05 - 06 - 1950
إلى صديقي الدكتور محمد يوسف موسى
تعودت أن أقرا (الرسالة) من آخرها. أبدا بالأزهريات ثم الأدب والفن في أسبوع، لولدنا الشاب (العجوز) عباس خضر، الذي أحسده على ضبط أعصابه وحسن تأنيه؛ ثم استسلم لهواي فيما بقي من عنوانات.
وجرياً على العادة، بدأت قراءة العدد الأخير من الرسالة، بمعركة. (القزويني) التي كان لنا - ولا فخر - شرف شهودها في ميدانها الأول، منذ أول شرارة، ثم مازلنا نتجرع كاسها القذرة المريرة في غيره من الميادين فشعرت بأن (كابوساً) من الهم الثقيل جثم على صدري، فاختنقت وشعرت بذلة وهوان، لا يحتملها إنسان. . .
وكان مقالك يا - دكتور - (إسعافاً) وجدت به روحا، رد روحي، وأشعرني واردا من الاطمئنان إلى إن الأزهر لما يزل بخير!
ليت شعري - يا صديقي الدكتور - وحال الأزهر مشهور متعالم، ما معنى المقام على هذه الحال؟
السنا في أمة تعتز بماضيها وحاضرها، وتتطلع مستقبلها؟!
أولسنا في عهد اكرم ملوك مصر على مصر، وأبعدهم مدى همة، وأطولهم يدا في نواحي الإصلاح والعمارة؟!
أولسنا في عهد حكومة شعبية حريصة على أن تعمل لغدها، اكثر مما تعمل ليومها، في عناية وإخلاص؟!
بلى. . . فما بال هذا العبث الصارخ إذا في هذا الزمن الجاد؟! لا جرم أن بقاء الأزهر على حاله الحاضرة عبث أي عبث فأما أن يصلح، وأما أن يغلق. وحسبه ما سجله تاريخه الطويل من مجد، ومن إجمال، ومن آثار.
أما بعد، فاكتب - يا دكتوري العظيم - ثم أكتب؛ وضع اسمي المتواضع، قبل اسمك الكريم، شريكا، مسؤولا، غير خاذل، ولا متستر.
والرسالة الغراء التي فسحت في اطوائها لأولاد الكتاتيب الازهرية، لن تضيق صدرا بما يكتب رجلان يعدان - بحق أو بغير حق من هيئة التدريس العالي في كليات الأزهر، أن صح أن في الأزهر كليات. . .
ليس بي أن أحبر مقالا، بعد مقالك الحاسم، الجدير بان يسمع كل ذي اذنين؛ وانما أردت أن أكون أول من يزكيك، ويثني عليك، ومن أثنى، فقد جزى.
ولك تحيات محسوبك.
عبد الجواد رمضان
إلى صديقي الدكتور محمد يوسف موسى
تعودت أن أقرا (الرسالة) من آخرها. أبدا بالأزهريات ثم الأدب والفن في أسبوع، لولدنا الشاب (العجوز) عباس خضر، الذي أحسده على ضبط أعصابه وحسن تأنيه؛ ثم استسلم لهواي فيما بقي من عنوانات.
وجرياً على العادة، بدأت قراءة العدد الأخير من الرسالة، بمعركة. (القزويني) التي كان لنا - ولا فخر - شرف شهودها في ميدانها الأول، منذ أول شرارة، ثم مازلنا نتجرع كاسها القذرة المريرة في غيره من الميادين فشعرت بأن (كابوساً) من الهم الثقيل جثم على صدري، فاختنقت وشعرت بذلة وهوان، لا يحتملها إنسان. . .
وكان مقالك يا - دكتور - (إسعافاً) وجدت به روحا، رد روحي، وأشعرني واردا من الاطمئنان إلى إن الأزهر لما يزل بخير!
ليت شعري - يا صديقي الدكتور - وحال الأزهر مشهور متعالم، ما معنى المقام على هذه الحال؟
السنا في أمة تعتز بماضيها وحاضرها، وتتطلع مستقبلها؟!
أولسنا في عهد اكرم ملوك مصر على مصر، وأبعدهم مدى همة، وأطولهم يدا في نواحي الإصلاح والعمارة؟!
أولسنا في عهد حكومة شعبية حريصة على أن تعمل لغدها، اكثر مما تعمل ليومها، في عناية وإخلاص؟!
بلى. . . فما بال هذا العبث الصارخ إذا في هذا الزمن الجاد؟! لا جرم أن بقاء الأزهر على حاله الحاضرة عبث أي عبث فأما أن يصلح، وأما أن يغلق. وحسبه ما سجله تاريخه الطويل من مجد، ومن إجمال، ومن آثار.
أما بعد، فاكتب - يا دكتوري العظيم - ثم أكتب؛ وضع اسمي المتواضع، قبل اسمك الكريم، شريكا، مسؤولا، غير خاذل، ولا متستر.
والرسالة الغراء التي فسحت في اطوائها لأولاد الكتاتيب الازهرية، لن تضيق صدرا بما يكتب رجلان يعدان - بحق أو بغير حق من هيئة التدريس العالي في كليات الأزهر، أن صح أن في الأزهر كليات. . .
ليس بي أن أحبر مقالا، بعد مقالك الحاسم، الجدير بان يسمع كل ذي اذنين؛ وانما أردت أن أكون أول من يزكيك، ويثني عليك، ومن أثنى، فقد جزى.
ولك تحيات محسوبك.
عبد الجواد رمضان