عواطف عبداللطيف - الِرحلة الأخيرة

في مكاتب الخطوط الجوية , حجوزات تُؤَكَّد ، وتذاكر تُقطع ، ومبالغ تُدفع
أكدتُ الحجز وفي الوقت المحدد وصلت قاعة المطار .. معي أهلي وأحبتي ، ألكل يتدافع من كل الأعمار ، وأنا معهم .. أجر حقيبتي ، نحاول الوصول بما نحمله من حقائب لإتمام عملية الوزن ضمن المقرر والمسموح لكل درجة ,, يسارع البعض بفتح الحقائب من جديد للإستغناء عما يزيد عن ذلك أو الركض إلى المحاسب من أجل الدفع حسب الأجور المعتمدة وفي داخله ألم لهذه الزيادة .
يعلن مكبر الصوت في القاعة .. ألنداءالأخير للمسافرين على طائرة الخطوط ..... رحلة رقم !! ألمتوجهة إلى !!
ألتوجه إلى الطائرة عبر البوابة رقم !!!
مع تمنياتنا للجميع برحلة ممتعة
لحظات صعبة تمر ، قبلات وآهات وأحضان ودموع لمن يودع , ولحظات جميلة لمن يقف على بوابة اللقاء وهو في شوق ولهفة ، ودعتهم ولم أستطع الإلتفات بعد لأرى الوجوه وهي تغرق بالدموع واصفرار وجه أمي وهو يرتجف وشفتاها تردد الدعاء .
بدأ المسافرين بالتوجهه إلى قاعة الانتظار وهم يتسابقون للظفر بمقعد فيها يستطيع امتصاص القلق الذي يعتري النفوس ... ألأطفال يتراكضون هنا وهناك وأصوات صراخ البعض منهم يملأ المكان .. هذا يدحرج كرة والثاني يريد أن يشرب وآخر يطلب من والدته أن تحمله ، والبعض الآخر يجلس بهدوء يتطلع إلى كتاب في يده أو إلى جهاز الحاسوب أو الهاتف النقال ليلقي آخر كلمات الوداع ، وعاملات المطار يخترقن الصفوف بسرعة واحدة تدفع سيدة كبيرة بالسن وأخرى تدفع رجل معوق ليقفن في المقدمة.
ألدقائق تمر بصعوبة .. الكل ينتظر ، وعيونه شاخصة على بوابة الدخول ، وإلى المضيفة التي تقف هناك حاملة سجل المسافرين .. وينظر إلى ساعته بملل وكأن الدقائق دهر ..
تنادي المضيفة بمكبر الصوت بالتوجه إلى الطائرة عبر المدرج رقم !!!
على أن يتقدم أصحاب الدرجة الأولى أولاً
ثم كبار السن والمعوقيين والأطفال وعوائلهم
ثم بقية ركاب الدرجة السياحية
ألكل يتدافع للدخول بسرعة حسب الإعلان , وكل واحد يتمنى أن يكون في البداية ويمر بسلام .. يعيش عالمه وأفكاره تحلق بعيداً , هذا يرمي بقنينة الماء الفارغة إلى سله المهملات والثاني يطفيء سيكارته والآخر يتخلص مما في يده من طعام وهو يتدافع , وأعصابي تتفنن في الإعلان عن ما أحسه في هذه اللحظة من خوف وحزن وقلق وأنا أنتظر دوري تاركة ذكريات عُمْر ، وصوراً ، وأماكن ، ودمعة في قلب أمي لأعبر إلى مجهول لا أعلم كيف سيكون !! تمتد يد لتساعدني في دفع حقيبتي التي أسحبها معي ، يد لشاب عزَّ عليه حالي ..
تطلعت من زجاج النافذة إلى السماء المملوءة بالغيوم البيضاء وأنا أردد بصمت .....
الحمد لله
ياترى كيف ستكون رحلتنا الأخيرة!!!!!!
وإلى أية بوابة سنتوجه!!!!!!
ومن سيكون في المقدمة!!!!!!!
عندما يفرد الميزان كفتيه ساعة الحساب.
؛
1\10\2012
عواطف عبداللطيف
  • Like
التفاعلات: ابتسام ابراهيم

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى