أمل الكردفاني - ضعف التشبيه المادي...

يقول الشاعر
يمد الجيش حولك جانبيه
كما مدت جناحيها العقاب.

ويقول:
فوددت تقبيل السيوف لأنها
لمعت كبارق ثغرك المتبسم

وسنجد الكثير من أنواع هذا التشبيه في الشعر العربية، وهو تشبيه مادي. أي بين أشياء مادية (جانبي جيش_جناح عقاب)، (لمعان السيوف-لمعان أسنان الفتاة).
وهذا النوع من التشبيه في رأيي ضعيف، بل لا قيمة له من ناحية بلاغية، ذلك أن كل كتلة لا يمكن أن تتساوى مع الأخرى، ولذلك لو عكست الأمر، فجعلت المشبه مشبها به لما اختلف الأمر، فجناحا العقاب يمكن أن يشبها جناحي الجيش فنقول: يمد العقاب جناحيه كما يمد الجيش ألوية الميمنة والميسرة. أو نقول: لمع ثغرك كلمعان السيوف، فما الفرق، وفي كل الأحوال أجنحة الجيش أضخم من أجنحة العقاب فالأولى أن تشبه أجنحة العقاب بالجيش لأن هذه الأخيرة أكبر. ولكن ما الشعور الجمالي الذي سنشعر به عندما نسمع مثل هذه التشبيهات المادية؟ في الواقع لا شيء. وعندما نقول المرأة كالزهرة، فنحن في الواقع ننتقص من قيمة المرأة، لأن عناصر الجمال في المرأة لا تتشابه بعناصر الجمال في الزهرة، فالزهرة زهرة والمرأة مرأة. أو كما قال ابن سودون ساخراً في تشببهات تؤكد بأن لكل مشبه ذاتيته وكل مشبه به ذاتية ولو اجتمعت فيهما صفة واحدة من الصفات:
الأرض أرض والسماء سماء
والماء ماء والهواء هواء

والروض روض زينته غصونه
والدوح دال ثم واو حاء

والبحر بحر والجبال رواسخ
والنور نور والظلام عماء

وهكذا راجع كل التشبيهات المادية في الشعر العربي؛ وتأملها، ستجدها ضعيفة، فعندما يقال: سمعت أسداً يخطب. يراد بذلك الشجاعة، فلا علاقة في الواقع بين شجاعة الإنسان ووحشية الأسد إلا إن كان الجامع بينهما الطيش والحيوانية. فالأسد أسد والإنسان إنسان، ولكل منهما ذاتيته.
وسنحاول في سانحة أخرى أن نتأمل في التشبيه المعنوي، حيث يكون أحد طرفي التشبيه شيئاً معنوياً لا مادياً لنعرف إن كان أقوى أم أضعف من التشبيه المادي.

أمل الكردفاني

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى