سلوى إسماعيل

حين تمرد الحبر غدت كفّي بحيرة كل مراكب الغربة رست على شاطئها في عيني عطش الريح للقصب يزيل عن شفاه الناي رجفة الأنين وعبث التمني دخان الحرائق تملأ الأحداق مطراً حين تحترق اشجار الذكرى تتهاوى بصمت بارد تعانق رجفة كلمات عاجزة متكئةعلى هامش قصيدة ثملة كم قشّة نحتاج لنخرج من لجّة الوهم الريح...
كنتَ وكان الوعد أنامل تعبث تزيل خصلاتٍ تناثرت على وجه فجرٍ تمتد لمداعبة عنقٍ تيبّس على وسادة الأرق كنتَ وكان الورد يتناسل داخلي يتكاثر أحمرَ أصفرَ أبيضَ ليعانق اخضرار غفوةٍ تزيل بقايا الوسن كم خميلةٍ مدّت أغصان الوصل. شفاهٌ تناجي طيفك التفتْ عُدْ هناك بقيةُ عطشٍ كنِ الماءَ أغرقْ طيني شكّلني...
لا يغادرني أيلول حتى يعود ثانية أشعر بخشخشة أوراقه تتدحرج في طرقات قلبي أقدام ريح شقية تركله وعيون الشجرة تشهق بغصة تمدُّ يدها الى صدرها تحاول أن تسد فجوة الخريف كي لا تتسرب أجنّة قلبها الى الدروب تُسْحَق تحت أقدام المارة لا يغادرني أيلول حتى أدندن بحزن رجع أيلول مازالت الغابة داخلي تهدي النهر...
غريبان في الخيال نتشارك ظل وردة قبل أن تغفو لنتحرر من قفص المسافة على مائدة الليل نتقاسم كسرة شوق نؤلف مقطوعة موسيقية بحجم اللهفة نراقص أكواب الغياب نحيط خصر الصدفة بغصن أخضر الوجه الماطر غادر غابة الصفصاف وشهوة الجدول وحدها الرّيح تثير رعشة الساق لتتساقط نوايا الشجرة ورقة ورقة أنا ذاك الحلم...
سلوى اسماعيل 52 min · لم أكن تلك المرآة التي تعكس حقول النارنج سياج الورد جدول الأماني وعناقيد عنب مدلاة على صدر الشغف أو المركب الذي يحملك إلى ينابيع الحياة لتنهل ثمالة عشق يمتد على جسد ليالي الشوق شلال شهد قدرك أن تحضن اجزاءاً من الحب الغربة الوحدة بقايا شوارع بائسة وسرب عصافير متمرد تعيد...
قهوتك لا تشربها مرّة لا تغازل عبق الهيل بسيجارة لا تصطاد الصباح بجناحيّ قبلة لا تبتسم لأنامل شمس تداعب وجهك قبلة قبلة من أنت لم أعد أتذكر من زار شرفة الحلم لعق حافة فنجاني قرب أصيص البنفسج لا أتذكر ملامح أنامل طافت بخصر ليلي طوّق جيدي بعقد من النجوم وقلب في منتصفه يتدلّى بكامل انكساره من أنت وأي...
هذا المساء ليس لدي أية رغبة في الكتابة و لا في الحديث أشتهي فقط ؛ فنجان قهوة على الشاطيء أدخن سيجارة بصمت أراقب النجوم أناقش القمر أهتمام الشعراء به رغم أنه مجرد حجر أرغب بحوار مع ظلي نفترش رمل الشاطيء نلقي نكات تافهة كيومنا نقهقه بعجز نستلقي على ظهرنا حتى نختفي بين غبار النجوم أتساءل...
على سفح (شنكال) ملائكة بلا أجنحة بيضاء بلا رؤوس بترها خفافيش الليل أصحاب العاهات السوداء. على سفح (شنكال) دماء تروي حكايا عن رجال الشمس المعمّدين بنور (لالش). سبي الحوريات وعبق جدائلهن تسابق سرب الفراشات ذاكرة جبل مشبعة بالحرائق و النحيب و كيف أُغتيل الشرف والسلام. رجالٌ صدقوا ما عاهدوا البغاء...
كان الصراخ قبل الصمت بجرحين الأصوات تملأ السماء دمعاً ودماً والأنبياء متدثرون بخيمة الخوف أن تطالهم رصاصة طائشة رؤوس متناثرة خطوات هاربة جدائل تسابق الرّيح بين الحجارة والغبار تحلّق تقتنصهم رايات سوداء وكلمة الله أكبر كانت الإبادة الموت القادم من نيران صديقة طعنة غدر في قلب السلام سرب...
أنا المغلولة بخيوط الفجر أتمسك بحبال شمس آيلة للسقوط والموت يرسم آخر وصايا الثلج على نافذة القيظ أنا الأسيرة في زنزانة الغربة أقضم قضبان وحدتي المكان يضج بالمكان والهواء شهقة موت لاشيء يشرق هذا الصباح الفجر المرهق من ثقل السماء الشاطئ القلق المراكب المترنحة من ثمالة الموج السمك المدعو لوليمة...
هذا السكون المتكيء على خاصرة يومي النزق يغيظني هذه الرّيح الصاخبة على أطراف وحدتي تثيرني تشتت أنامل الفراغ وهي ترتق آخر شق في خيمة السماء هذا الحزن الناعم يذوب كقطعة حلوى ممزوجة برضاب اللحظة هذا الحزن لا يزعجني يتسلل بعذوبة ساقية تدغدغ حصيات لهفتي تدحرجها برقة حتى آخر شهقة الرّيح الثملة تجدّل...
مازالت أحاديث جدتي تقرع كناقوس الكنيسة ذاكرتي المملوءة بالصلب ذات حديث قالت / الصديق وقت الضيق/ دمرتنا الحروب الجوع العطش مازلت أنتظر ذاك الصديق يقول لمرةصباح الخير شكراً جدتي لانك كنت كريمة حين قلت /بيت الضيق يسع ألف صديق/ ها أنذا أجوب الشوارع اتدفأ على أنوار شرفاتهم أراقص البرد على دخان...
طريق الحرير طويل شرانق نتدلى على غصن الحياة بانتظار أنامل صدق تمزق القميص دون أن نسأل هل قُدَّ من قُبل أو دُبُرٍ لنحلق طريق الماء طويل عطاشى نطوف بالجب لاشيء إلا الرّيح دلاء فارغة وصوت يوسف يستغيث طريق الرغيف طويل بيادر محروقة عجاف أيامنا والكهنة يصادرون القمح سنبلة سنبلة طريق الحياة طويل...
كان عليَّ أن أقصقص جناحيّ قبل أن أفكر بالطيران لا سماء آمنة لطيور تنافس الغيمات وجع المخاض وإثم الولادة على حافة القهر كان عليَّ أن أتحصن بتعويذات العرافة وصلوات أمي قبل الالتحاق بسرب متمرد أتلحفَ السماء بعد أن خانته أقلام رفيقة لم يبقَ للأرض رفيق سوى أحذية تمزق وجهه كلما نال منها التعب...
حين غادرت حملت في جعبتي دفء القمح لون الحنطة في وجوه الأطفال سقسقة العصافير وأريج الصنوبر و الكينا الممتد إلى آخر الحارة وصرّة من عبق مناقيش الزعتر مازال صوت الديك منبه صباحاتي وصوت بائع الحليب يمر بذاكرتي كغيمة بيضاء في الصباح كل شي في مدينتي يضحك حتى قطيع الأغنام المتجه إلى البرية أبناء القمح...

هذا الملف

نصوص
49
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى