يعقوب عبدالعزيز - عندما بلّلتكِ الأقاحي

حدثيني كيف نمتِ يومها وأنت متقيحة بالطفولة البِكر
عندما عقفوا ضفيرتيك
كيف كنتِ تقفزين علي الإسفنج مثل سنجاب
وتقعقع فيك البلابل
حدثيني عن كفّيك الصغيريتن حين
يفئان إلي دفء صدرك وأنت منطوية مثل قطة
مصابة بضربة برد
صدرك القنبلة الموقوتة
كيف وضعوها في ملعب الأطفال
حدثيني عن كيس الرّمل كيف تتوسدينه
وتحتمين به من الرصّاص
الرصاص الذي أطلقوه عليك وأنت تثبين في
الغابة بقلق الوعول
يا لحوافرك الأعمق من طعنة
كيف حفِظتِ حديث التساقط في الخريف
الغابة تبدّل أثوابها
صغيرة أنت علي الفضيحة
كيف دغدغوك حين نمَت لك برتقالتان
صغيرتان
البرتقال يتقشّر في سريري وأنا
اتتبع أسهم البورصة
لا يعنيني اللّحاء ؛ البرتقال يغرق غرفتي
بالعصير
أصابعي ملتصقة؛ شفاهي لا تستنطق
إلا إسمك
حين أحرقوا كوخ أخشابك؛ سمعت صراخك
لحظتها في قلبي
كنتُ أكح كتلة دخان سوداء
تتهمني السجائر بالخيانة
تتّهمينني أنتِ بأمراض الرئة
يتهمونني هم بالتّفحّم
فحدثيني كيف فقّستِ فيّ بيوض حزنك وطارت
أفراخُك عندي
قلق ضاري،
ألم في الصّدر،
كسل في الرّكبتين،
أجري وخلفي الحمائم السوداء
أنام فتحط علي سريري الغربان والنّسور
تتسلقني أفاعي لاحدّ لها
كلاب بألسنة مبللة تجثم علي صدري
العث يتساقط من شعري
حدثيني عن براءتك كيف سُلِبت عين لوّحوا
لك بالسّاطور
كيف غاب بريق عينيك
الذي كلما رآنا يومًا أومض وحجز
لنا مقعدين مفخخين بالمؤامرات
حدثيني كيف سرقوا منك متعلقات الطّفولة
الدراجة البلاستيكية،
مشطك البنفسجيّ،
تاجك المرصّع بالماسات الوهميّة،
ملاءتك المورّدة،
وفساتينك التي تشرعينها في الحائط
القصير
حدثيني عن الأدوية وحبوب الضغط
حدثيني عن الجّدار
وعتبة السلم
عن النافذة والزجاج المغبّر وعن نسمة الشمال
لما كنتِ مرتوية ويبرق فيك الندى
كنت أنام يومها في ظهر العطش
أنام وأطفو بقشّة
القشّة التي عبرت بنا ظهر الموج ونحن نمضي
متشابكي الأيادي أمام أقسام الشّرطة
وإعلانات منع المرور
متقيّحة بالتّمرد من يومك
كيف ألبستِني ثوب الجريمة وحدي
كيف سمحتِ لفراخك أن تنتف ريشها وتكبر داخل
صدري
فراخك تلعب وتطير
تنقر بمنقارها النّيء شراييني الدّاخلية
وأنا أصرخ بصوت الهديل
أصرخ
فتضحك فيّ الأقفاص والأقفاص وحدها من ترتشف
الحريّة بالكأس
حدثيني عن الحياة هناك
وكيف ينغرس المرء في الرمل والطين .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى