فتحي مهذب - بظهر مقوس أجر عربة النهار.

أنا رجل عجوز تجاوز الستين بغيمتين..
براهيني هرمة مثلي
كذلك أدلتي على العلل الأولى..
في مقبرة سنواتي الطويلة
دفنت الكثير من الأصدقاء السيئين
الكثير من الأماكن العذبة
الصلوات المليئة بريش طيور الواقواق
النظريات التي تهم أصل الإنسان
الشروحات المتداعية لواجب الوجود
دفنت جوهر الأشياء
في معطف أمي
رميت الميتافيزيقا بالحجارة
لأنها هشمت دراجة مخيلتي
طاردت ثعالب أسئلتي
أمام صديقي ديونسيوس
أتلفت الكثير من الخمور
فوق عتبة النص
في مقبرة سنواتي الأولى
لم أك آبه جدا بموت أبي
بسعاله الليلي الذي يطير مثل خفاش
بصوته الذي يشبه طقطقة صندوق الأموات
بعينيه اللتين تطفوان وتنزلان مثل غريقين
في محيط هائج
بكلماته الإغريقية الملغزة
وقدوم جمهرة من المسرحيين
لتقديم العزاء
بكلمات مثقوبة وعمياء وباردة
لم أك آبه بالفراغ
الذي يزأر مثل أسد جائع
بعد موته الكوميدي الأسود
الفراغ الذي يلعب الشطرنج
في قاعة روحي البريئة
لم أك أبه برمال يتمي المتحركة
داخل صحراء البيت
الفقر الذي صار صديق العائلة المبجل
الأصوات الغريبة التي تزرب
من روح أخي الأحدب
العالم بأنيابه المثيرة للتقزز
أنا رجل عجوز
تجاوز الستين بصفعتين
قلق جدا (كأن الريح تحتي)
في قبعتي يعشش طائر الزهايمر
أفكار سيئة جدا عن الله والآخرة
أجر عربة النهار بظهر مقوس
أطارد الفلاسفة بمسدس فصيح
الذين اختلسوا قوس قزح
من سماء طفولتي الحلوة
واستمنوا في غرفة نومي المتواضعة جدا
أكره الناس كثيرا
مفندا مقولة (الإنسان مدني بالطبع)
حيثما يوجد الأناسي يوجد الشر
تحبك المؤامرات داخل أسوار الظل
حيث تينع فلسفة القتل اليومي
تتساقط فواكه الجثث
الواحدة تلو الأخرى
بينما الطبيعة بفم فاغر
تحدق في مطر توابيتنا الغزيرة
أكسر زجاجة القلق على الإسفلت
لاعنا سلالة هذا الدم الفاسد.
أنا رجل عجوز جدا
أحاول رتق سنواتي الأخيرة
بإبرة البراقماتيزم
أنام مثل سماء مكفهرة
على سرير مليء بالأشلاء
أصحو على إيقاع بنات نعش
أملأ سلالي بالنجوم والنيازك
جيراني موتى
والبيوت مقابر
أبدو مثل ثقب أسود خطير
سأبتلع شمس براهيني الواهية
وأختفي.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى