د. سليم جوهر - المثاقفة (بين الغزو والاندراج الثقافي)

في وسائل التواصل تجد الكثير ممن يبكي على ضياع الثقافة الاصيلة ويصب جام غضبه على الاستسلام للغزو الثقافي الغربي ويدين خذلان المثقفين لما يدعو له وعجزهم في التصدي لهذا الغزو البغيض. ولا يدري انه باستخدامه لوسائل التواصل الغربية فهو من حيث لا يشعر او يدري تندرج ثقافة الغرب البغيض في تكوينه الثقافي وتشكل مزاجه المعرفي.
والاندراج الثقافي يراد به العملية التي تدخل بها الثقافة الى وسطنا بهدوء وسلاسة مع القبول بها على عكس الغزو الذي يشير الى العنف والقهر والرفض.
وواحدة من تمثلات هذه العملية كما نشاهد ونلاحظ الكمية الكبيرة والمعتددة لاشكال (النسخ واللصق) والعدد الهائل للفيدوهات والبوستات المثيرة التي يتم التراسل بها من خلالها بهذه الاداة المعرفية. مضافا الى ذلك العدد الكبير من البرامج والتطبيقات المخصصة لذلك.
من خلال هذا العرض الموحز لعملية الاندراج الثقافي لوسائل التواصل يمكن تسجيل الملاحظات التالية:
1. التواصل المعرفي يتطلب تبادل الافكار والرؤى والنقاش حولها. مما يعني بذل الجهد والانتاح المعرفي كي يتعرف المثقفون بعضهم بعضا وينفتح كل منا على الاخر.
ولا اقصد بذلك علاقة اجتماعية رغم أهميتها ولكن القصد علاقة معرفية (تكلم كي اعرفك). مما يؤدي الى فقدان التواصل المعرفي.
2. الاشكال المعرفي. يمكن الملاحظة بسهولة كيف استحوذت وسائل التواصل باليات (النسخ واللصق) على الكثير فصارت نمطا ثقافيا يؤدي في احسن احواله الى الكسل المعرفي. وهو نمط يناسب ( المدون واليوتوبري). وبالتالي من يكون حاضرا هو الاكثر استخداما لها وحضورا فيها. لا الاكثر ابداعا من خلالها.
3. المثير من هؤلاء الباكين على ضياع الثقافة الاصيلة ويحذرون من الغزو الثقافي الغربي هم في واقع الامر مندرجين ثقافيا في وسائلها بل واصبح استخدامها يمثل نمطا ثقافيا لهم ولكنهم في واقع الامر غير متلفتين لهذا الاشكال من خلال عملية اندراج ثقافي.
4. اتمنى ان اتعرف على هؤلا البكائين من خلال منتجهم الثقافي والمعرفي لا من خلال عمليات النسخ واللصق.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى