عادل المعيزي - فصل في سُرادق الموت

أمْس منذ ..
ألف عام
قَـيَـّدُوني بالعويلِ المترامي في ذُهُولي
كي تتيهَ البَوْصَلة
كان موتي - عندَها -
وسط الصيحات نصر الله دون المقصلَهْ
يَوْمَها،
أخَذُوني من ضِياءِ العَيْنِ،
حتّى الشّارعِ الممْتَدِّ ..
في حنظلةٍ زائغةٍ عنْ جَسَدي،
كُلُّ أسْرابِ العَشيره
هلّلت - من تحْتِ طُورِي - لِرَحِيلي
ومَشَوْا خَلْفي يَدُقُّونَ الطّبُولَ
ويُعِدُّونَ الوَلائِمْ
لسُقُوطِ الغُولِ في أيْدي القَبِيلَهْ
لم أعُدْ أذْكُرُ شَيْــئًا عنْ عَذابي يَوْمَها
عن مَساءٍ خَرْبَشَتْهُ صَرْخَتي
أسْلَمُوني - عِنْدَها- للوَحْلِ
والوَحْلُ غُبارٌ ماؤهُ قُدَّ سَرِيعا
منْ دِمائِي
لاحقُوني بالأفاعي والكِلابِ العَابِرَه
لاحقوني بدِماءِ السَّنْدَيانْ
كنْتُ أعْدُو فَوْقَ أَرْضٍ
لا أراَها في مَنامِي
فوْقَ أرضٍ أزْهَرَتْ شَوْكًا
لكي أغفو عليه، ثمّ يَغْفُو الأقْحُوَانْ
كنتُ أعْدُو فَوْقَ أرْضٍ أرْضُها ..
في اللا‎ّمكانْ
والذّئابُ الثّائرهْ
لاحقتْني يَوْمَها
وأنا أركُضُ شَيْخًا أو رَضِيعًا
يَتَنَاعَى والأماسِي الغَابِرَهْ
أعْدُو ولا ألْوي على شيءٍ جريءٍ،
وشَهِيقي يَمَّحي في وَحْشَةِ الوِدْيانِ،
كَيْ يَصْنَعَ فَجًّا ينْتَهي فِيه زَفيري
كنتُ وَحْدِي
عندما أجهَشْتُ شَدْوًا
ثمّ نادَيْتُ جِبالا عَابِرَه
ودمي كان يفوحُ الشِّعْرُ مِنْه
كَدُخانٍ سُنْدُسِيٍّ في سَمَاءٍ ماطِرَه
وأنا أعْدُو بلا ظِلٍّ،
وعمري فرسٌ يَنْعَقُ في كَبْوَتِهِ والكِلابُ الغابِرَه
تنهشُ اللّحْمَ الذي رَصَّفَهُ اللّهُ قَدِيمًا ..
فوْقَ عَظْمي
وأنا أركُضُ فوْق الإبِرِ المُرْتجِفَه
إبَرٍ تُزْرَعُ في الجِلْدِ وتَنْمُو في الخُطَى
أعْدُو وَئِيدًا في اليَبَابِ
كلّما خِفْتُ سَقَطْتُ ..
- الوجهُ في لوْنِ الغِيَابْ -
لم أعُدْ أذْكُرُ شَيْئًا عَنْ عَذابي يَوْمَها
عن مساءٍ خَرْبشَتْهُ صَرْخَتِي
نَـفَضُوا عَنِّي ثِيابي
ثمّ في أعمَقِ جُرْحٍ
غَمَسُوا الدُّودَ ليَرْتَاحَ قَلِيلا
رفَعُوني مِنْ رُمُوشي
طَوَّقُوا الرُّوحَ إلى جِذْعِ النَّخِيلْ
ذابِلا فارَقْتُها أمِّي الّتِي ..
قدْ أرْضَعَتْني، زَنْبَقَ المَجْدِ القَتِيلْ
وَوَصَاياها الّتي جَاءَتْ لِتَشْيِيعِي
تلاشتْ في فَمِي غَيْمًا حَزِينًا
أُرْهِفُ السَّمْعَ لِكَيْ أُصْغِي ...
فلا أُصْغِي سِوَى للنَّايِ يَنْسَابُ
إلى قاعِ شُجُوني
هكذا أسْرَجْتُ عُمْري للرَّحِيلْ
حاصَرُوني بِعَصَافِيرَ بلا أجنِحَةٍ،
كان يُغطّيها الصَّقِيعْ
نَزَفَتْ مِنْ بُؤْبُؤِ العَيْنِ دِماءً ودُمُوعًا
والأفاعي حاصَرَتْني
وسماءٌ لَبَّدَتْها الأُحْجِيات
ظامئا كنتُ، وكانَ الموتُ قُرْصانا
يَعَضُّ الرُّوحَ كَيْ تَمْضِي جُفَاءً
وعلى وجهي جرادٌ زاحِفٌ،
كانت تُغَذِّيهِ الدُّمُوعْ
هَشَّمُوا أشكالَ نَعْشِي
عِنْدَما شاهدْتُ قَبري سَارِحًا في المَهْرَجَانْ
بَعْثَرُوا الأغْلالَ فوْقَ العُمْرِ
كَيِْمَا يَسْتَريحُ الموتُ في زِنْزانَتي
لكنّني أسْري سَرِيعا من شَظايا الأُرْجُوانْ
حاصَرُوني أيّها الفردوس في قارعة
صوب أقاص بالغمائمْ
عندما أرشدني حدسي إلى عمري الذي..
قد أزفت ساعاته خلف سُعارِ
حاصَرُوني بالقبورْ
بِبَقايا مِنْ عِظامٍ وجَمَاجِمْ
تائها صِرْتُ بلا حُلْمٍ يُواسِيني
ولا سَرْوٍ يُنَادِيني ولا وَرْدٍ يَثُورْ
ثمّ طافوا بِظِلالي
ومَحَوْا مِنْ نَخْلَتي الأطْيابَ
كَيْ لا أَسْتَوي
فانتهى الخَطْوُ إلى ما يُرْشِدُ الجَلاّدَ
عن قِرْميدِ رَأسِي
وانقضى العمرُ بِقَبْوٍ غَارِقٍ في الأمْنِياتْ
وارتعَشْتُ ..
ثمّ في غَفْلَةِ قَلبي
أضرموا النّارَ، فَنِمْتُ ..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى