ديوان الغائبين ديوان الغائبين : فــؤاد بليـــــبل - لبنــــــــان - 1911 - 1941

فؤاد عبدالله بشارة بليبل.
ولد في مدينة كوم حمادة (محافظة البحيرة - مصر)، وتوفي في القاهرة.
عاش حياته في مصر ولبنان.
التحق بالمدرسة الابتدائية بكوم حمادة (1920)، وفي عام 1922 رحل إلى لبنان ليلتحق بكلية الآباء اليسوعيين ببيروت، وظل بها حتى عام 1929، ثم انتقل إلى مدرسة الفرير للغة العربية ببكفيَّا، حيث ظهرت مواهبه فأخذ ينظم الشعر، عاد إلى مصرعام 1932، وظل يتردد كتاجر بين بكفيَّا وكوم حمادة حتى عام 1935، ثم انتقل إلى الإسكندرية، حيث عُيّن مدرسًا للغة العربية والترجمة بكلية «سان مارك» للفرير، ثم تركها بعد عام ونصف العام قاصدًا القاهرة، ليعمل بجريدة «الأهرام»، إلى جانب مزاولته لمهنة تدريس اللغة العربية والترجمة بكلية الليسيه الفرنسية.
اتصل بالعديد من أدباء القاهرة البارزين، ونشر قصائده في أمهات المجلات الأدبية.
الإنتاج الشعري:
- له ديوان «أغاريد ربيع» - مكتبة الرسالة - القاهرة 1941 (عُني بطبعه ميشيل قسطندي - صهر المترجم له)، ونشرت له صحف عصره عددًا من القصائد منها: «بالله عديه ولو كذبًا» - المقطم - 5 من مارس 1935، و«عود على بدء» - العروسة - 12 من أكتوبر 1938، و«دمعة فابتسامة» - العروسة - 28 من ديسمبر 1938، و«حلم» - الأهرام - نوفمبر 1939، و«المنبوذ» - الرسالة - 22 من أبريل 1940، و«عِبَر الدهر» - الثقافة - 16 من يوليو 1940، و«بنت أحلامي» - الثقافة - 13 من أغسطس 1940، و«وحي الرسالة» - الثقافة - 3 من ديسمبر 1940، و«ثائرة» - مجلة الشؤون الاجتماعية - ديسمبر 1940.
شاعر اجتماعي، عالج في شعره بعض الأدواء الاجتماعية، وله شعر ذاتي وجداني، فقد كتب في الغزل مازجًا بين العفيف منه والصريح، تعذبه الذكرى ويقلقه سؤال المآل، وله شعر في الرثاء خاصة قصيدته في ذكرى وفاة سعد زغلول، كما كتب في المدح، وله في الطرائف الشعرية الإخوانية. لغته طيعة، وخياله فسيح، يمتلك نفسًا شعريًا طويلاً، التزم عمود الشعر إطارًا لبناء قصائده، أخذ من تقاليد الشعر القديم مخاطبة الصاحب أو الصاحبة، وأضفى طابعًا سرديًا وشيئًا من الحوار والتفصيل الذي يقربه إلى الأسلوب الواقعي.
رثاه عدد كبير من أدباء مصر وشعرائها مثل: محمد عبدالغني حسن، وخليل شيبوب، وأنطون الجميل، وأحمد حسن الزيات وغيرهم.
أقيم له حفل تأبين في نادي لبنان بالقاهرة ليلة الأربعين لوفاته.
مصادر الدراسة:
1 - علي شلش: دليل المجلات الأدبية (1939 - 1952) - هيئة الكتاب المصرية - القاهرة 1985.
2 - الدوريات: محمد محمود رضوان: في تأبين المرحوم فؤاد بليبل - مجلة الرسالة - العدد 411 - القاهرة - 19 من مايو 1941.

الحُسنُ جَمالُكِ سَيِّدُهُ .. فؤاد بليبل
الحُسنُ جَمالُكِ سَيِّدُهُ
وَالسِحرُ عُيونُكِ مَورِدُهُ
وَالوَحيُ لِحاظُكِ مَهبِطُهُ
وَالحُبُّ فُؤادي مَعبَدُهُ
وَحَديثُكِ شِعرٌ مُبتَكَرٌ
أَطيارُ الجَنَّةِ تُنشِدُهُ
وَكَلامُكِ سِحرٌ في أُذُني
نَغَمُ الأَوتارِ يُرَدِّدُهُ
وَعَبيرُ الرَوضِ يَبوحُ بِهِ
لِلطَيرِ ضُحىً فَتُغَرِّدُهُ
أَشُروقُ جَبينِك أَم قَمَرٌ
في لَيلِ فروعِكِ نَشهَدُهُ
وَقوامُكِ أَو رُمحٌ لَدنٌ
أَم غُصنٌ رَقَّ تَأَوُّدُهُ
رَشَأُ الوادي يَزدانُ بِهِ
وَغُصونُ البانِ تُقَلِّدُهُ
هَذا يا أُختَ البَدرِ دَمي
بِخُدودِكِ لاحَ تَوَرُّدُهُ
قَد سالَ عَلى جَفنَيكِ أَسىً
هَيهاتَ عُيونُكِ تَجحَدُهُ
يا مَن أَسَرَت قَلبي فَغَدا
يُشقيهِ الأَسرُ وَيُسعِدُهُ
زيدي ما شِئتِ لَهُ تَلَفاً
قَلبي يُهنيهِ تَعَبُّدُهُ
وَمُري تَلقَي عَبداً دَنِفاً
بِدَلالِك جُنَّ تَوَجُّدُهُ
يُضنيهِ اللَيلُ وَيَعشَقُهُ
إِذ شابَه عَينَكِ أَسوَدُهُ
لِلَهِ فُؤادٌ مُلتَهِبٌ
قَد كادَ يُضيءُ تَوَقُّدُهُ
خَفّاقٌ لَجَّ الوَجدُ بِهِ
ما غَيرُ وِصالِكِ يُخمِدُهُ
هُوَ يَأمُلُ مَهَما خادَعَهُ ال
مِقدارُ وَماطَلَهُ غَدُهُ
بِاللَهِ عِديهِ وَلَو كَذِباً
فَلَعَلَّ الوَعدَ يُبَرِّدُهُ
وَعَسى الآلامُ تُبارِحُهُ
فَيَنامَ اللَيلَ مُسَهَّدُهُ
وَيَظَلُّ يُرَتِّلُ مُبتَهِجاً
الحُسنُ جَمالُكِ سَيِّدُهُ

*******

أَسَأَلتِ مَن نَبَذوكِ نَبذَ المُنكَـرِ

أَسَأَلتِ مَن نَبَذوكِ نَبذَ المُنكَـرِ
كَم بَينَهُم مِـن فاجِـرٍ مُتَسَتِّـرِ
الخَيِّرونَ وَهُم أَشَرُّ بَني الوَرى
الأَبرِياءُ وَلَيسَ فيهِم مِن بَـري
الصائِمونَ المُفطِرونَ عَلى الدِما
الظامِئونَ إِلى النَجيعِ الأَحمَـرِ
الحانِثونَ بِكُـلِّ عَهـدٍ مُبـرَمٍ
العابِثـونَ بِكُـلِّ ذاتِ تَخَفُّـرِ
المُصلِحونَ وَلَيسَ فيهِم مُصلِـحٌ
الطاهِرونَ وَأَيُّهُـم لَـم يَفجُـرِ
يَتَمَرَّغونَ عَلى القَذارَةِ وَالقَـذى
وَيُحَدِّثونَكَ عَن صَفاءِ الكَوثَـرِ
مِن كُلِّ عادٍ في مَلابِسِ عـادِلٍ
أَو ثَعلَبٍ يُزهى بِلُبـدَةِ حَيـدَرِ
وَلَرُبَّ عاهِـرَةٍ أَعَـفُّ شَمائِـلاً
مِن كُلِّ عِربيـدٍ تَقِـيِّ المَظهَـرِ
نَصَبوا الرِياءَ عَلى خُطاكِ حَبائِلاً
أَعماكِ بارِقُـهُ فَلَـم تَستَبصِـري
أَغراكِ ما أَغرى الفَراشَةَ بِاللَظى
فَقَضَت ضَحِيَّةَ جَمـرِهِ المُتَسَعِّـرِ
لَم تَبلُغي بَعضَ الرَجـاءِ وَإِنَّمـا
أَلحَمتِ عِرضَكِ كُلّ وَغدٍ مُفتَـرِ
حَتّى إِذا تَـمَّ اِختِبـارُكِ لِلـوَرى
وَسَلَختِ في الماخورِ بِضعَةَ أَشهُر
أَلفَيتِ أَوفاهُـم بِعَهـدِكِ غـادِراً
وَرَأَيـتِ ذا الإِقـدامِ أَوَّلَ مُدبِـرِ
وَلَمَستِ بُهتـانَ الغَنِـيِّ وَمَكـرهُ
وَشَهِدتِ عُدوانَ الفَقيـرِ المُعسِـرِ
إِنَّ الأُلى أَنحَـوا عَلَيـكِ بِلَومِهِـم
هُم أَكرَهوكِ عَلى اِحتِرافِ المُنكَرِ
زَعَموكِ فاجِرَةً وَلَـولا فِسقُهُـم
لظَلَلتِ طاهِرَةً وَلَـم تَتَدَهـوَري
وَدَعَوكِ بائِعَةَ الأَثيمِ مِنَ الهَـوى
كَذَبوا فَإِنَّ الذَنبَ ذَنبُ المُشتَري
لَم يَغفِروا لَكِ ما جَنَيـتِ وَإِنَّمـا
غَفَروا لِهاتِكِ عِرضِكِ المُتَدَعِّـرِ
وَتَبادَلوا رَشقَ القَتيـلِ بِلَومِهِـم
وَتَجاوَزوا عَن جُرمِ قاتِلِهِ الزَري
ما بالُهُم قَـد عَيَّـروكِ دَعـارَةً
لَو أَنصَفوا لَفَقَـدتِ كُـلَّ مُعَيّـرِ
هَبكِ اِنزَلَقتِ أَلَم يَكُن في وسعِهِم
أَن يُنقِذوكِ مِنَ الهَـلاكِ الأَكبَـرِ
لَكِنَّهُم نَبَـذوكِ مِـن أَوساطهِـم
نَبذَ النَواةِ عَلى الطَريقِ المُقفِـرِ
فَتَّشتُ عَن مُترَفِّـقٍ بِـكِ لَـم أَجِـد
غَيـرَ الحَقـودِ الشانِـئِ المُتَهَـوِّرِ
هُم أَرغَموكِ عَلى الفُجورِ وَما اِهتَدَوا
يَومـاً إِلـى إِصلاحِـكِ المُتَـعَـذِّرِ
أَوزارَةَ الإِصـلاحِ تِلـكَ ضَحِـيَّـةٌ
إِن تَشمَليهـا بِالعِنايَـةِ تُـؤجَـري
لي فيكِ آمـالٌ تُداعِـبُ خاطِـري
وَرَجـاءُ مُرتَقِـبٍ لَهـا مُستَبشِـرِ
وَلَرُبَّ عاهِـرَةٍ إِذا مـا أُصلِحَـت
كانَت أَعَفَّ مِن العَفـافِ الأَطهَـرِ
لا تَترُكيهـا لِلصَـروفِ وَشَأنَـهـا
فَلأَنـتِ أَنـتِ رَجاؤُهـا فَتَدَبَّـري




فؤاد بليبل.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى