جمعي شايبي - تسكع في أزقة الليل...

الأرحام الحبلى
منافذ
من لحم
ولذة العيش
طعم
والوطن منفى
بمساحة قبر
والحياة متاهة
ولجناها
عبر دروب العدم
والحب أنشوطة
أعوادها من حلم .
هو ذا المساء
يلملم بمكنسة السواد
ماتبقى للنهار
من بياض
تشيع عيناي من شرفة البيت
شمسا متعبة
من طول السفر
بخطواتها الثقلى
يدفعها صوب الغروب
جلاد الوقت .
ما متكأ أعمارنا من السنين
غير عكازات مهترئة
دب فيها سوس الهرم
تعبنا من حزن عتيق
لم يعلمنا غير الرقص
حفاة
على الأشواك
بكذبة المرح
ودوزنة عزفنا
على ترانيم الندم
من ثقوب نايات الروح
تنفثها أنفاسنا غصات
وآهات ألم
بدعوى الفرح
في معاقل الروح
يهزمنا الشجن
فقر مكين ينهش عنوة
لحم كرامتنا
وجوع كافر
يكسرنا على الأرض
وحاكم صعلوك
يسرق اللقمة من أفمامنا
وسماءات حرياتنا
وكل ألوان الفرح
يصادر أقلامنا
دفاترنا
أصواتنا
حناجرنا
سحابات نهاراتنا
وقوس قزح
فنصنع انتصاراتنا
على رقعة من ورق .
نحن المثقلون بهزائمنا
العشقية
وبأحمال آمالنا
الوهمية
المتوجون ملوكا
على عروش الأسى
وممالك القنوط
وجمهوريات اليأس
مكتوب على جباهنا
تاريخ عريض
للبؤس
وأنا وأنت
يا أعطر سير الحب
وأعبق قصصه
المخملية
يا أبدية الهيام
وديمومة العشق
يا مأساة تشيدها السطور
كملحمة إغريقية
لنا في راحات أكفنا
كل هذا الليل الطويل
وكل مايكفي
لإغراء واستدراج الحرف
صوب أنهج غواية الكتابة
حد النزف
تعالي نعاود ولوج فراديس أخيلتنا العذراء
ونجدد وصالنا
بلغتنا البكر
تعالي نقفل أدراجنا راجعين
من تخوم النهاية
نعيد قفو خطونا
من البداية
أوقد لك في حلكة الدروب المعتمة
شموع أصابعي
وأعلق لك في أسقف السماءات
مصابيح أحرفي
وأنثر على طول مداها العريض
أنجم الأمنيات
علنا نتفادى
في منعطفات العمر
خساراتنا
وانكساراتنا
علنا نستعيد ضحكاتنا
الشريدة الضائعة
بين صدى البكاء
والدموع
ونبعث الدفئ في ليالينا الباردة
كجباه الأموات
ونطبع أحر قبلاتنا
على شفاه المجاز
ونبني أوكارا لأحلامنا
المتسكعة
في أزقة الغياب الموحشة
ومدائن المستحيل المقفرة
تعالي نهدم صوامع اللهفة
ونسوي بالأرض أسوار الخجل
والخوف
ونتمرد على كل أزمنة القحط
والعطش
ونضحك ملأ أفواهنا
ونقرأ صادحين
ملأ أصواتنا
من عل قمم الوجع
رسائلنا المشربة
بالدمع والحنين
فنسترد فرحنا السليب
من أكف العذاب
ونرسم عناقنا على السطور
فداء خطواتنا الشهيدة
على أرصفة مبلطة
بالإنتظار
نكاية في فقرنا
ومسافات الجغرافيات
الظالمة
تعالي نخبؤ في عيون الليل
أحزاننا
ونؤثث في جيب سترته الأيسر
خيباتنا
وفي أغوار صدره العميق
نواري براكين أشواقنا
وعلى مداه الطويل
نركن أوجاعنا
وندس تحت عباءته
رسائلنا المضرجة
بدم المداد
ومناديلنا المضمخة
بدموع الوداع
فيلقم الليل أفمام الريح
قصتنا
فتذيع للعالمين أخبارنا
كيف ننزف في هدأة الليل
مدادنا
ونكابد كالشمع
من فتيل الحب
احتراقنا
وكيف نولد من عنق قصيدة
ونغرق في عبرة شوق
لاهبة
كيف نندثر كورقة خريف
متهالكة
بعصفة غياب عاتية
غادرة
وكيفما نموت مرارا
بشهقة حنين
قاهرة
ولتحمل الريح نعينا
بأنا شهداء حب
بجرعة وفاء
مفرطة
وطلقة صدق
طائشة
قاتلة
هي ذي خدود الأفق خجلى
تعتريها حمرة الغسق
تزف بشارة شروق شمس
وضيئة بالدفئ والنور
تنبؤنا بأوان إسدال الستار
عن قصة من سرقوا البحر
ملحه
ودسوه في شفيف الدمع
وقد آن لنا أن نخمد سجائر
الكلام
في منفضة الصمت .


جمعي شايبي.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى