فتحي مهذب

واقف هنا على طوار الشارع المعتم شبه نائم راميا صنارتي في الهواء علني أظفر بصيد وفير أملأ سلتي بأسماك نادرة جدا تتخبط في مياه رؤوسكم أمواج أحلامكم عالية وقطرس المخيلة يتطوح فوق الغمر قد يمر مركب ضائع فأرشده إلى مرفإ رأسي حيث أخبئ ذهب الآخرين مائل مثل برج قديم منتظرا حصتي من ثمار البحر ما ستجلبه...
عندما أبلغ المائة ونيف سألعب مع الخفافيش في العتمة وأعيد كلارنيت البومة العمياء لتحتفل بعيد ميلاد ف. ت. ح. ي. أسهر طويلا مع أي غوريلا يحب الرقص والموسيقى وعصير المانقا.. شطائر البطاطس ومؤخرات النساء. عندما أبلغ المائة ونيف سأشتري تحفا وهدايا نادرة جدا لعمنا جبرائيل ليمحو ذنوبي من إضبارة...
- في البداءة أسميه نص الرجل الذي فقد ظله. عاش مرارة الفقد ومكابداته. تكسرت تلك العلقة الجدلية الصميمة التي تصل الذات الشاعرة بالظل وتعكس حقيقة بنيته الفيزيقية المتحركة. عنوان خطر للغاية يهتك هشاشة الذات في مواجهتها لوحش الزمن الضاري. الوحش الذي يقضقض عظام الكينونة ويحيلها إلى لاشيء أو إلى شيء...
رصاصات عذبة في طبق شهي هذه وجبتي اليومية المفضلة أيتها المقصلة إبتسمي قليلا أطردي الغيوم من بستان حبيبتي أيتها المراكب القمحية الملآى بأسرار الشرق وتعاويذ السحرة يا طيور الكراكي لا تقفلي شبابيك الأفق أيها النسيان بخنجره السام المرشوق في خاصرة الغريب ذره يتطوح في مهواته ذرنا نرصع الشرفات بزبرجد...
لم يعد الينبوع إلى البيت.. لم أفسر للنافذة صرير مفاصلي.. لم يختلس فواكه مخيلتي سنجاب أحمر .. يد مسلحة بفأس تقطع البراهين .. والأغصان التي ترفع الضباب.. لم تفتح غزالة فمها لتهدئة الخواطر.. لم أستسلم لزئير الأضداد.. لن أكون رهينة في باخرة عمياء.. سأقاتل من أجل وطن الكلمات.. لن أناقض مرآتك...
فعلا حصاني عالق في خرم الابرة.. والبخار الصاعد من رأسي المقطوع يتمطى مثل عربة نقل الأموات.. فعلا تحت جذعي حطاب يعوي.. يقطع مخيلتي إلى نصفين.. ثم يرمي فأسه باتجاه غيمة جريحة.. العابرون مثل العاصفة.. مسلحون بزئير الحتميات.. صنعوا من شرياني حبل مشنقة.. أسقطوا طائرة قلبي بقذيفة.. لم أنس المصابيح...
وجهك غابة هادئة نهداك يثرثران بلغة الإشارة. فوق رؤوسنا قمر يتعثر في مشيته. سقطت نظاراته الجميلة في البيت. وبدت عيناه مليئتين بالنعاس. الينابيع تصلي تحت أقدامنا والمحبة ملآى بعطر اليمام. نقتفي أثر هواجسنا تلاحقنا خيول البرابرة. والمسيح يشعل النور في دمنا يهب خبزه ونبيذه لذئبتنا الضريرة...
في الساحة عاصفة وأمطار لا ترحم ستون مترا من الفراشات النافقة أوراق تتساقط مثل دموع الأرملة الشجرة الوحيدة تبكي بعد فرار العصافير إلى لامكان هنا في هذا البرد القارص طفلان جميلان يحاولان اقتلاع الشجرة وجرها إلى صالون البيت مثل طفلة يتيمة دون مأوى. لانتشالها من مخالب الطوفان.
أنا رجل عجوز تجاوز الستين بغيمتين.. براهيني هرمة مثلي كذلك أدلتي على العلل الأولى.. في مقبرة سنواتي الطويلة دفنت الكثير من الأصدقاء السيئين الكثير من الأماكن العذبة الصلوات المليئة بريش طيور الواقواق النظريات التي تهم أصل الإنسان الشروحات المتداعية لواجب الوجود دفنت جوهر الأشياء في معطف أمي...
أقدامهم مغلولة بالسلاسل وعلى رؤوسهم حمام نافق يحملون بنادقهم يفتحون النار على الوراء يشربون الضوء من الينابيع قبل هبوب الكهنة أعرفهم جيدا هم يمتطون الباص صباحا وفي المساء يرجعون ملفعين بالأكفان والغبار التعب الأسمر يحمل المصابيح في شرايينهم العرق يصنع مجوهراته النادرة في تقاطيع ملامحهم من خشب...
من المطر يصنع الأزرار ومن النيازك العكاكيز والجبة والكوفية من خيوط القمر. الفراشة تسرق الفضة من الحقول والأقحوان ملطخ بالدم موحش مسرح الجريمة الهواء يخشخش على أعمدة التليغراف الحمامة تجر الهواجس النهار العذب يؤكل بملعقة الراعي النور يفكر في الشيخوخة طرد المعزين من الألبوم العدمي. أوقعنا الينابيع...
حقل الذرة ; للصيف يسلم الربيع مفاتيحه. *** طلقة مدفع ; دم متجمد في عروق الأقحوانات. *** الحشرات كا لو أنها في مأتم يا لزوال الربيع!. *** يا للعالم الفاني! سعيد في القماط شقي في الكفن. *** جنازة ; ملطخ بالوحل نعل القسيس. *** يا للأضداد تصنع التوابيت والأرائك الفاخرة من الشجرة!. *** مرة أخرى سيعود...
عند ولادتي لم أكف عن الضحك لم يكن أحد يعلم أن اللامعنى متربص بي وأصدقاء السوء.. العيارون اللصوص القتلة الخونة مصاصو الدماء.. الفقر ينهال على رأسي بجزمته القديمة كان مخيفا جدا مقززا وأحادي العين رغم ذلك كنت أضحك طويلا من حنجرتي تتساقط فراشات نافقة ومن عيني المليئتين بالقذى تتدفق دموع المتصوفة...
إلى الساحر الكبير محسن البلاسي. الضفدع الأسود تحت لساني.. الضفدع الذي يغرد لتهدئة الأشباح.. أعدك أيها الساكن المتحرك .. لن أمدح خيول البابا لأظفر بمأدبة الخلاص.. بزهرة الغفران البلاستيكية.. بفضة الأبدية.. في عشي تلعب أفعى المامبا بحبل المتناقضات.. تمطر النسور .. ترقد الغيمة والنسيان مثل طفليين...
أخيرا إكتشفنا السماء هشمنا الجسر الخشبي بأسناننا الجسر الذي يمتد من الرأس إلى سدرة المنتهى. كانت ثعالب التفكير دليلنا إلى الحقيقة. أن الملائكة لا تعشش في السماء بل في بنية اللغة الجريحة. والله يسكن في الأرض. منذ ملايين السنين أذهب إليه يوم الأحد ممتطيا فهد المخيلة. محاطا بجوقة من الفقراء...

هذا الملف

نصوص
815
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى