات او الجليد فاين يمضي وكيف يستقر..كيف تتحول المرأة الى آلة او صنم ,كيف تغادر روح الاستقطاب وتتناسى سحر انوثتها ولماذا تحنط الجمال وتعصف بالرجل او تقتله روحا..كيف تغادر قوة العاطفة وفيها علة وجودها .

كاظم حسن سعيد \العراق

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى