زكي نجيب محمود

هذا حوار يمثل سقراط قبل محاكمته بتهمة الفجور التي اتهمه بها نفر من الأثينيين. وقد أراد أفلاطون أن يبين للناس مدى جهلهم بحقيقة الفجور الذي رمَوْا به سقراط؛ فاتخذ حادثة قد تكون وقعت بالفعل في أسرة أوطيفرون موضوعًا لمحاورته. وبطلُ الحادث رجل من أهل أثينا، عَلا كَعْبُه في شئون العلم والدين، ألا وهو...
وقع لي منذ سبع سنوات كتاب، لعله أنفع ما قرأت من الكتب، لأنه غاص بي إلى قلب الطبيعة ولبابها؛ فقد كنت قبل قراءته لا أفهم إلا عن بني الإنسان دون ألوف الألوف من الكائنات التي تملأ فجاج اليابس وأغوار الماء، فعلمني هذا الكتاب النفيس كيف أفهم عن الحيوان ما يريد. فلئن كان الإنسان يلوك لسانه يميناً...
لسنا نحسب أن داروين، حينما أذاع رأيه في تنازع البقاء وبقاء الأصلح، كان يدور في خلده أن ذلك الرأي سيكون له من العمق والسيطرة الفكرية ما له اليوم، وأنه لن يقتصر على الأحياء من نبات وحيوان، بل سيتعداها إلى كل لون من ألوانالنشاط الإنساني؛ فأساليب الحكم، والدين، والأدب، والفن، والفلسفة، كل هذا وما هو...
كانت الفلسفة وهي في مهدها مطمئنة إلى تلك الأداة التي اتخذتها سبيلا إلى تفهم الكون وما يحوي من سر مكنون، فكانت تأتمن هذا العقل الإنساني وتثق به وثوقا لا يعرف الشك، ولكنها ما لبثت أن اشتد ساعدها واستقامت على قدمين راسختين، فانقلبت على تلك الأداة نفسها، وداخلها الريب في أمانتها ودقتها فيما تنقل إلى...
ومن أحق من الفلاسفة بالبعث العاجل والنشور السريع؟ وهل تظن أن تلك القبور الضيقة المقفرة تستطيع أن تضم في جوفها هذى العوالم الفسيحة العامرة حينا طويلا من الدهر؟ أفتظن أن تلك الأجداث الشرهة التي لا تنفك فاغرة الأفواه تلتهم الفريسة تلو الفريسة بقادرة على سحق هذي العقول الجبارة، وأثارتها نقعا تسفيه...
أخي س: . . . لم أكن أتوقع من صروف الدهر مهما أسرفت في عبثها، أن تُخرج منك، وأنت القديس المتبتل في يفوعتك، زنديقاً يكفر بما كان يؤمن به قلبك ويدين!! حتى جاءتني هذه الرسالة منك، ففضضتها وأجلت فيها البصر سريعاً، فإذا بصفاتك تختفي وتتنكر، وإذا بك تبدو لعين صديقك إنساناً غريباً يشك بعد يقين، وينكر...
تطغى على العالم موجة مادية تجتاحه أصولاً وفروعا، وتريده على أن يحمل تراث الإنسانية الأدبي، منذ فجرها حتى اليوم الراهن، فيأخذ سمته نحو أليم، فيلقي بذلك التراث في لجة مالها من قرار، ثم يعود وقد أزاح عن كاهله ذلك العبء المضني من دموع الشعراء وأنينهم وهزّات نشوتهم وسرورهم، وغير ذلك من نزوات الطفولة...
لقد لبثت الفلسفة دهراً طويلاً تسبح في سماء الفكر المجرد فلا تصغي بآذانها إلى الحياة العملية التي تعج بأصدائها أرجاء الأرض جميعاً. ولا نحفل بالواقع الذي تراه الأبصار إلا قليلاً فقد قصرت مجهودها - في الأعم الأغلب - على جوهر الأشياء في ذاتها، وأخذت تسائل: ما المادة وما الروح وما مبعثها ولكنها باءت...
لم تكد تقذف الحياة بهذا الإنسان فوق ظهر الأرض ضعيفاً خائراً، حتى دأب المسكين يسعى ويلح في السعي كلما ألحت عليه ضرورة البقاء، ولم تكن الحياة حين ألقت به رحيمة كريمة فلم تبسط يدها في العطاء بحيث تمنحه من قوى التفكير والغريزة ما يرد به غائلة الضرورة واعتداء الطبيعة في سهولة ويسر، بل كانت مقترة...
وسيلة المعرفة عند التجريبيين هي الحواس، ووسيلتها عند العقليين هي العقل، وعند النقديين وسيلتها هي الحواس والعقل معًا، أما المتصوفة فمن رأيهم أن الحق المطلَق — وهو الله — لا تكون الوسيلة إلى معرفته هي الحواس أو العقل أو الحواس والعقل معًا، بل تكون الوسيلة إلى معرفته هي «الحدس» أو العيان المباشر أو...
1 - نظرية ذرات القوة 2 - التآلف الأزلي 3 - نظرية المعرفة 4 - الله والعالم لست أدري كم ندنو من الحق حين نقرر أن لكل أمة طابعا في التفكير يطبع إنتاجها الفكري بوجه عام، ولولا أن ما تبادله الأستاذ الكبير الدكتور طه حسين والأستاذ العقاد لم يجف مداده بعد لزعمت هذا التقييم في يقين لا يعرف الشك. ألا...
ثورة على المادية كثيرا ما يبدأ الفكر الإنساني بدراسة نفسه، ثم ينتهي إلى إحدى نتيجتين: فهو أما أن ينظم العقل في سلك المظاهر المادية التي تخضع للقوانين الآلية الصارمة، ثم ينصرف بناء على ذلك إلى دراسة الوجود المادي بما فيه من صور وأوضاع؛ وأما أن ينتهي إلى إنكار ذلك الوجود المادي جملة وتفصيلا،...
لم يكد سبينوزا يبلغ سن الشباب حتى انكب على الفلسفة يدرسها دراسة صادفت في نفسه هوى. فأخذ ينهل من مواردها العذبة ويؤثرها على كل شيء وقد طالع فيم طالع فلسفة برونو فوقعت منه آراؤه موقع الإعجاب وامتلأ ذهنه بما قاله ذلك الفيلسوف من: أن الوجود في جوهره وحدة متجانسة وإن تعددت ظواهرها. إذ نشأت جميعها...
.... إذن فقد كانت آسيا الصغرى مهداً تقلب فيه الوليد الجديد وظل حيناً يتعثر، حتى استقام بعد لأي على قدمين لم ترسخا إلا في عسر شديد، فقد حدثتك في فصل سابق أن العقل الناشئ لم يكد يستيقن من وجوده، حتى أرسل البصر يستطلع أصل الوجود، وجاهد ما استطاع لكي يصل في تعليله إلى مبدأ معقول، فالتمسه في الماء...
تنهض رؤية " زكى نجيب محمود" الجمالية على عدة محاور، أهمها موقفه العام من القيم، وبشكل خاص القيمة الجمالية وفقًا لآراء الوضعية المنطقية ومدرسة التحليل، ثم رؤيته لماهية الفن بشكل عام، والشعر على وجه الخصوص، وأخيرًا آراؤه النقدية التى تمثلت فى موقفه من الشعر الجديد، ومن النقد المعاصر. طبيعة...

هذا الملف

نصوص
31
آخر تحديث
أعلى