د. سليم جوهر - الاعتقاد على ضوء العلوم المعرفية

يذهب المختصون في العلوم المعرفية الى ان التفكير البشري يعمل بنظامين معرفيين مختلفين لكنهما مترابطين هما:
- النظام البديهي: ويمكن وصف هذا النظام بأنه سريع وتلقائي وسهل وعاطفي.
- النظام التأملي: وهو نظام يتسم بالبطء، ومنضبط، ومجهد، ومرن، وأقل عاطفية.
أن هذين النظامين ليسا مستقلين، ولكن عندما يولد النظام الحدسي أفكارًا تتبادر إلى الذهن على ما يبدو بشكل عفوي وبدون جهد - أفكار ذات إمكانية وصول عالية - فإنها تعمل كمواد أساسية لـ نظام الاستدعاء لتشكيل حكم صريح( ). بناءا على ذلك يتم تقسيم "الاعتقاد" الى نوعين.
- الاعتقاد التأملي: هو ما يطلق عليه عادة "الاعتقاد" الذي نحمله بوعي وقد نصل اليه من خلال التأمل وبقصدية. فعندما نسأل عما إذا كنا نعتقد بشيء ما، فإن التفكير التأملي هو ما يجيب عليه. أي أن العبارة المحددة والواضحة عن الاعتقاد تقدم بصورة تمثل المعتقد التأملي( ).
- الاعتقاد الحدسي: وهي على العكس من المعتقدات التأملية تعمل بدون وعي. وتأتينا مباشرة من الحس. فعقولنا تنتج معتقدات حدسية بشكل مستمر وفي كل الأوقات.
المعتقدات حول العالم المحيط بنا مثل الأشياء الطبيعية والمعتادة تأتي من أدوات عقلية مختلفة. وهذه الأدوات تشكل آليا وبدون تأمل معتقداتنا حول العالم الطبيعي والمجتمع من هنا فإن معظم المعتقدات الاولية حدسية( ).
اصافة الى ذلك تجهزنا قابلياتنا المعرفية على اسناد الفاعلية والنوايا بتشكيل مباشر للمعتقدات التي نحتاجها لتشكيل استجابات مناسبة في مجموعة متنوعة من الظروف. فعندما نسمع صوت طرق باب او صوت انفجار في الليل, ان ما يتبادر الى الذهن من "الفاعل او المسبب"؟ لا ما هو "السبب او العلة"؟ فالسؤال يكون (من الذي تسبب بهذا؟) بدلا من ( ما سبب هذا؟) أي نتجه الى اسناد الفعل الى وجود فاعل كائن ذي قدرة وراء هذه الأحداث ومريد (التفكير الحدسي يدفعنا بسرعة الى معرفة المسبب "الفاعل" لا السبب).
ان القابليات المعرفية لا تكتفي بهذه الحساسية على الاستجابة, بل نجد انفسنا منقادين بسرعة الى التنبؤ بنوايا الفاعل "دون تأمل واستنتاج". وهذا التنبوء يُعزى الى ما يسمى ب"نظرية العقل" والتي تشير إلى القدرة المعرفية على عزو الحالات العقلية إلى الذات والآخرين. بما في ذلك التصورات والمشاعر الجسدية والحالات العاطفية والمواقف الافتراضية (المعتقدات والرغبات والآمال و النوايا) لدى الأشخاص المنخرطين في الحياة الاجتماعية. ويعمل الاعتقاد الحدسي السريع الى رلط الحدث بالفاعل المريد وتعمل نظرية العقل الى ربط الحدث بنوايا الفاعل.
بينما التفكير التأملي يجهد في البحث عن السبب، ولا يذهب الى المسبب مباشرة.
-

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى