مصطفى الحاج حسين - حَنينُ الرَّميمِ..

صوّري لي قبرَكِ
لأصوّرَ لكِ قبري
أحسدُكِ أنا
لقد مِتِّ في بلدِكِ
وأنا دُفِنْتُ في بلادِ الاغترابِ
هنا الميّتون لا يكلّمونني
لا لأنَّهم يجهلونَ لغتي
بل لأنهم كانوا منذُ البدايةِ
غيرَ مرحِّبين بلجوئي إليهِم
أنتِ محظوظةٌ
حتماً لكِ أصدقاءٌ في المقبرةِ
وكلُّ الأمواتِ يتْقِنون لغتَكِ
حدِّثِيهِم عنّي من فضلِكِ
قولي لهم:
- كانَ يحبُّ البلادَ
لم يخطرْ ببالِهِ قطُّ
أن يغادرَ الوطنَ
ولو ليومٍ واحدٍ
هُوَ
لم يذهبْ في نزهةٍ
بل غادرَ هارباً
مِنْ أشرارٍ أنتم تعرفونَهم
وتخافونَ منهُم حتىٰ في موتكم
حدِّثِيهِم
عن حبي لَكِ التّعيسِ
وعن قصائدي
التي لم تستطعْ
أن تؤثرَ على قلبِكِ
مسكينةٌ أنتِ
غدرتْ بِكِ صديقتُكِ
وخطفتْ منكِ حبيبَكِ
تزوجتْ منهُ
وأنتِ قبعتِ في العنوسةِ
وأنا
كنتُ أناديكِ
وأنتِ تُعانِينَ مِنْ عقدةِ الخيانةِ
هذا الذي غدرَ بِكِ
أفّاكٌ مخادعٌ
هربَ مِنْ طاغيةِ بلادِهِ
لينافقَ لطاغيةِ بلادِنا
وهُوَ طائفيٌّ مَقيتٌ،
أحدّثُ قبريَ عنكِ
فتبكي الحجارةُ والتّرابُ،
الآنَ
حلمي أنْ نلتقي
لكنَّ القبورَ لا تغادرُ تربتَها
كيلا تختلطَ خرائطُ الأوطانِ
وتقعَ الحربُ العالميةُ الثالثةُ
بسببنا،
سأبعثُ لَكِ صورةَ قبري
وفي حالِ سنحتْ ليَ الفرصةُ
سأرسلُ لكِ
وردةً موجودةً علىٰ قبري
لتنزرعَ علىٰ ترابِ قبرِكِ
المعرّشِ بالنّدى والتّوهجِ.*

مصطفى الحاج حسين.
إسطنبول

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى