محمود سلطان - أنا والمرأة والشعر...

كتبتُ القليلَ من الشّعر في "الغزل".. ربما لأني أدركتٌ مبكراً أن "المرأة " العربية ليست موضعاً للغزل.. ليس ـ ما معاذ الله ـ لأنها لا تستحق ذلك.. وإنما لأسباب أكثر إنسانية ونضالية تتقاطع عندها حقوقُها مع مآسي العالم العربيِّ البائسِ والمحطم.
المرأةٌ العربيةُ هي "معتقلةٌ" محتملة.. "سجينةٌ سياسية" محتملة .. "شهيدةٌ " محتملة.. أرملةُ شهيدٍ محتملة.. "زوجةٌ" لرجلٍ مغيب في الزنازين الباردة " محتملة".. "مشردةٌ " في مخيمات الإيواء محتملة.. "غريقةٌ " في البحر أثناء هروبها من جحيم عالمنا الموحش محتملة.. أمُّ ليتامى بلا عائل محتملة.. قتيلةٌ "محتملة" .. "مطلقةٌ " وبلا حماية وتعول أطفالاً من زوجٍ لا مروءة له محتملة.. بائعةُ جريرٍ على الأرصفة الخشنة محتملة .. تتسول القرش والقرشين من زبائن قلوبهم قاسية.
ليس لدينا في هذا المنطقة "المحطمة" من العالم ترف للغزل.. لذا لم تعدْ تروقُ لي قصائدُ الغزل مما يكتبها شعراءٌ حاليون إلا القليل.. والقليل جدا.. لا أقرأ إلا لنزار (هجر الغزل بعد 67) وسعاد الصباح وأمل دنقل ومحمود درويش وأحمد مطر.. كانت المرأة ـ لديهم ـ قضية للنضال والتحرر وتهذيب للتقاليد القبلية الفظة.. كان لديهم ما يشبه "الوعي الطبقي" عند ماركس أو "المثقف العضوي" عند غرامشي.
يروقُ لي الشاعرُ "المثقف".. نبعٌ لا ينضب.. ويكتبُ للإنسانِ وللحرية
• بعض الشعر:
قِفْ إجلالاً يا "سي" السّيّدِ هَذي امْرأةٌ
تَعدلُ ألفاً مِنكمْ
وكَثيرٌ مِنكمْ مَحضُ غُثَاءْ
ألْقِ عَلَيهَا فُلاً .. وَرْداً
رُغماً عَنكَ عَلى اسْتِخذاءْ
مَا عِندُكَ؟ أو عِنديْ؟ قدّمْناهُ لامرَأةٍ نَعشقُهَا
غيرَ الشّعرِ المُستأجرِ والخُطَبِ الجَوفاءْ
هُنّ الأجملُ والأقوَىْ: إمَّا أرمَلةٌ لشَهِيدْ
أو زَوجَةُ مُعتقلٍ
أو مَشْروعُ غَريقٍ بالبَحرْ
هَارِبَةً مِنْ نار جَحِيمِ الوَطنِ الحَمْراءْ
وَدَخَلْنَ السّجنَ ونَحنُ.. بِلا وَزنٍ طُلَقاءْ
وبَقَينا في جُمْلَتِنَا ضُفدَعةً تَسْكُنُ وَحلاً
وَخَنَافسَ بالصَّحَرَاءْ

شعر محمود سلطان

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى