علجية عيش - الجيش الوطني الشعبي: عقيدة عسكرية و استراتيجيات لرص الصفوف

( خبراء عسكريون: الاستراتيجية العسكرية في مواجهة الإرهاب هي أعلى صنوف الفنِّ العسكري)

الجيش الوطني الشعبي مؤسسة عسكرية لها تاريخ عريق في الجزائر، لعبت دورا لا يستهان به في نهضة الجزائر منذ مرحلة ما قبل الثورة التحريرية، حيث يعود تاريخ تواجدها إلى أيام دولة الأمير عبد القادر ، مرورا بالمراحل التي مرت و التي تعود إلى العهد النوميدي، و لما لا و الجيش الوطني الشعبي يعد سليل جيش التحرير الوطني ، الذي كان على مسرح نصرة القضايا العادلة في القطر العربي و الإفريقي، و هو اليوم له تجربة إنسانية أعطت تراثا عظيما و موروثا واسعا في ميادين المقاومة و تمتين اللحمة الوطنية و تقوية الجبهة الداخلية و تغليب المصلحة العليا، كانت لوزارة الدفاع الجزائري مشاركة و للمرة الثانية في الصالون الدوي للكتاب " سيلا" لسنة 2023 و لاقت هذه المشاركة إقبال الجمهور الجزائري لمعرفة إصدارات المؤسسة العسكرية و تطلعاتها المستقبلية

370133927_222063374250472_6137542428935338050_n.jpg

فالجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني يحمل على عاتقه رسالة حماية الشعوب و الأوطان و النهوض بالأمم حاملا رسالة نوفمبر 1954 ، و إنجازاته لا يمكن حصرها في هذه الورقة المتواضعة ، فقط أنها أعطت ثمارا طيبة ، كتبت أحرفها بالذهب في صفحات التاريخ، من خلال إعطاء ديناميكية جديدة للتعاون الاستراتيجي، و توطيد العلاقات مع مختلف الشركاء العسكريين من أجل تعزيز التعاون، و عندما نتحدث عن عناصر الجيش الجزائري فنحن نتحدث عن المرابطين في الحدود المجندون للتصدي للإرهاب، و الجريمة المنظمة و الهجرة السرية و التجسّس، بغية الحفاظ على الأمن و السلام على كل المستويات الدولية و القارّية و التعاون ( أفريبول و أنتربول) من أجل تعزيز الأمن الجماعي، مع التحلي باليقظة الأمنية و الحذر ، و الجيش الوطني الشعبي اليوم يتميز باحترافية عسكرية عالية المستوى من خلال تحلي عناصره بالدقة و الوعي التام بطبيعة الرهان الواجب كسبه و هذا بفضل نجاعة التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى، في ظل التطور التكنولوجي و التحول الرقمي ، ما يلزم الرفع من درجات الجاهزية و تفعيل المنظومة التكوينية لعناصر الجيش و الاستغلال الأمثل للقاعدة البيداغوجية في تأهيل القادة وفق البرامج المسطرة، من أجل الإستثمار في العنصر البشري و ترسيخ العلاقات مع الشريك الأجنبي.

403618875_3609979435938255_8151341477553570072_n.png

و الحقيقة أن "الاستراتيجية" مفهوم عسكري تعود أصوله إلى العهد اليوناني القديم و هو يعني جيش و قائدا له و انتقل هذا المفهوم إلى المفكرين العسكريين الألمان و اليوم يستعمل في كثير من الدراسات الإدارية، و للتقريب هذا المفهوم من القارئ ، فقد قدمت كثير من الدراسات تعريفا لمفهوم الاستراتيجية و منها الدراسة التي أجراها الأستاذ رشيد حمليل الذي عمل في وزارة الدفاع الوطني قبل أن يتوجه إلا المجال الإعلامي بحكم تخصصه فيه ، حيث قدم تعاريف عديدة لمفهوم الاستراتيجية وضعها خبراء الاستراتيجيات و خبراء عسكريون و منهم "ليدل هارت" الذي قال بأنها قيادة و توجيه مجمل العمليات العسكرية، وعرّفها الجنرال "أندري ووفر " في كتابه (مدخل إلى الاستراتيجية) أن روح الاستراتيجية في اللعبة المجردة التي تنتج عن تضارب إرادتين متعارضتين وعرفها بأنها فن يسمح في التحكم في الصراع دون الحاجة إلى تقنية، و توجد تعاريف عديدة لا يسع المجال لذكرها هنا، لقد كتب عن الاستراتيجيات العسكرية الكثير من الخبراء العسكريون في مذكراتهم و الباحثين في مجال الاستراتيجيات، وتأتي عادة هذه الكتابات بعد التجارب الدمويّة، التي تعيشها الدول سواء في قيادتها الحروب أو محاربتها الإرهاب.

فالقادة العسكريون يصفون الحربَ على الإرهاب بأنها "إستراتيجية دفاع ناشط" ، لأنَّ المفهوم الاستراتيجي يدمجُ بين التدابير الوقائية لتوقُّع الصِّراع ومحاولة التصدِّي له ومنعه، كما تؤكِّد الاستراتيجية العسكرية في الجزائر تكامل جميع العمليات الدفاعية والهجومية، ودفاع المناورة، والهجوم المضادِّ، الهجوم على معاقل الإرهاب ومنعه من تنظيم صفوفه، والسيطرة على تحرُّكاته، و خلاصة القول أن الاستراتيجية العسكرية في مواجهة الإرهاب هي أعلى صنوف الفنِّ العسكري، فهي كما تشير بعض الدراسات فنٌّ قائم بذاته، قبل ان تكون خطة عمل، لخلق بيئة عسكرية و جيوسياسية مواتية، و لذا تحرص المؤسسة العسكرية على تمتين علاقاتها مع الشريك الأجنبي من خلال تبادل لزيارات لرسم خريطة عسكرية أمنية على كل المستويات من خلال استقبال الوفود العسكرية، كالنيجر و نيجيريا، اسبانيا و موريتانيا لتبادل الأفكار خاصة في مجال الطيران و التسليح، و مناقشة طرق مواجهة الحرب الإلكترونية، و تحسين منظومة الاتصال العسكري من أجل مواكبة التطورات و التحديثات الجديدة في ظل الصراعات و الحروب، و ذلك في إطار مخطط تطوير وظيف الإعلام الآلي ضمن الجيش الوطني الشعبي و مواكبة "الرقمنة " ، و بعث ديناميكية جديدة للتعاون الاستراتيجي، مع مراعاة التحديات الديمغرافية و تداعياتها على الدفاع الوطني، ما يجعل القيادة العسكرية في الجزائر جاهزة في كل الظروف.

و خلاصة القول ، إن الدور الذي يلعبه الجيش الوطني الشعبي جليٌّ في استتباب الأمن في الجزائر من خلال مبادرة رئيسه في إطلاقه مبادرة اليد الممدودة لتغليب المصلحة العليا للوطن و الانخراط بقوة فيها لأن تماسك الشعب هو سرّ قوة الجزائر، فقد كان الجيش الوطني الشعب ممثل في وزاة الدفاع متواجدا في كل المحطات باعتباره جزء من الشعب ، حيث كانت له مشاركة قوية في الصالون الدولي للكتاب (سيلة 2023) لعرض تجربته الاستراتيجية و كانت هذه المشاركة الثانية التي توقع وزارة الدفاع حضورها القوي لتشارك النخب أعمالها و تعرض بدورها منتوجها العسكري و إصداراتها لاسيما المجلة الشهرية ، و ما قدمه المعهد العسكري للوثائق و التقويم و كذلك المعهد الوطني لرسم الخرائط و الكشف عن بعد، من نشاطات و هذا من أجل التعريف بمختلف الإصدارات التي تنجزها المؤسسة العسكرية، يتم ذلك عن طريق مجلة الدراسات التاريخية العسكرية "استراتيجيا" ، التي تصدر عن المركز الوطني للدراسات و البحث في التاريخ العسكري الجزائري.

ورقة علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى