عمر التجاني - الإذاعـــــة

الجزء الثاني المكمّل لـ "الرادي"

عندما أعلن المؤذن بجامع الأنصار، أن اليوم الجديد قد بدأ، هبّ النّاس من فُرِشِهم منصرفين الي أعمالهم، وفي السّوق كانوا بعد أن يفتحوا دكاكينهم، وينظفوها، ويرتبوها، يجلسون حليقات، حليقات، ويشربون قهوة الّصباح، من مقهى حمّيدة، في إنتظار الزبائن، والمشترين. وفي تلك الأثناء تكون إذاعة بابكر ثبث أخبار الصّباح، وهم يستمعون اليها بشغفٍ وشوق ..وفي ذات يوم بحثوا عنها فلم يجدوها .فقال قائلٌ منهم:

ـ الله يستر البلد فيها إنقلاب ولا شنو؟ دحين سمعتوا البيان الأول؟

رد عليه عثمان بطيخ:

ـ لو بقى في إنقلاب، خلي بالك حتكون دي ثورة قصيّر .

وقصيّر هو شهر شعبان. ولأن الحدث خاص ببربر، فلا بد أن يكون الشهر مطابقا لإسمه المعروف عندنا في بربر..فالشهور القمرية لها أسماء خاصة عندنا، تبدأ بالويحيد، وسايق، والموالد الأثنين، والكرامات الأثنين، ورجب، وقصيّر، ورمضان، والفطرة الأولانية، والفطرة العقابية، والضحية، تلك عدة الشهور اثني عشر شهرا بالتّمام والكمال.

فقال ود الكريب:

J يمكن أصبحت خربانه.

قام جلال نطّ قال:

ـ البارح نمت خليته ينضم، حتى جاب سيرة الظابط الجديد، الجابوه في مركز البوليس، وأخذ الخلق يسالون عما جرى لبابكر وإذاعته. وقد كانت الّصدمة جدّ قوية، عندما جاء الجماعة البايتين في الحراسة ليلة الأمس. والجماعة ديل تم القبض عليهم وهم يبحثون عن (العرقي)، وبالرغم من أنهم لم يتحصلوا عليه في تلك الليلة، إلا أنه تمّ القبض عليهم، وإيداعهم الحراسات بتهمة البحث عن الحرام. وهم بالحراسة إذا بالبوليس يأتي ببابكر، وأودع في زنزانة منفردة، وقد أكد علي ماسورة أنه رآه شوف العين.

والله حتى كمان أحمونا نقرّب منه ونساله من الحاصل.

وتفشى الخبر في المدينة بكاملها. وتجمهر الخلق أمام مركز البوليس يسألون عن الحاصل من بابكر ولبابكر.. وعندما جاء ضابط البوليس، سأل هو أيضا بدوره:

ـ الحاصل شنو؟ الخلق دي ماله متلمه؟

فقيل له أنه الجماعة ديل بي يسألوا عن بابكر. فما كان منه إلا أن ردّ وبحزم آمراً الجمع بالإنصراف والتفرق، وقد فعل ذلك خشية وقوع (الفتنة)..وخرج الجمع من مركز البوليس ولكنهم جلسوا في ظل المركز الصّحي المواجه لمركز البوليس .ودخل عدد منهم الي مكتب ودّ عجب الضابط الأقل رتبة. فأخبرهم ود عجب أن الضابط الجديد أعلى رتبة منه , وإنه المسألة عسكريّة يعني أوامر . وأنا لمان الأمر أكان بي يدي زي ما كنتو شايفين بعرف بابكر تمام .أمبارح بالليل خالص جاني الضابط في البيت وسألني في واحد في البلد عامل ليه إذاعة ؟ قلت ليه أيوه ده واحد إسمه بابكر وحكيت ليه الحكاية. قام قال لي وليه ما منعتوه؟. يعمل إذاعة بدون تصريح، والله عجيبة، أمشي اعتقله ودلوكت. طبعا نحن في بربر لا نستعمل كلمتي حسّع، ولا دلوكت، فنحن نقول أسع تيه، كما يقول ودّ عجب نفسه. المهم ما علينا نرجع للحكاية، وتمّ اعتقال بابكر رهن التحري والتحقيق. والضابط الجديد ختاله طابور تهم أقلاها الإزعاج العام، رغم أن أحداً لم يشتك قط من إزعاجٍ سببه له بابكر. بعدين في واحد قال إتكلم في السياسة، ده منو؟ فيكم زول سمع الكلام ده. أسعتيه من التحقيق بي نعرفه. التحقيق لسه ما بدا مع بابكر.

فقال ودّ ابو عامر وكان أكثرهم تأثرا لما حدث لبابكر.

كمان فيها تحقيقات؟ عليكم الله شوفوا جنس مشاكل! بابكر مالو ومال التحقيقات!

فقال ودّ عجب للجماعة:

ـ وماً نحن حنوديه أتبره، وما في حلّ غير إنه الجماعة يعملوا طلب ضمانة لإطلاق سراحه. غير كده ما في حل. إذا القاضي وافق. ولا من تجي ساعة القضية ليها مية فرج.

فتحمس أحد المحامين أولاد البلد، بعمل العريضة، بطلب الضمانة. وبقي السؤال: من الذي تكلم في موضوع السياسة ؟

فقال ودّ ابو عامر الدائم الاستماع لإذاعة بابكر:

ـ ي أدمسه ده أستاذ حسن عبد الحميد. قعد يقوله في جنس نضم بابكر مابيعرفه بالمرة، الوضع الراهن والحالة الإقتصادية والتحوّل الديمقراطي، والطبقة العاملة.

وحكاية الطبقة العامله كل معلومات بابكر عنها، أنه عندما ترك الزراعة، وإمتهن مهنة فني إصلاح الروادي، علماً بأنه يزيدها أعطالا على التي بها. وذات صباح، أمام دكان محجوب بائع الجبن، وأستاذ حسن عبد الحميد ده ذاته قال لبابكر وهو يمر أمامهم:

ـ عال يابابكر، خلاص خليت طبقة الفلاحين وإنضميت للطبقة العامله.

ردّ فرح نيابة عن بابكر:

ـ طبقة عاملة ايه يا أستاذ، بابكر إنتقل الي طبقة الفنيين، الراجل فني اليكترونات يعني باشمهندس تقول له طبقة عاملة.

وهنا قال محجوب ساخراً:

ـ هو فضّل فيها طبقة عاملة ؟

مما جعل حيدر يتدخل رغم قلة كلامه، ويرد بشئ من الحدة:

ـ إنت ما راجل رأسمالي عندك دكان، ما عايز الطبقة العامله صاحبة المصلحة الحقيقية.

وقد اعتقد بابكر أولاً أن الطبقة العاملة التي لم يدافع عنها فرح، وهاجمها محجوب، هي شيئ غير مرغوب فيه، ولكن تدخل حيدر زيّنها في ناظرية مرة أخرى. فهو يؤمن إيمانا قوياً بما يقول حيدر .أما طبقة الفلاحين فلم يكن يدري أنه فلاح أبداً إذ أن الفلاح لايوجد إلا في السيلما وهو يرتدي جلباباً اسود ويحمل ابو عشرة وعنده "داموسة" هكذا فهمها بابكر وهولا يمتلك لا أبو عشرة ولا الـ "داموسة".

حسن عبد الحميد وحسب شهادة فايز، الذي يحضر لموقف الباظات باكراً، رغم أنه نام متأخراً ليلة الأمس ففائز عازف البنقز الأول ببربر. أفاد فائز بأن حسن سافر لبلده داك البعيد في الصعيد. وأضاف متهكماً:

ـ الدايره اليلحقه هناك.

في تلك الحالة يكون أستاذ حسن أهدى لفائز ما يسره.

***

نقل بابكرالي أتبرة في حراسةٍ مشددةٍ، بكل ما تعني تلك الكلمة ، لمتابعة التحقيق معه. وذهب في ذات الحين وفد من أعيان البلد، لتقديم طلب الضمانة، ولشرح أن بابكر لا علاقة له بالسياسة، الممنوعة ولا الغير ممنوعة، إن مسألة الإذاعة نفسها مسألة لعب وضحك أكثر منها..فأستقبلهم الضابط الكبير بمكتبه، وقدم لهم نبذة عن القوانين، والتهم الموجهة لبابكر، وكونه بابكر لا يعرف القانون فهذا ليس بعذر، لأن القانون وحسب رأيه لا يحمي المغفلين، ثم أردف قائلاً:

ـ بعدين ياجماعة إنتو عارفين إنه البلد في حالة حرب مع قوى الإستكبار العالمي والإستلاب الحضاري ، وإنه التعامل مع الأعداء دي جريمة كبيرة يعني...

وهنا قاطعه عمّ الطيب المعروف بحبه لأهل البلد.وقد قال بحدة وغضب ناسياً انه أمام سلطة مهيبة وقوية:

ـ ياودّ أخوي إنت يتحمّل الأمور أكثر من طاقتها، مية مرة قلنالك بابكرده لا بيعرف الأعداء ولا الأصدقاء، ده زول داير يملا وكته باللعب، والضحك، والونسة، وهو عموماً مونس الخلق.

دهش الضابط من هذه الصيغة التي تفوه بها ذلك الشيخ الكبير. ولا يمكن إلا أن نحمد للضابط إنه كان ودّ ناس، يقدر الناس الكبار. فقال مهدئاً الموقف:

ـ طيب يا عمّ الطيب، أقول لك دلوكتي، قدّموا العريضة للقاضي، وبعد ما يوافق، بنطلق سراحه. لكن ما الليله ولا بكره، إنتو أمشوا، وأنا بوعدكم أكمل الباقي حسب الأجراءات المتبعة.

***

كان من عادة كمال قسم الله أن يخرج كل يوم في العصرية، ليجلس أرضاً مع عمّ موسى الذي إعتاد هو أيضاً أن يجلس في إنتظار بائعي القشّ لشراء عشا البهايم. في تلك اللحظة وصل بابكر، ونزل من البرينسة القادمة من أتبرة، مكسور الخاطر..ولكن ولحسن حظه كان أول من قابله كان كمال قسم الله الذي بادره بعبارة أعادت له معنوياته المنهارة:

ـ تعال هنا يا بابكر المناضل الجسور مرحبا بالمناضلين الأحرار.

وقعت تلك العبارة التي إستقبله بها كمال قسم الله موقعا حسناًورفعت من روحه المعنوية لدرجةٍ كبيرةٍ، وجاء محييّا. ولم يدلف لمنزله ليقبع فيه حسبما كان ينوي، بلّ توجه لتوه الي السوق، ماراً بمكتبة السر بريمة. إذ كان يعد نفسة من الطبقة المثقفة، فلا بد له في هذه الحالة أن يكون أول مكان يبدأ به هوالمكتبة، ولم يجد السر ووجد حسن والذي لم يقصّر أبداً في إكرامه بل قام بالواجب كما ينبغي. أما بقية الخلق فقد كانوا جدّ فرحين بمقدمه، وهاك ياشايات وياقهوات ، والجماعة في سوق الخضار أعطوه كيس خضار. وكيس لحم، وكيس خبز. وذهب لبيته مسروراً.


وحينما جنّ الليل ودجى، وجات الصنّة، غير صوت القعوي أو كما يقول ناس الصّعيد القعونجات، وصوت الصبرة يجيك من بعيد. يعطيك إحساساً عميقاً بحزن سرمدي لا متناهي ووحشةٍ وسكون مطبق، حتى يخيّل إليك أنك لوحدك في هذا الكون، وإن الكون لا يعدو أن يكون إلا تلك البقعة التي تحتويك منفرداً. افتقد الناس إذاعة بابكر، وتأكدّ أنها كانت شيئاً مهماً. إذاعة لندن للأخبار وإذاعة بابكر لطعم الحياة في تلك البقعة. وكانت إذاعة بحق ٍوحقيقة، أو كما وصفها سيد الصايم، بأنها تلبي تطلعات الجماهير. فقد كانت تذيع لنا الأخبار التي يعرفها الناس، مثل الليلة نفيسة نفست وجابت بنيّة، إن شاء الله من المستورات.مع أن البلدة من أقصاها إلي أقصاها تعرف أن نفيسة نفست وجابت بنيّة، إلا أن سماع الخبر من إذاعة بابكر لا يؤكد وقوع الحادثة فحسب، فهو يعطيها الوجود الذي لا يدرك الحواس، بلّ بالوجدان..والمعروف عن إذاعة بابكر أنها ما فتئت تجد استحساناً عند أهالي البلدة، فداوموا على سماعها بكرة وأصيلا، وزلفى من الليل، خاصةً عند الأخبار والتي اختار لها بابكر وقتاً فريداً وحيوياً، وهو بعد صلاة المغرب حيث يكون الخلق في تلك الساعة مجتمعين لشرب شاي المغربية في منازلهم، دون التقيد بساعة الحكومة، فيذيع لهم الأخبار التي يعرفونها، وتهمهم. ويمكنهم التأكد من وقوعها. فلا علاقة للخلق هنا بالأمطار الغزيرة التي هطلت بجزر التشي فيشي، ولا الانفجار المدوي الذي وقع بعاصمة الصّقيع وأدى إلي مقتل ثلاثةٍ من المارة. ولا الانتصار الساحق الذي حققه ماثيون علر تريثوك في التزحلق على الجليد. فهم لم يشاهدوا الجليد من قبل، والأمطار عندنا نادرة جداً، ولن يذهبوا لمأتم الثلاثة الذين قتلوا في الانفجار. كانت أخبار بابكر مثل: وصل عثمان أب شريط في باظ الضهر قادما من سنار حمد الله على سلامته المرق من داك البعوض . وغادرنا بقطار تسعة مشترك كريمة كمال الصادق متوجهاً إلي بلاد الشايقية، ربنا يكتب سلامته.أما أخبار الرياضة فدي الوحيدة العامله ليه مشاكل فهو متعصّب جداً لنادي الأمير، وكم من مرة قذفه جماعة اللمل (الأمل) بالحجارة نكاية به وبأخباره. وأما أخبار الوفيات والتي تكون قد عُلِم بها مسبقاً فكانت أقرب للتأبين. وقد حدث مرة أن توفي قريب لبابكر، فلم يتردد في أخذ جهازه معه لبث مراسم الدفن مباشرة. غير أنه وبعد فوات الأوان، أدرك أنه لم يكن موفقاً البتة في هذا، حيث أن جميع الأهالي إما كانوا بالمقابر للمشاركة في الدفن، أو كن في بيت البكا للمسابلة وعمل ملاح الخدرة، والقرع.

في تلك السنة كان هنالك فيضان عارم للنهر الخالد، فأخذ بابكر (زمام المبادرة) بإذاعة اخبار البحر أول بأول، وأحياناً نقل مباشر. مع العلم بأن جميع الأهالي كانوا يذهبون كل يوم للبحر لمعرفة الترعة وقعت أم لا. وأهمّ ما في إذاعة بابكر أنه كان يستعمل لغة جدّ عظيمة.البحر تسّب و البحر شرد، السمك العميان، فلا منسوب النبل ولا إنحساره ولا هم يحزنون. وحكاية البحر تذكرني بالنشرة الجوية فهي تذاع بعد وقوع الحدث لا قبله. وهي تورد أخبار الطقس بالأمس وليس غدٍ أو بعده، يعني ما توقعات الطقس، بل الشيء الذي حدث فعلاً. فتسمع مثلاً أمس بالليل زنقت شوية، بعدين قريب الصبح جابت لها كتاحة بعد الكتاحة جابت لها نسمة باردة. أمس بالليل كان في شوية قرّاص، وقد أخبرني الأستاذ فضل الله حسن عدلان أن معينيفة بها شوية قراص. ومراسلنا بالهجانة الأستاذ عبد المنعم حمدي ذكر بأن الهجانة خالية مؤقتاً من البعوض. وقد ضحك شرف محمد العالم القادم من الخليج, لهذه الفكرة، واقترح عليه أن يقوم باعطاء الفكرة للإذاعة الكبيرة (الما بجيب اسمها) لتنقل لنا أخبار البعوض، ودرجة القراص في مدن السودان المختلفة وأن تبتدع لنا فكرة لقياس درجة القراص والبعوض وحتى العقارب.

لا يُعرف من الذي أوحى له بفكرة الإعلانات، فطاف على الخبازين والتجار وبائعات الواقود، شارحاً فكرته ولكن حينما وصل الي دكان عمّ الطّيب، الذي يكن له قدراً عالياً من الود والمحبة، ويبادله بابكر بذات الإحساس، قائلا له:

ـ يا ولدي هنا التجار ما بيعلنوا عن بضاعتهم، قدر البي تجيهم يا باعوها بالّدس، يا بالدين، لكن أنا بكلمهم ليك يدعموك. سرّ بابكر لكلمة يدعموك وبالدّعم الذي وصله حقيقة، حتى أنه أفرد له برنمجا كاملاً لهذا الدعم، مشيداً بالذين قدموا له الدعم. فقد إفتقد الناس إذاعة بابكر، وأعلنوا له بهذا صراحة، مما زاده يقيناً بأهميته. ولعل أكثر الذين إفتقدوها شقيقتي نونه، التي تداوم على سماع الإذاعات، وخاصة إذاعة بابكر.

***

منذ أن أعطى الخواجة ذلك الجهاز لبابكر، وحّوله بابكر الي إذاعة. فهو صغير الحجم، وسهل التشغيل، ولا يكلف إلا بطارية رخيصة الثمن، وقد تمت مصادرته، حتى البطارية صودرت بحجة حماية الجبهة الداخلية. وقد ساعد في إنتشار إذاعة بابكر عدة عوامل أهمها أن الكهرباء بمدينة بربر، ظلت ولعقود خلت مقطوعة عن البلدة دون أن يهتم أحد من الحكومة بإصلاحها، فلا مسلسل ولا غيره. والثاني هو أن الأهالي لا يحبون سماع الإذاعة الكبيرة (الما بجيب إسمها) فهم يستمعون لإذاعة لندن، وهم ينتظرونها لتنقل لهم خبراً واحداً. المرة الفاتت تأخر كثيراً، المرة دي لم يذع حتى توفى ماجد سرحان.

جاء تنقو الصغير في زيارة لبربر، وكعادته طاف مسلماً على الخلق، كبير وصغير بدون فرز. وعند مروره بمقهى ودّ ابو خفّ، في طريقه ليسلّم على ود أبو عامر وجد بابكر وقد تجمهر حوله خلق كثير، فقال تنقو لبابكر:

ـ إنت يا بابكر تاني ما تقعد في القهاوي، إنت محلك نادي بربر، مع اامثقفين.

وكم كانت إجابة بابكر على تنقو مدهشة حقاً لمن حوله حينما قال:

ـ أنا يا أستاذ محلي مع البروليتاريا المستضعفة أدافع عن قضاياها.

ولما زالت الدهشة من الخلق ضجّوا بالضحك، حتى سمعه كل الخلق بالسوق. ضحك الجميع حتى(شبه جملو) البوليس السري، الذي يعرف جميع الخلق ببربر أنه بوليس سري، ولم يلق القبض طيلة فترة عمله على أحدٍ، حتى تقاعد للمعاش. ولكن (شبه جملو) قال من باب المداعبة لبابكر:

ـ الطبقة العاملة العاوزة تغتس حجرك، أوعك من جنس النضم ده .

أما بابكر فقد ترك عادته القديمة بالصمت عند المواقف الحرجة ,وقال لعبد الجليل:

ـ أيوه يا (شبه جملو) عارفنك بوليس سري، لكن أقول لك قولة، بلد عميانة، ما بتقدر المواهب. وأقولك تاني بلد إنعدمت فيها حرية التعبير.

وضجّ المقهى بالضحك والتصفيق، وانتظر بابكر حتى هدأ المقهى وأردف قائلاً:

ـ أيوه بلد إنعدمت فيها حرية التعبير ......

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى