فتحي مهذب

ما أكثر الذئاب في نبرتك الجبلية! شجرتك تتبعني. تقف طوال الليل أمام البيت شجرتك الحكيمة لا تتكلم بل تتأمل لا تهذي بل تحدق في علل الأشياء بلابلك انتحرت بسبب الجنون والكوليرا بسبب فخاخك المنصوبة في قاع السيمياء. صوتك حمام نافق من الهيولى تصنعين مطرزات الفقد. براهينك في نقصان فادح. الجنازة تمضغ...
منذ خمس سنوات ونيف وبسرعة نيزك طار إلى العالم الأخر مخلّفا غابة عملاقة من شجر الصداقة الأبديّة تحترق في أوساع قلبي. إتّشحت سماء روحي بالسواد حدادا على غروبه المفاجىء. وحاولت مرارا إقناع نفسي بحتمية الموت وبفعله في جوهر الأشياء. بعد ثلاث سنوات يمّمت وجهي شطر بلد شقيق لقضاء إجازة الصيف. وبينما كنت...
فعلا الجنون في حجرتنا. تارة يتمرأى وطورا يختفي. أحيانا يصعد من أخمصي قدمي إلى حديقة رأسي. يعمل النار في نظام الأشياء. يضطهد المنطق الجالس بهدوء تام. كما لو أنه بابا من القرون الوسطى. يطارد فراشات مخيلتي المصطفقة. يهشم بلور ذاكرتي بجزمته المريعة. فعلا الجنون في حجرتنا. أحيانا أعقله بحبال العقل...
بسبب إنتحار الباص بحبل الجاذبية. وسقوط الملائكة في قاع الهاوية. وغزارة الشياطين في مفترق التأويل. بسبب علاقتي المتوترة بماهية الأشياء. بمسرحية حياتي الساخرة وشخوصها الذين تمردوا في حبكة النص. بمؤلفها الذي طارده المغول في دار الأوبرا. بسبب ضمور حصتي من الضوء. صرت أحتمي بأفعى الكوبرا هروبا من...
رأيت ميتا يلقي قصائدي.. بحماسة بحار شاب.. أموات كثر.. يهتفون باسمي.. آخرون يبنون تمثالا لي من البرونز هياكل عظمية لهنود حمر.. تعتاش من فاكهة نصوصي.. محملين بأكياس من الذهب.. قبار يهبط في قاع كلماتي.. يشرب مياها عذبة.. ثم يطير.. وعدني ميت ثري.. بطبع مخطوطاتي المنسية.. دون مقابل.. شكرته.. واعدا...
آه أيها السجن الذي يبدع في صنع الأقفاص والتوابيت. أيها السجن الذي يأكل الأسرى مثل شطائر بيتزا. أيها الهاوية المملوءة بالغيوم والسحالي. بالنسيان الذي يفترس الممكنات. يا واهب الأكفان للفقراء. أيها القبر الجماعي الذي يلتهم كل شيء العيون المطوقة بأسلاك الفوبيا. الضباب الذي يتمطى كثعلب. مجوهرات...
**حقا أنت لست على ما يرام.. مكعبات الضوء تلاشت بين أصابعك المظلمة.. الوحوش التي تنام تحت سريرك.. التي سقطت من غابة رأسك.. مخلفة هياكل عظمية.. من الذكريات العذبة.. وثقوبا عميقة على زندك الأيمن.. هامدة مثل أكياس من الرمل.. ساقك المقطوعة.. بسبب الغنغرينا.. تعوي أمام المستشفى.. مثل كلب حراسة إختفى...
تعبنا يا رب من دفن القراء خارج أسوار النص. هم كثر شحذوا فؤوس النسيان وإنكسروا في مفترق الحقيقة. العميان لم يبصروا الضوء آخر النفق. لم يبصروا الأنهار الجارية في تقاطيع الكلمات. لم يبصروا المشائين في حديقتي يحلبون الشمس في الظهيرة ثم يهبطون من شرفة النص الواحد تلو الآخر إلى قاع المسكوت عنه. مات...
*** المرأة التي كذبت علي طويلا. التي إمتلأ نهداها بنبيذ الذؤبان. برائحة البحارة والمفترسين بالوحل والرماد والضغينة. المرأة التي سرق الغراب بكارتها.. المرأة التي وضعت أعصابي في قفص من اليورانيوم. ثم فتحت النار على قطرس الوعي. ظلت مثل خبير في التشريح تقلب جثتي ذات اليمين وذات اليسار. معلنة فوزها...
** ظهور الترابطات والمميزات والاختلافات اللغوية تقودنا إلى نوعية النصّ الشعري ونحن نقرأ قصيدة الشاعر فتحي مهذب (صديق الموتى )؛ لذلك فالواضع مؤول بجانبين: الجانب التلفظي، والجانب التركيبي؛ مما تم تأسيس النصّ الشعري بالأشكال الدلالية والتي تواجدت من خلال تواجد الدال .. فتحي مهذب نصّ مبهر له...
رغم هروبك في تابوت.. بأقسى سرعة ممكنة.. وتساقط أمطار وملائك من السقف.. رغم شراسة النسيان السيئ السمعة.. المسلح بفكي تمساح جائع.. رغم الثقوب الغزيرة .. وصعود دخان كثيف من البرواز الذهبي.. لم تزل أصابعك المرهفة.. تحلق فوق المزهرية.. مثل عصافير أنيقة.. تشذب أزاهير المخيلة.. على إيقاع الصلوات.
أيها الهيكل العظمي.. الذي يزوره الأموات على دراجات رملية- أصدقاؤه الذين انقرضوا مثل دينصورات عاشبة.. ذكرياته التي تحولت إلى أغصان جافة.. مخيلته التي امتلأت بالديدان والسحليات.. عضوه الذكري الذي افترسته أفعى المامبا.. صوته المليئ بزئير الأشباح.. إرحل إرحل إرحل عد إلى ضريحك الكلاسيكي حيث ترقد...
شعر فتحي مهذب مديح متواصل للمخيّلة وهل هنالك مليكة تستحق المدائح كلها كالمخيّلة ؟ مخيّلة الشاعر هي المخيلة الأعظم في الوجود ومن هنا فإنّ ما تجترحه تلك المخيلة هو في الحقيقة تنويعات لصورة العالم الحقيقية الى ما لا نهاية . مخيلة الشاعر أشبه ما تكون بنرد الله الذي يتدحرج فإذا استقر بعد كل رمية نزلت...
القصيدة فتحي مهذب ذئاب عذبة لبرية الكلمات. مضطر لارتكاب مجزرة. مسلحا بأظافر اللاجدوى. لخنق برتقالة النوم. وجلب مزيد من الذئاب العذبة لبرية الكلمات. مضطر لأحمل النهر المتجمد على كتفي المتشققتين. وأقذف المتصوفة بسهام الهنود الحمر قبل طلوع الفجر من غصون الملائكة. *** مثلما تبكي النوافذ في الليل...
أنا لص كبير .. أخطف سلة الفستق من أصابع اللاوعي .. أتجسس على سكان روحي القريبين البعيدين.. أخفي ذهب الكلمات في حديقة رأسي.. وخمور المتصوفة في جرار مخيلتي.. مفاتيح الميتافيزيقا في محفظتي اليدوية.. أنصب كمائن للأشباح التي تزرب من قاع المرآة.. لمركب يرسو فوق هضبة من دموع الأرملة .. لعميان يحاولون...

هذا الملف

نصوص
814
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى