شخوص المسرحية:
- الأم
- البائع
- الأول
- الثاني
- الثالث
- صوت
(منزل بسيط، يبدو خاليا من الأثاث الا القليل، ثمة جهاز تلفاز مركون في الجانب، ساعة جدارية قديمة علقت في الحائط مع صورتين لرجل كبير في السن، وشاب. الأم في جانب المسرح تقف امام تنور غازي وهي تخبز)
الأم: (مع التنور)...
الوقتُ يحاصركَ بخناجرهِ وسكاكينه،
وعقاربهِ التي تُنبّئِكَ بالرحيل.
القرارُ لكَ:
اما أن تمضيَ بجذعٍ مستقيمٍ،
أو أن تنكفئ مثل سعفةٍ يابسةٍ.
كنْ على يقينٍ،
أنّكَ ستلتقيهم ذات قيامةٍ.
وتسعد بهم.
يستقبلونكَ بأرواحهم الباسمةِ..
ووجوههم المستبشرة.
يدلّونكَ على كل الطرق التي لا تعرفها..
كن على يقينٍ،
أن...
لا تبكوا عليّ، فأنا ذاهبٌ الى مكانٍ أفضل..
بلا حقيبةٍ، ولا أوراق ثبوتية.
ولا أحذية تدمي قدميّ..
ولا نظارات طبية، أو أدوية للسكري، وضغط الدم.
راحلٌ بلا أقلام، ولا كتب، ولا أوراق،
بلا موبايل، ولا حاسوب..
بلا وسادة من ريش، ولا سرير عالٍ.
بلا أحلام، ولا مشاريع..
بلا تذكرة سفر، ولا فيزا..
راحل حيث لا...
لا تبكوا عليّ، فأنا ذاهبٌ الى مكانٍ أفضل..
بلا حقيبةٍ ولا أوراق ثبوتية.
ولا أحذية تدمي قدميّ..
ولا نظارات طبية أو أدوية للسكري وضغط الدم.
راحلٌ بلا أقلام ولا كتب ولا أوراق،
بلا موبايل ولا حاسوب
بلا وسادة من ريش، ولا سرير عالٍ.
بلا أحلام ولا مشاريع..
بلا تذكرة سفر ولا فيزا..
راحل حيث لا نفاق ولا...
السنوات ضفادع تتقافز في صدري،
ألقمها حجرا فتأكل من جرفي.
منذ ستين عاما ونيف
وأنا احدّق في السماء.
فلا السماء استجابت،
ولا السنوات فتحت أذرعها اليّ..
ها آنذا، اكتب اوجاعي..
وأعرف انكم مثلي، مثلي تماما..
تجترون أوجاعكم مثل شمعة قاربت!
وأعرف انكم، مثلي تماما، تتمنون..
ومثلي تماما، تعشقون..
ومثلي...
ابتسم، كي تكون أكثر قبولاً..
ابتسم للموظف الحكومي،
وهو يعيد اليك أوراقك بحججٍ واهية.
ابتسم للمتسولين الصغار
في تقاطعات مدينتك.
ابتسم للمتسولات في الأسواق وعتبات المساجد.
ابتسم للعاطلين عن العمل،
وهم يكظمون غيضهم.
ابتسم لرجل الدين،
وهو يتهمك بالضلالة.
ابتسم للمهاجرين والنازحين،
وهم يتلظون حنينا...
1
بقايا جليد
بقايا رماد
بقايا جسد...
قبل ان ينكفئ في الظلام
حملها.
2
ذو الوجه الأفريقي
في زاويةِ الخان
تكوّر.
من بين أصابعه
يقفزُ عصفورٌ
ميت !
3
للموتِ
مخالبٌ نتنة.
4
الذي اجتازت أحلامهُ الزمن
اكتفى بزاويةٍ معتمة...
بين الحياة والموت،
فسحةٌ، لا بأس بها، من التأمّلِ..
يرى فيها المرء كل المحطات التي مرَّ بها،
وتلك التي تنتظره.
لست مجبراً على انتزاع الحقيقة..
أو البحث عن وجهٍ مالوفٍ،
فكلّ الوجوه التي قابلتها، مضت.
وكل الأيدي التي صافحتها،
لم تعدصالحة للتصفيق!
ما عليك الا استرداد أنفاسك،
والإحتفاء بصبرك.
لم تكن...
ثلاثة وستون عاما كأنها لم تكن، محطات كثيرة شاهدتها، منها ما كانت مضيئة، وكثيرات مظلمات، تذوقت عسلها، وتجرعت حنظلها، التقيت بوجوه مختلفة، منها ما بقي عالقاً في الذاكرة، وأخرى لم أستطع الاحتفاظ بملامحها، احداث كنت يومها يائساً بسببها لكنها اصبحت اليوم مجرد حكايات، تضحكني، تشعرني بالحسرة، تؤلمني...
(المسرح خال الا من قطط تروح وتجيء غير مكترثة بالمرأة التي تتوسط المكان)
المرأة: أنا لا أحب القطط، لكن المخرج غفر الله له أجبرني على استبدال كلبي بالقطط لا لأنه مغرم بها أقصد المخرج انما لأن السيد المؤلف حفظه الله وسدد خطاه كتب نصّه على هذا المنوال.. (تصمت قليلا) هل اقولها لكم؟ (تصمت وبعد تردد)...
ليسَ لديّ ما أقولهُ،
ففي حضرتكِ تهربُ كلُّ الكلمات.
ولمْ يبقَ لي إلّا التجوّل في حدائقَ عينيكِ..
أنا المبتلى بالعشقِ،
لا تؤنسني إلّا كلمة منك،
وهمسة منكِ،
وإيماءة منك،
كل شيء فيكِ يبهرني:
قوامكِ،
ثوبكِ الطويل،
إغماض عينيكِ،
أصابعكِ إذ ترسمُ في الفضاءِ مدارَ عمري.
كلّ شيء،
كلّ شيء فيكِ يلهمني...