✍ كطبيب كان علي اجراء فحوصات سريعة ، وجهها كان يزداد زرقة كلما مضى الوقت ، رغم ان اعراض كثيرة وجوهرية لم تظهر في جسد الفتاة المغمى عليها . كالاسهال والقيء او حروق بالفم او خلافه لكنها كانت قد شرعت في الانتحار ، فحسب ما أخبرني والدها والهلع يربك قدرته على الكلام أنها ابتلعت اقراصا عديدة من دواء لا يعرف كنهه ، ازرقاق الجلد يشي بانتحار عن طريق استنشاق أبخرة سامة وليس ابتلاع اقراص دوائية ، ومع ذلك قررت اجراء شفط للمعدة ؛ ثم اتخاذ الاجراءات الأخرى على نحو عاجل.
الصبية كانت في السابعة عشر ؛ هل يمكن ان اسميها صبية؟ فهذه سن مضطربة جدا ؛ حيث تقف بين الطفولة والبلوغ ، ولا يستبعد فيها الانتحار.
كانت نحيلة الجسم ، ومقبولة الجمال ، تمدد جسدها على سرير المستشفى باسترخاء كامل ، وبدا لوالديها أنها لن تستيقظ أبدا ؛ رأيت ذلك في أعينهما الجزعة. التحاليل كلها كانت نظيفة ، الدم والبول وخلافه ، كان هناك شيء ما يدفع بهذه الفتاة الى الموت بسرعة. مع ذلك كان تنفسها طبيعيا ، دقات قلبها منتظمة. كطبيب مبتدئ لم افهم شيئا ، اتصلت برئيسي الطبيب ذو الستين عاما ، طبيب مخضرم لكن الخرف بدأ يتسرب اليه كما انه لا يتواجد بصورة مستمرة ، عرضت عليه حالة الصبية ، فقال بأنه بات قريبا من المستشفى ثم أخذ يسب ويلعن مستشفيات الحكومة ووزارة الصحة .. حتى انني اغلقت الخط وهو لا يزال مستمرا في الصراخ بشتائمه النابية. مضت ربع ساعة من الزمن ووجدته يدلف الى بوابة المستشفى ببطء ، ذهبت اليه وقلت له أن الفتاة لم تتحسن فسألني:
- أي فتاة؟
قلت له: الفتاة التي حاولت الانتحار تلك التي اخبرتك عنها في الهاتف.
انكمشت تجاعيد وجهه وهو يحاول التذكر ، ثم قال: لا اتذكر شيئا أين هي الآن؟
قدته الى القسم ، لأنه كان ينسى طريقه دائما ؛ أحيانا كثيرة يدخل الى الحمام ويبقى لدقائق حتى يتذكر الى أين كان ذاهبا. وعندما يتذكر ويذهب كان ينسى سبب ذهابه الأساسي.
عندما وصلنا حيث تتمدد الصبية وضع عصاته الأبنوسية على الكرسي وتقدم من الفتاة ، أخذ ينظر الى وجهها الأزرق بتمعن ، ثم بدأ يبحث في جيوبه عن شيء ما ؛ اعطيته سماعتي فأخذها ومررها على صدر الفتاة ، نظر لي وقال: اين نتائج التحاليل؟ دفع والد الصبية بالأوراق للطبيب العجوز فقرأها. فزم شفتيه وعاد للنظر الى وجه الفتاة المزرق ، فتح عينيها بأصابعه المرتعشة ، ونظر الى بؤبؤي عينيها. ثم وقف باستقامة جندي ، وظل صامتا وانا ووالدا الفتاة ننتظر منه تعليقا. وفجأة انقض على الفتاة وصفعها صفعة قوية فندت آهة من شفتيها ثم أخذ يصيح:
- انهضي يا بنت الكلب.... تضيعين زمننا في تمثيلياتك التافهة...
قفزت الفتاة وهي تصيح باكية:
- انهما حتى لم يبكيا على موتي...كنت اعلم أنهما لا يحبانني...
صاح الطبيب العجوز:
- حماقات المراهقات التافهات المعقدات النرجسيات... هل تعلمين الزمن والجهد والمال التي تكلفها والداك وتكلفها الطبيب هنا بدلا عن الاهتمام بمرضى حقيقيين...
أخذ يلاحقها ويضربها بلكمات وصفعات مؤلمة وهي تصرخ وتبكي ... والداها ظلا صامتين في دهشة ابكمتهما تماما...
قال الطبيب العجوز وهو يشدها من شعرها:
- كنت تكتمين انفاسك لفترة طويلة حتى يزرق لون وجهك ... وماذا ابتلعت؟ اكيد حلوى...
قالت الفتاة باكية: أتمنى أن أموت حقيقة حتى اراهما وهما يتعذبان من الألم...
صاح العجوز: وكيف سترينهما وأنت ميتة أساسا؟...
قالت باكية: لا أعرف ولذلك لم انتحر...
تركها وحمل عصاه وخرج.... خرجت وراءه بسرعة ؛ ثم دخلت الى مكتبه وجلست قربه وسألته:
- كيف عرفت أنها تمثل؟
فتح عينيه وقال:
- من هي؟
قلت: الفتاة؟
قال: أي فتاة؟
ثم أغمض عينيه من جديد ، وغمغم:
- اذا قررت تركي هنا فاغلق الباب معك ...لا أعرف أين أنا ولا من أنت ولا ماهذا المكان ... لكنني لن اهتم لذلك.... فالتكييف بارد ورائع.....
(تمت)
الصبية كانت في السابعة عشر ؛ هل يمكن ان اسميها صبية؟ فهذه سن مضطربة جدا ؛ حيث تقف بين الطفولة والبلوغ ، ولا يستبعد فيها الانتحار.
كانت نحيلة الجسم ، ومقبولة الجمال ، تمدد جسدها على سرير المستشفى باسترخاء كامل ، وبدا لوالديها أنها لن تستيقظ أبدا ؛ رأيت ذلك في أعينهما الجزعة. التحاليل كلها كانت نظيفة ، الدم والبول وخلافه ، كان هناك شيء ما يدفع بهذه الفتاة الى الموت بسرعة. مع ذلك كان تنفسها طبيعيا ، دقات قلبها منتظمة. كطبيب مبتدئ لم افهم شيئا ، اتصلت برئيسي الطبيب ذو الستين عاما ، طبيب مخضرم لكن الخرف بدأ يتسرب اليه كما انه لا يتواجد بصورة مستمرة ، عرضت عليه حالة الصبية ، فقال بأنه بات قريبا من المستشفى ثم أخذ يسب ويلعن مستشفيات الحكومة ووزارة الصحة .. حتى انني اغلقت الخط وهو لا يزال مستمرا في الصراخ بشتائمه النابية. مضت ربع ساعة من الزمن ووجدته يدلف الى بوابة المستشفى ببطء ، ذهبت اليه وقلت له أن الفتاة لم تتحسن فسألني:
- أي فتاة؟
قلت له: الفتاة التي حاولت الانتحار تلك التي اخبرتك عنها في الهاتف.
انكمشت تجاعيد وجهه وهو يحاول التذكر ، ثم قال: لا اتذكر شيئا أين هي الآن؟
قدته الى القسم ، لأنه كان ينسى طريقه دائما ؛ أحيانا كثيرة يدخل الى الحمام ويبقى لدقائق حتى يتذكر الى أين كان ذاهبا. وعندما يتذكر ويذهب كان ينسى سبب ذهابه الأساسي.
عندما وصلنا حيث تتمدد الصبية وضع عصاته الأبنوسية على الكرسي وتقدم من الفتاة ، أخذ ينظر الى وجهها الأزرق بتمعن ، ثم بدأ يبحث في جيوبه عن شيء ما ؛ اعطيته سماعتي فأخذها ومررها على صدر الفتاة ، نظر لي وقال: اين نتائج التحاليل؟ دفع والد الصبية بالأوراق للطبيب العجوز فقرأها. فزم شفتيه وعاد للنظر الى وجه الفتاة المزرق ، فتح عينيها بأصابعه المرتعشة ، ونظر الى بؤبؤي عينيها. ثم وقف باستقامة جندي ، وظل صامتا وانا ووالدا الفتاة ننتظر منه تعليقا. وفجأة انقض على الفتاة وصفعها صفعة قوية فندت آهة من شفتيها ثم أخذ يصيح:
- انهضي يا بنت الكلب.... تضيعين زمننا في تمثيلياتك التافهة...
قفزت الفتاة وهي تصيح باكية:
- انهما حتى لم يبكيا على موتي...كنت اعلم أنهما لا يحبانني...
صاح الطبيب العجوز:
- حماقات المراهقات التافهات المعقدات النرجسيات... هل تعلمين الزمن والجهد والمال التي تكلفها والداك وتكلفها الطبيب هنا بدلا عن الاهتمام بمرضى حقيقيين...
أخذ يلاحقها ويضربها بلكمات وصفعات مؤلمة وهي تصرخ وتبكي ... والداها ظلا صامتين في دهشة ابكمتهما تماما...
قال الطبيب العجوز وهو يشدها من شعرها:
- كنت تكتمين انفاسك لفترة طويلة حتى يزرق لون وجهك ... وماذا ابتلعت؟ اكيد حلوى...
قالت الفتاة باكية: أتمنى أن أموت حقيقة حتى اراهما وهما يتعذبان من الألم...
صاح العجوز: وكيف سترينهما وأنت ميتة أساسا؟...
قالت باكية: لا أعرف ولذلك لم انتحر...
تركها وحمل عصاه وخرج.... خرجت وراءه بسرعة ؛ ثم دخلت الى مكتبه وجلست قربه وسألته:
- كيف عرفت أنها تمثل؟
فتح عينيه وقال:
- من هي؟
قلت: الفتاة؟
قال: أي فتاة؟
ثم أغمض عينيه من جديد ، وغمغم:
- اذا قررت تركي هنا فاغلق الباب معك ...لا أعرف أين أنا ولا من أنت ولا ماهذا المكان ... لكنني لن اهتم لذلك.... فالتكييف بارد ورائع.....
(تمت)