محمد مباركي

نظرت إلى جدّتها نظرة مرتاعة، بئيسة، كذلك الصباح المفجوع بفاجعة البطن المكور بعد ثلاثة أشهر قمرية.. فحصتها العجوز بلمسة واحدة بيدها المرتجفة، وصرخت فيها صرخة مكتومة: - من كان بك يا فاجرة؟ لم تفهم كلمة "فاجرة"، كانت غريبة عنها. ظنتها مدحا أو مزحة من جدتها العجوز، كافلتها بعد وفاة والديها...
أعياه الجلوس في المقهى وحيدا قبالة شاطئ البحر ، فنهض يمشي متثاقلا بجسم متهالك على رصيف كورنيش الشاطئ الطويل ، و الأسئلة، كأوراق الأكلبتوس ،تتقافز أمامه مسافة متر أو مترين . شدت ناظريه صورة الأمواج، تُلاحِق الواحدة منها الأخرى في دعابة الأطفال لتتكسر على الرمال في هدوء، و الشمس مائلة للمغيب تعانق...
غرقتُ في غيبوبة طويلة جدًّا. دخلتُ بطولها كتاب "غينس" للأرقام القياسيّة. أبقى عليّ أفراد أسرتي حيًّا عدّة سنين لمحبّتهم لي ولكوني ثريًّا أيضًا. استفقتُ من غيبوبتي بقدرة قادر في يوم مشهود لم تغب فيه الشّمس عن منزلي الفاخر. استرأيتُ بالمرآة، شهقتُ شهقة زلزلت دواخلي وغُمِيَ عليّ حين وجدتُ نفسي كمثل...
وضع رأسه بين كفيه ، متكئا بكوعيه على الطاولة الوحيدة في الغرفة ، و سرح بخياله ينهب سنوات عمر نيف على الخمسين ، بلا زوجة، بلا أولاد ، استوقفته ذكريات غائرة في الزمن ، توحدت في لون يميل إلى القتامة ، حولها ، على غرار المؤرخين ، إلى محطات تحقيب لعمر بدا له كاللاشيء . ما أبسط بعضها لكنها تلح في...
قال لي جليسي: “شاهدتُ فيلمًا سينمائيًّا أربع مرّات متتالية”. رددتُ عليه مستغربًا: “قلتَ أربع مرّات متتاليّة؟! هذا كثير!”. قال بحماس زائد: “اسمع، سأحكي لك وقائع الفيلم”. وراح يحكي ويسهب في الحكيّ عن أدقّ تفاصيل الفيلم الّذي شاهده. وتوقّف كثيرًا عند البطلة. كانت طبيبة نفسانية، مثل ملاك...
ظننته مصريًّا من لهجته طول المدّة التي قضّيناها سويًّا كمدرسين بثانويّة تأهيلية بمدينة جنوبيّة من بلادي حتّى قال لي يومًا: “أنا لست مصريًّا كما ظننتني يا صديقي، أنا من أب فلسطيني من “كفر الزّيّات” ومن أمّ مصريّة من “دمنهور”. عمل أبي في شبابه صائغًا بورشة أمين الصّاغة. أحبّ ابنته الكبرى. خطبها...
عثرتُ على وثيقة تاريخية مثغورة. أكلت الأرضةُ حواشيَها ووسطها. تمكّنت من ملء ثغراتها بمعونة صديق متخصّص في التّاريخ. كتبها مؤرّخ مجهول، فقال: وردت على عامل حاضرة شرق المملكة الشّريفة؛ «وجدة» رسالة استفسار من السّلطان بالحضرة العليّة «فاس» العامرة: «الحمد لله والصّلاة والسّلام على مولانا رسول...
محمد المباركي مبدع أصيل وأنيق، يصر على محو البياض، وتكسير رتابة اليومي الأرعن، هو عنوان صادق من العناوين الجميلة التي تؤثث المشهد الثقافي الوطني. هو عاشق يمشي الهوينى في شارع الإبداع، هو رحالة يتنقل بين مناطق الجمال زاده دربة ودراية وصدق. محمد المباركي كاتب من كتاب المغرب الشرقي الرائعين، يحفر...
«إن جمال الوطن في حرية أبنائه، وكرامتهم، ومادام أن المستمتع بخيرات البلاد هم جماعة من المتسلطين الذين استحوذوا عليها، وهمشوا باقي أبنائه، ويعيشون بدون حساب أو عقاب: عاشوا أمراء وماتوا أمراء، فهجرته أفضل، مادام أن أرض الله واسعة. إذ ما الفائدة من البقاء فيه وأحد هؤلاء قد هدد بإبادة الثلثين لصالح...

هذا الملف

نصوص
24
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى