استيقظت ونظرت كالعادة إلى الساعة في هاتفي ؛ كانت الثامنة وزيادة ، ألقيت نظرة إلى النافذة وكانت السماء شبه مظلمة وشاحبة ؛ اعتقدت أن برمجة ساعة هاتفي قد تعطلت ، أعدت إلقاء نظرة إلى السماء ، من المفترض أن الشمس قد أشرقت في الثامنة صباحا ، فهل انقلب دوران الارض. كانت لا تزال هناك بقايا حلم في رأسي ، حلم مشوش ، لا أتذكره ، وغثيان وثقل في الرأس كما لو كنت قد نمت بعد شرب عشرات الكؤوس من العرقي صناعة (جارتي السكيرة) ، لكنني لم أشرب منذ وقت طويل ، ربما أكثر من سنتين ، لم أحب الشراب يوما ولكني أحب خيال الشراب ، لأنني مهما شربت لم أكن اسكر ، كان رأسي يدور وأحيانا اتقيأ ، ولكنني لا أفقد وعيي بما يحيط بي ولذلك لم أجد زبدة ما أطلبه من الخمر ، وهو فقدان الوعي أو الذاكرة. الذاكرة المحشوة ببيوت العناكب ، بالثعابين ، بالوطاويط ، بجثث الموتى الناطقة ، بتاريخ شديد الفوضى وشديد العبثية كان من المفترض أن يلقي بي في فضاء العدمية المطلقة.
كنت ظمآنا واضطررت للصبر دقائق حتى أستاك ، ثم ذهبت واجترعت كمية مهولة من الماء نزلت باردة إلى أمعائي ، ومعجون الأسنان لا زال يتفاعل معها فيسلق فمي ببرودة سخيفة.
لماذا لم تشرق الشمس رغم أن الساعة صارت الثامنة صباحا ؛ عدت الى الغرفة واضأت مصباح النيون الشاحب ، لماذا لم تشرق الشمس بعد؟ القيت جسدي على السرير ، انفاسي تضيق ، لكنني لأول مرة منذ اسابيع اخلد الى نوم عميق كهذا... خاصة أن النوم ليلا لا يمنحني شعورا بالراحة والتشبع أبدا... هنا تذكرت شيئا ... شيئا سخيفا جدا ، وهي أنني لم انم ليلا ، انا نمت نهار عصر هذا اليوم... واستيقظت في المساء ولذلك لم تشرق الشمس... لم تشرق بالتأكيد... ولن تشرق في هذا الوقت... الشمس كموظف ارشيف عجوز ملتزم بمواعيد العمل.. الحضور والانصراف... يأتي الى عمله ويجلس الى كرسيه ، ويظل يحدق في طاولة مكدسة بالورق والصمغ والاقلام ، وطقم اسنانه على كوب زجاجي شفاف يضحك بلا سبب ، وقرب الكوب منديلا قديما حاكته له المرحومة زوجته قبل عشرين سنة ، يحمله معه ولا يتمخط فيه لأنه يشعر بقداسة الذكرى ، قداسة رائحة جسد زوجته حين كان يلتحم مع جسده في ساعة الذروة العاطفية متناسين الفقر والأنظمة الشمولية.
لم تشرق الشمس لأنها الآن خارج دوام العمل ، ورغم عدم ايماني بوجود قوة ما ورائية الا ان انتظام هذا النجم الملتهب في اداء عمله الروتيني بالظهور والاختباء يدهشني حقا. وهذه الدهشة هي التي تتحول الى خطاب ايماني يستند الى النظام الكوني لدى الناس.
لقد عبد الكثيرون الشمس ، عبدوها قبل ان يدركوا دورها الأساسي في عملية التمثيل الغذائي ، هذه العملية التي لولاها لانقرضت البشرية بل وكل كائنات الكوكب. فليس بالماء وحده تحيا الكائنات.. انها تحيا بكل شيء وعلى نحو متكامل ، وبكل المتناقضات ، بالماء والنار ، بالاوكسجين وثاني اوكسيد الكربون ، بالمعادن النفيسة والخسيسة ، بالتراب وبالهواء ، ..الخ كل ذلك واكثر يجب أن يتكامل ليمنح الكائنات قدرتها على الاستمرار والتناسل للاستمرار.
كانت درجة الحرارة قد تجاوزت الاربعين رغم حلول المساء ، ولحمي يستحم بالعرق ، ولا زال رأسي لم يستقر فيتزن...وانفاسي لا زالت تقاوم انعدام الاوكسجين ، فاتجهت الى النافذة ، اخرجت رأسي لاتنفس بعض الهواء الطازج ، رفعت انفي قليلا وسحبت نفسا طويلا ؛ لم يكن الهواء باردا ، رغم ان مرور الهواء من الانف وحتى الرئتين كان يجب ان يؤدي الى تبريده ، نظام بيولوجي آخر يمكن الاستناد اليه ايمانيا... فتحت عيني ، مر في السماء المظلمة شبح طائر سريع يصدر جلجلة صوتية مزعجة ، ثم اختفى صوته وراء الأفق ، لاحظت ان السماء مضطربة ، انها تعاني حيرة في اختيار ردائها المناسب للخروج ، كان هناك شيئا ما يبدو خاطئا تماما ، كان لونا رماديا يغزو السواد من اسفل التماس الوهمي بين السماء وحافة الارض ، ويبدو ان جيوشه تزحف لتسحق مقاومة الظلام ، وكلما تقدمت الى الأمام ازدادت بياضا ، وعلى نحو ما ، كانت جيوش النور تتقدم الشمس العروس المحتفى بها ، أشرقت الشمس في غير موعدها ... تأملتها وهي تضحك بين اشابينها من الطيوف الضوئية.
هل نمت ليلا أم نهارا ، ارتبكت، هل انا في المساء ام الصباح؟
اغلقت نافذتي ، ثم عدت والقيت بجسدي على السرير ، اشعلت سجارة وأخذت ادخن... ادخن بصمت... لا فرق حقيقة ان كنت قد نمت مساءا ام نهارا ... المهم انني قد نمت... المهم انني لا زالت داخل ملعب الوجود.
كنت ظمآنا واضطررت للصبر دقائق حتى أستاك ، ثم ذهبت واجترعت كمية مهولة من الماء نزلت باردة إلى أمعائي ، ومعجون الأسنان لا زال يتفاعل معها فيسلق فمي ببرودة سخيفة.
لماذا لم تشرق الشمس رغم أن الساعة صارت الثامنة صباحا ؛ عدت الى الغرفة واضأت مصباح النيون الشاحب ، لماذا لم تشرق الشمس بعد؟ القيت جسدي على السرير ، انفاسي تضيق ، لكنني لأول مرة منذ اسابيع اخلد الى نوم عميق كهذا... خاصة أن النوم ليلا لا يمنحني شعورا بالراحة والتشبع أبدا... هنا تذكرت شيئا ... شيئا سخيفا جدا ، وهي أنني لم انم ليلا ، انا نمت نهار عصر هذا اليوم... واستيقظت في المساء ولذلك لم تشرق الشمس... لم تشرق بالتأكيد... ولن تشرق في هذا الوقت... الشمس كموظف ارشيف عجوز ملتزم بمواعيد العمل.. الحضور والانصراف... يأتي الى عمله ويجلس الى كرسيه ، ويظل يحدق في طاولة مكدسة بالورق والصمغ والاقلام ، وطقم اسنانه على كوب زجاجي شفاف يضحك بلا سبب ، وقرب الكوب منديلا قديما حاكته له المرحومة زوجته قبل عشرين سنة ، يحمله معه ولا يتمخط فيه لأنه يشعر بقداسة الذكرى ، قداسة رائحة جسد زوجته حين كان يلتحم مع جسده في ساعة الذروة العاطفية متناسين الفقر والأنظمة الشمولية.
لم تشرق الشمس لأنها الآن خارج دوام العمل ، ورغم عدم ايماني بوجود قوة ما ورائية الا ان انتظام هذا النجم الملتهب في اداء عمله الروتيني بالظهور والاختباء يدهشني حقا. وهذه الدهشة هي التي تتحول الى خطاب ايماني يستند الى النظام الكوني لدى الناس.
لقد عبد الكثيرون الشمس ، عبدوها قبل ان يدركوا دورها الأساسي في عملية التمثيل الغذائي ، هذه العملية التي لولاها لانقرضت البشرية بل وكل كائنات الكوكب. فليس بالماء وحده تحيا الكائنات.. انها تحيا بكل شيء وعلى نحو متكامل ، وبكل المتناقضات ، بالماء والنار ، بالاوكسجين وثاني اوكسيد الكربون ، بالمعادن النفيسة والخسيسة ، بالتراب وبالهواء ، ..الخ كل ذلك واكثر يجب أن يتكامل ليمنح الكائنات قدرتها على الاستمرار والتناسل للاستمرار.
كانت درجة الحرارة قد تجاوزت الاربعين رغم حلول المساء ، ولحمي يستحم بالعرق ، ولا زال رأسي لم يستقر فيتزن...وانفاسي لا زالت تقاوم انعدام الاوكسجين ، فاتجهت الى النافذة ، اخرجت رأسي لاتنفس بعض الهواء الطازج ، رفعت انفي قليلا وسحبت نفسا طويلا ؛ لم يكن الهواء باردا ، رغم ان مرور الهواء من الانف وحتى الرئتين كان يجب ان يؤدي الى تبريده ، نظام بيولوجي آخر يمكن الاستناد اليه ايمانيا... فتحت عيني ، مر في السماء المظلمة شبح طائر سريع يصدر جلجلة صوتية مزعجة ، ثم اختفى صوته وراء الأفق ، لاحظت ان السماء مضطربة ، انها تعاني حيرة في اختيار ردائها المناسب للخروج ، كان هناك شيئا ما يبدو خاطئا تماما ، كان لونا رماديا يغزو السواد من اسفل التماس الوهمي بين السماء وحافة الارض ، ويبدو ان جيوشه تزحف لتسحق مقاومة الظلام ، وكلما تقدمت الى الأمام ازدادت بياضا ، وعلى نحو ما ، كانت جيوش النور تتقدم الشمس العروس المحتفى بها ، أشرقت الشمس في غير موعدها ... تأملتها وهي تضحك بين اشابينها من الطيوف الضوئية.
هل نمت ليلا أم نهارا ، ارتبكت، هل انا في المساء ام الصباح؟
اغلقت نافذتي ، ثم عدت والقيت بجسدي على السرير ، اشعلت سجارة وأخذت ادخن... ادخن بصمت... لا فرق حقيقة ان كنت قد نمت مساءا ام نهارا ... المهم انني قد نمت... المهم انني لا زالت داخل ملعب الوجود.