محمد الرياني

لا عليكِ يا صغيرتي فأنتِ الأجمل، مرَّ هذا اليومُ ولم يتوجوك، غدًا سيأتي يومٌ جديدٌ قد تكونُ الجائزةُ مختلفة، ربما جائزةُ اليومِ لاتليقُ بك ، وقد يخبئ لك القدَرُ سرورًا جميلًا يعوضكِ عن حالةِ الحزنِ التي اعترتْك بعد فشلِ الاعتلاء، تنهدتْ وقالت لي وهي تنشجُ من الفرحة :كنتُ أتمنى أن تكونَ أنتَ...
يمسكُ الظلَّ قبل أن يهرب، يحضر مع الشمسِ حتى يضمن الظلَّ الكامل ، يقبضُ بيديه على طرفِ الظلِّ ويغمضُ عينيه وهو يستروحُ نسائمَ الصباح، يشعرُ بالحرارةِ قد امتدت إلى يديْه فينهضُ جريًا ليلحقَ بما بقي من الفيء، يقبضُ عليه بقوةٍ وتستمرُّ الشجرةُ ساكنةً دون أن تتساقط أوراقُها ، يواصلُ الإغفاءةَ في...
العصفورُ الأصفرُ الذي احتلَّ جزءًا من نافذتِه المفضلةِ يُغيضه مع كلِّ زَفرةِ تغريدةٍ يُرسلها لعصفورتِه المنتظرةِ على الشُّباكِ الآخر ، اكتشفَ متأخرًا أنَّ العصافيرَ بينها عشقٌ يشبهُ العشقَ الذي تناقلته الأساطير ، العصفورُ الأصفرُ الجميلُ به ملامحُ بريئةٌ جميلةٌ تجعلُ الإناثَ يتسابقنَ نحوه...
في الطابقِ الخَامسِ حيثُ تقطنُ بعيدةً عن ديارِ الطفولة ، جلستْ على أحدِ المقاعدِ الخشبيةِ لتنظرَ إلى المارَّةِ الذين يروحون ويجيئون نحوَ السوقِ الذي اصطفَّتْ دكاكينُه أسفلَ البناءِ الكبير الذي تسكنُ فيه ، يومٌ هادئٌ نسبيًّا وافقَ يومَ إجازةٍ من عملها ، طائرُ الحمامِ هو الأكثرُ انتشارًا لالتقاطِ...
شقيٌّ كأحلامِ الصغار ، تطاردُه فيهرب إلى الرملِ في الرَّمضاء ، ينتعلُ الرَّملَ خوفًا من الرمل ، تعجزُ عن اللحاقِ به ، تخشى على قدميه الصغيرتين من حرارةِ الأرض ، يضحكُ وهي تبكي ، تتألمُ لأنها طاردته في الحر ، وصلتْ إلى الرملِ ثم خلعتْ نعليْها ورمتْ بهما إليه ، استلمهما ووضعهما على صدره ، لم يلبثْ...
متزوجانِ ، أُقيمَ فرَحُهما في فناءٍ مفتوح ، القمرُ هو الذي تكفَّلَ بالإضاءةِ في جانبيْ الرجالِ والنساء في ليلةِ العُمر ، الفتياتُ يرقصنَ طربًا في وجهِ العروسِ التي أجلسوها على سريرٍ مرتفع ، بينما هو في منتصفِ الحضورِ بثوبِه الأبيضِ وبشتِه الذهبي وقد أحاطوا رقبتَه بعقدِ فلٍّ جَمعوه من بيتِ...
....وبعدَ عَامٍ على افتراقِنا ،اعتدتُ أن ألبسَ نظَّارةً شمسيةً تعلو الكِمامةَ السوداء ، بَشَرَتي الداكنةُ أحالت وجهي إلى ليلٍ أسود ، شيءٌ واحدٌ يميّزُني إذا مررتُ بمكانٍ أو تواجدتُ فيه هو رائحةُ عطري المميزةُ النفَّاذةُ التي تبقى لفترةٍ طويلة ، وقفتُ لأبتاعَ في سوقِ السمكِ فاختلطتْ رائحةُ عطري...
حضرت الصغيرةُ ويدُها خلفَ ظهرها ، من عادتها إذا صحت من نومها أن تأتي لترتمي على صدري لأقبِّلها على رائحةِ النوم الذي لايزال يكتبُ على ملامحِها أحلامَ الطفولة ،كنتُ مشغولًا بالنظرِ إلى طلاءِ الجدران الرمادي الجديد تارةً وأحرِّك بصري نحو السجادة المزركشة المبسوطة على الأرض ، وإلى الثُّريّاتِ...
ذهبَ إلى الطبيبِ بعد أن شَكَّ في دُخولِ حَشرةٍ صَغيرةٍ سوداء في أنفه يُسمُّونها عندهم ( نُقَدَة) ، أجلسَه الطبيبُ على كرسيٍّ أبيضَ مريح وراحَ يستمعُ إليه ، اشتكى في البدايةِ للطبيبِ من منخاريه الواسعين وكثرةِ الشَّعَر فيهما ، وأنه إذا عَطسَ في شمالِ الحيِّ يسمعونه من جنوبه ، ضحكَ الطبيبُ ومازحه...
ظلَّ يَنظرُ إلى وَجهِها باهتمام ، التفتتْ إليهِ بِوجهٍ يقتربُ من القُبح ، يسألُ نفسَه عن معالمِها التي تُنْبئُ عن صَفحةٍ قاتمةٍ مِثلَ جلدِ قُنفذٍ وَحشيٍّ ،أو مُتقوقعٍ على نَفسِه من شِدِّةِ البرد ، يبدَأُ بتفسيراتِه التي لاتنقطع ، تُبادلُه الظُّنونَ وكأنَّها تريدُ الأسبقيةَ بالاتهام ، وَجْهُها...
جاء بها من حديقة بيضاء تحاكي القمر، نسرين التي تشبه القمر، سرى بها في الظلام محتفلاً وهي لم تحتفل، لما رأت سواده المفزع لطمتْ خديها وبكتْ نسرين. أي حظ هذا الذي قادني من حديقة البياض إلى مزرعة الخنافس، سرتْ والدمع نصفٌ محترق ونصفٌ يطرز فستان الزفاف، حطتْ رحالها في الدار الغريبة بين أصوات الخصام...
تعلَّقَ بخروفِهم الصغير الذي ترَّبى معهم في مهدِ الطفولة ، صغيرٌ وجميلٌ وناصعُ البياضِ ويقفزُ كالفراشاتِ البيضاء ، بل ويفرحُ بعينين برَّاقتين ، وإذا شَعرَ بالجفاءِ جاءَ ليدخلَ تحت الكراسي الحمراءِ في الفناءِ الواسعِ ليتمسَّحَ بظهره في باطنها ، يشعرُ المستريحون عليها بحركةٍ ناعمة ، ينظرون أسفلَ...
أنا الذي رميتُ الحجر في المياه الراكدة، كنتِ مغمضة العينين عندما وقع الحجر وتفرقت بعض المياه، لم تمر على أنفك رائحة المياه الكريهة التي هربتْ من القاع، تنفس الماء الصعداء فظننتكِ لم تفتحي عينيك، أدركتُ حين أدركتُ أنكِ مهملة ولا يعنيك الحب، وأن الماء الصافي بعد الكدر سيبتلع زفراتي، هناك حول الماء...
حينَ اشتدَّ السوادُ بدت كلُّ التفاصيلِ قاتمة ، حتى عوارضُ السريرِ التي كان يمزحُ عليها بالتقلّبِ بين جنباتها لتحدثَ أصواتًا صمتتْ عن الاستجابة ، لم تعد تطلقُ موسيقَى المزاحِ التي يطربُ لها فتتحولَ الغرفةُ قاعةَ مسرح ، وَحدكِ - أنت- التي جئتِ من بعيدٍ وكأنَّكِ تجاورينَ الشمسَ لتعزفي اللحنَ...
في ليلٍ مظلمٍ شعرتُ بملمسٍ كالحريرِ على قدمي، كنتُ منشغلًا بالظلمة؛ النجومُ البعيدة، السماءُ التي يحفُّها السواد، عاد إلى قدمي ملمسُ الحرير، حركتُ قدمي، انطلقَ مواءٌ ناعمٌ لم أسمع مثله، ظهرتْ قطةٌ بيضاءُ وكأنها النورُ في ليلٍ شديدِ السواد ، ظلّتْ تكررُ مواءَها وكأنها تعزفُ لحنًا يناسبُ الليل، لم...

هذا الملف

نصوص
81
آخر تحديث
أعلى