عبدالسلام بنعبدالعالي

سبق لأحد المفكرين الذين تحدثوا عن كتاب «صراع الحضارات» لصامويل هانتينغتون، أن اعترف بأنه لا يذكر بالضّبط ما إذا كان قد قرأ هذا الكتاب، بل إنه لا يذكر حتى ما إذا كان كتاباً بالفعل أم مجرّد مقال. قد يبدو الأمر شديد المُبالغة، لكن يكفي لكل منّا أن يسترجع ماضيَ قراءاته كي يُسلم بعدم استحالة الأمر...
مقابل سياق النّشأة الفرنسي لـ«المثقف»، يُصرّ البعض على تأكيد المولد الأميركي لـ«الخبير»، فهذا «المفهوم» من صنع أميركي (MADE IN USA) على حدّ قول أحد الدّارسين الفرنسيين الذي يشير إلى استغلاقه و«طابعه الغامض»، ومن ثمة صعوبة نقله إلى الفرنسية. لذا فإن هذه اللغة تستعمل ترجمةً لـ«THINK TANK» عبارات...
عند بارث، كما عند سارتر، الرغبة ذاتها في التوفيق بين التاريخ والحرّيّة، والنفور نفسه من الإيمان الفاسد وسوء الطوية الذي ينطوي عليه الأدب البرجوازي الذي يستكين إلى «الخمول الثقافي». لا عجب- إذاً- أن يعترف الأول بدَيْنه للثاني فيكتب: «لقد كان لقائي مع سارتر ذا أهمّيّة كبرى بالنسبة إليّ. كنت، لا...
كلمة «كيتش» تعني موقف الشخص الذي يُريد أن ينال إعجاب الآخرين بأيّ ثمن، أن ينال إعجاب أكبر عددٍ من الناس. لكي ينال المرء إعجاب الآخرين، عليه أن يُؤيد ما يودّ الجميع سماعه، عليه أن يكون في خدمة الأفكار الجاهزة. الكيتش هو ترجمة بلاهة الأفكار الجاهزة إلى لغة الجمال والوجدان... م.كونديرا لا شك أننا...
«حتى سقراط نفسه، الذي يعشق الساحة العمومية، عليه، بالرغم من ذلك، أن يعود إلى بيته، حيث سيكون وحيداً، غارقاً في التوحّد، كي يلاقي الآخر». ح. آرندت في نصٍّ كثيف تحت عنوان »لماذا نحبّ البقاء في الأرياف؟« يميّز م.هايدغر بين العزلة وبين التوحّد. يقول: »غالباً ما يندهش أهل المدينة من انعزالي الطويل...
أميل الى تصنيف الفلاسفة حسب جودة ضحكهم، واضعاً في أعلى مرتبة أولئك الذين يقدرون على الضحك الذهبي. نيتشه السخرية متواضعة، أما التهكم فينمّ عن إحساس بالقوة. إنه لا يفتأ يتصيّد نقاط الضعف، وهو يصدر دوما عن ادعاء، صريح أو ضمني. يشعر المتهكم أنه من سلالة رفيعة. لذلك فهو لا يتهكم على نفسه. ليس هناك...
لأسباب معقَّدة أصبحنا لا نرى في الصداقة إلا ظاهرة فردية، علاقة بين أفراد تكشف عن حميمية ينفتح فيها الأصدقاء بعضهم على البعض الآخر بعيداً عن العالم الخارجي ومشاغله. إنها المجال الذي يخلو فيه الأصدقاء إلى أنفسهم، وهي لا تنشأ إلا بين ذوات فردية، بل إنها ميدان التفاعل بين الذوات بامتياز. يتناسب هذا...
«إن الخاصية المميزة لكل ثقافة هي ألا تكون مطابقة لذاتها. لا أعني ألا تكون لها هوية تحددها، وإنما ألا يكون في وسعها أن تتطابق مع ذاتها، وتقول «أنا» أو «نحن»، وألا تتخذ شكل الذات إلا بكيفية غير مطابقة لنفسها، أو إن شئنا فلنقل، إلا في اختلافها عن ذاتها. ما من علاقة مع الذات، وتطابق معها...
لا ينبغي أن ننسى أن مفهوم التسامح تولّد خلال حركة الإصلاح الديني الأوروبية، ليعبر عن تغيّر في الذهنية تمخض عن علاقة جديدة هي علاقة الاعتراف المتبادل بين القوى التي استمرت تتصارع طوال القرن السادس عشر داخل الدين الواحد. لا عجب أن يظل المفهوم حاملاً لرواسب الإشكالية الدينية التي نشأ في حضنها،...
عبد السلام بنعبد العالي ليس ضرورة أن تكون الأقلية أقلّ عددًا من الأكثرية. ربما العكس هو الأصحّ. وما ذلك ربما إلاّ لأن لا علاقة للأقل والأكثر هنا بالكمّ والعدد. فقد يكون التفاضل نسبة إلى القوة والسلطة، لكنه يكون دومًا قياسًا إلى معيار. هذا المعيار هو الذي يحدّد الأغلبية، فيرمي بالأقليات...
عندما يؤكد بورخيص على أن النص لا يعتبر أصليا إلا من حيث كونه إحدى المسودات الممكنة التي تعبّد الطريق لنص سيكتب بلغة أخرى، فهو لم يكن يريد أن يعلي من شأن النص- النسخة لينتقص من النص-الأصل، كما لو أن نص الترجمة هو النص المهذب المشذب، النقي الطاهرpropre ، في مقابل الأصل الذي ليس إلا مسودة brouillon...
كتب هايدغر في "تجربة الفكر": "يظل الأقدم في كل ما هو قديم يلاحقنا، ولا بد أن يدركنا". تفيد هذه الملاحقة مفهوما معينا عن التاريخ لاينحل إلى مجرد حركة صيرورة تقدمية يتجاوز فيها اللاحق السابق، وإنما يغدو، على العكس من ذلك، حركة حاضر يمتد بعيدا نحو الماضي، ولا يكون تذكرا له فحسب، وإنما تنبؤا...
في قصيدة ملحون موضوعها خصام بين الثابت والمحمول، يعيب الهاتف الثابت على خصمه كثرة أسمائه، وعدم ثباته وشدة تحرّكه وتبدّله، فينعته بأنه مجرد لُعبة عاشوراء (قشيوشة دلعاشور). فهل المحمول بالفعل مجرد لُعبة نلهو بها، أم أنه كائن اجتماعي «كلي» حوّل كليّا علائقنا بالمكان والزمان، بالآخرين وبالعالم؟ أوّل...
يكتفي كثير من المترجمين العرب باللجوء إلى مفهوم النشأة والتكوين تعريبا لمفهوم الجينيالوجيا. وإذا كانت اللفظة تحيل بالفعل في اشتقاقها إلى التكوّن، فان التاريخ الجينيالوجي، كما تبلور عند صاحبه، يكاد يكون رد فعل ضد كل تاريخ تكويني يعتبر أن من شأن متابعة النشأة أن تمكننا من الوقوف على المحددات ورصد...
لا يكتفي رولان بارث، بإقامته لسيميولوجيا الحياة اليومية، بأن يبرز الدلالات الثاوية خلف تصرفاتنا العادية، وكيف تتحول ثقافة بعينها إلى طبيعة فـ"تتأسطر" المعاني، وإنما يسعى إلى أن يطرق قضايا الفلسفة الشائكة من خلال متابعته لليومي، ومن غير حاجة إلى أن يقتحم "تاريخ الفلسفة"، ويضيع بين نصوصه، ويغرق في...

هذا الملف

نصوص
85
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى