جودت جالي

أطل بلال برأسه على الفِناء مرهفا السمع. أحس بالهواء المعتم المتخم بالأنفاس وروائح البيت الرطبة، يتصاعد ، يلفح أنفاسه دفقات، ويحيط برأسه كثيف الشعر، أشعثه، وينفلت في الفضاء مع كل نسمة. أصغى جيدا... لا شيء، لا صوت ينم عن أحد مستيقظ. لا بد له، إذا أراد النزول والذهاب الى الغرفة المجاورة التي تنام...
انشغلت عن أمري بالتطلع الى إغتمام يتهافت من النافذة المحصنة بالقضبان المتقاطعة. إنفراج مطري يهيئ أبعاده للوميض. كنت الوحيد في القاعة. شعرت بالبرد وسط الدفء واقشعر جسدي بين جدران كسيت برفوف خشبية فارغة. حاولت أن أستعيد تفاصيل خارجية جئت منها ضاعت في عتمة الممر الذي يفضي، بعد أبواب وجدران أعلاها...
تقول اللوحة المثبتة على البوابة "شيان ميشان!"* إحذر. كلب عقور!، و الكلب "عقور" دون شك، فكلما مرت به يرمي بنفسه على البوابة نابحا بضراوة وكله رغبة في أن يصل اليها ويمزقها إربا. إنه كلب كبير، كلب خطير، من نوع كلاب الرعاة الألمانية أو الروت وايلر (هي تعرف القليل عن سلالات الكلاب). عندما يندفع نحوها...
أعود الى البيت ولا يبدر مني إعتراف بأني متأخرة. أعود الى البيت ومثل أي أم صالحة أعد العشاء، وأرتب المائدة، وأطعمهم، وأغسل الصحون، وأضع الأطفال في فراشهم، وأجلس على الأريكة مع الرجل الذي هو شريكي في البيت. أنظر اليه. إنه والد أطفالي، بشعر ملحي فلفلي اللون ووجه مرهق. لم أتوصل الى معرفته أبدا، ولم...

هذا الملف

نصوص
19
آخر تحديث
أعلى